هل الاتفاقيات التجارية مع الغرب تحقّق مصالح العرب؟

17 مارس 2015
من اليمين غزلان بن عمر وعلي صبيح الساعدي(العربي الجديد)
+ الخط -
وقّع عدد من الدول والتكتلات الغربية اتفاقيات تجارية مع الدول العربية، ما يثير الكثير من النقاشات حول حجم إفادة الأخيرة من هذه الاتفاقيات، وخصوصاً تعزيز منتجها الوطني. وتعرض المحللة الاقتصادية والمالية غزلان بن عمر، وجهة نظرها تجاه مكاسب اتفاقيات التبادل الحر بين الدول الغربية والعربية، حيث اعتبرت أن مكساب هذه الأخيرة "ضئيلة". فيما أكد رئيس اتحاد الصناعات العراقي علي صبيح الساعدي، أن تلك الاتفاقيات حسنت من تنافسية الشركات العربية ومنتوجاتها.


غزلان بن عمر: الاتفاقيات المشتركة مع الغرب ليست لصالحنا
اعتبرت المحللة والمستشارة الاقتصادية والمالية المغربية، غزلان بن عمر، أن فوائد اتفاقيات التبادل الحر بين الدول الغربية والدول العربية كانت جد ضئيلة بالنسبة للأخيرة.

ولإيضاح موقفها، عادت بن عمر في تصريحها لـ"العربي الجديد"، إلى ندوة برشلونة الإسبانية التي عقدت في نوفمبر/ تشرين الثاني من سنة 1995، وحضرها ممثلون عن الاتحاد الأوربي ودول شرق وجنوب حوض البحر الأبيض المتوسط. وقالت المتحدثة ذاتها عن "إعلان برشلونة" إن أول خطوة أعلن عنها هي إقامة منطقة أوروبية/ متوسطية للتبادل الحر، خطوة كانت أهدافها المعلنة، حسب بن عمر، دعم الدول العربية الواقعة شرق وجنوب البحر المتوسط لتطوير اقتصاداتها، إلا أن المساعدات التي وجهها الاتحاد لكل من مصر والمغرب وتونس بقصد إنجاز برامج تقوية بنياتها الاقتصادية ونسيجها الصناعي، كانت دون أثر واضح مباشر على تلك الدول، ولم تترتب عنها أي نتائج تذكر على الدول العربية ومواطنيها.

وأوضحت بن عمر أن الاقتصاديات الكبرى وحدها المستفيدة من اتفاقيات التبادل الحر، لأنها توفر لها أسواقاً جديدة للترويج لمنتوجاتها الصناعية، والتي تكون ذات قيمة مضافة مرتفعة، "كما أنها تنجح في جني مكاسب هائلة من هذه الاتفاقيات، وذلك استناداً لتجربتها في المفاوضات الاقتصادية وحنكة خبرائها في صياغة البنود القانونية للاتفاقيات من جهة، وقدرتها على الحفاظ على الحواجز الضريبية التي تحمي أسواقها من جهة أخرى".

وطرحت غزلان بن عمر، في حديثها مع "العربي الجديد"، المعايير العالية للجودة التي تفرضها الدول الغربية على المنتوجات المستوردة من الدول العربية، والتي تمنحها القدرة على وضع سقف للكميات الواردة منها، وتحدد أثمانها الدنيا بما لا يضر بتنافسية منتوجاتها المحلية. وعن المنتوجات المصدّرة من الدول العربية والتي تستطيع النفاذ إلى أسواق الدول الغربية، قالت بن عمر إنها لا تتجاوز المنتوجات الزراعية، المواد الأولية الخام، أو نصف المصنّعة، والمنتوجات الصناعية ذات القيمة المضافة الضعيفة.

وزادت بن عمر في تصريحها "واصل الاتحاد الأوروبي سعيه لإقامة منطقة للتبادل الحر مع دول الحوض المتوسطي بتوقيع اتفاقيات مع كل دولة على حدة، ويتعلّق الأمر بكل من تونس والمغرب ومصر والأردن، غير أن هذه الاتفاقيات وإن كانت قد منحت على الخصوص لكل من تونس والمغرب فرصة الرفع من قيمة صادراتها، فإنها بالمقابل لم تمكّنها من تنويع تلك الصادرات ومن امتصاص العجز الذي ظل جاثماً على ميزانها التجاري".

وذكّرت بن عمر بلقاء مجموعة من الدول العربية بالمسؤولين الأوروبيين في مدينة أكادير، جنوب المغرب، سنة 2001، والتي كانت ستحسّن شروط التفاوض لفائدة الدول العربية، قصد ضمان الحد الأدنى من التوازن في المصالح والمنافع المتبادلة. لكن، وحسب المتحدثة نفسها، لم يجر تفعيل الاتفاقية، لأن الاتحاد الأوروبي وجد أن مصلحته تكون في توقيع اتفاقية مع كل دولة على حدة كي يفرض شروطه.

وشددت غزلان بن عمر على أن المنطقة العربية تزخر بإمكانيات هائلة بشرية واقتصادية ترشحها لأن تكون في وضعية المفاوض القوي والجدي، وما من خيار أمام هذه الدول غير التكتل.

علي صبيح الساعدي: الاتفاقيات حسّنت جودة المنتج العربي
قال رئيس اتحاد الصناعات العراقي علي صبيح الساعدي، إنه لا يمكن تجاوز أهمية ما حققته اتفاقيات التبادل الحر بين الدول العربية والدول الغربية. وأضاف أن المناطق الحرة التي تنشأ بموجب شراكات مع هذه الدول، استطاعت تحسين التنافسية الداخلية للأسواق العربية، ومنحت قوة للتبادل التجاري، كما زادت من مردودية العديد من الشركات العربية، التي رفعت من جودة منتجاتها لكي تلبي حاجات السوق والمستهلكين.

وأوضح المهندس صبيح، في تصريح إلى "العربي الجديد"، أن الأثر الإيجابي للمناطق الحرة، وإن لم يكن بنسبة 100% لمصلحة الدول العربية كما هو منتظر، لكنه شكل فرصة لهذه الدول، من أجل نفاذ العديد من منتجاتها إلى الأسواق الغربية، واقتحام أسواق بحد أدنى من التسهيلات الجمركية لتصدير السلع والمعدات والمواد الطاقية.

واعتبر المتحدث ذاته، أن استفادة الدول الغربية وكيانات مثل الاتحاد الأوروبي بشكل أفضل من الدول العربية من هذه المناطق الحرة أمراً طبيعياً، نظراً لقوة الاقتصادات الغربية، واعتمادها بشكل كبير على التصنيع عوض تصدير المواد الأولية، بالإضافة إلى تحركها كوحدة اقتصادية وسياسية منسجمة أثناء المفاوضات.

وشدد الساعدي، على أن مفتاح تقوية اتفاقية التبادل الحر لتكون في مصلحة الدول العربية، أو تحقق التكافؤ على الأقل على مستوى المنافع الاقتصادية، يكمن في إيمانها بضرورة خلق مناطق عربية حرة مشتركة، تكسب البضائع والمواد المختلفة قيمة إضافية عالية.كما أن الدول العربية حسب المتحدث ذاته، ملزمة اليوم بالإسراع في تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية المشتركة، والجلوس إلى طاولة المفاوضات مع باقي الدول ككيان واحد.

ولفت المهندس علي صبيح في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى ضرورة ضمان تنقل العمالة بشكل سلس، والكفاءات، والبضائع، وكذلك التوظيف الحر للأموال وتنقل الأشخاص بين الدول العربية. لأن هذه العوامل من وجهة نظره، تكسب منتجات الدول العربية وموادها المصنعة، إمكانية المنافسة القوية في الأسواق العالمية، نظرا للقوة التي تكتسبها من تواجدها القوي داخل الأسواق الداخلية، وذلك ما يرفع من قيمتها، ويعزز فرص منافستها على المستوى العالمي.

وختم رئيس اتحاد الصناعات العراقي علي صبيح الساعدي تصريحه إلى "العربي الجديد"، بالتأكيد على استحالة تحقيق كل ذلك من دون استقرار أمني وسياسي. فقد اعتبر أن ما يضعف القوة التفاوضية للدول، وما يجعلها أسواقا فقط لتصريف البضائع والمواد المصنعة، هي هشاشة الدولة وعدم قدرتها على ضمان الاستقرار الذي يستقطب الاستثمار.

إقرأ أيضا: عمر أنيس الزرماطي: سياحة اليخوت في تونس واعدة

المساهمون