هكذا يُستغلّ المرضى في مصر

12 يناير 2017
في إحدى صيدليات مصر (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

يوماً بعد يوم، يتدنى مستوى الخدمات الصحيّة في القطاع الحكومي في مصر، بسبب عدم توفّر الأطباء الكفوئين في مختلف التخصّصات، والأجهزة الطبيّة الأساسية، والأدوية المجانيّة، وغيرها. وصارت المستشفيات الخاصة هي البديل، علماً أن عائلات مصريّة كثيرة تعيش تحت خط الفقر. وفي واقع كهذا، تدنّى مستوى العلاج الخاص أيضاً، وقد حوّله بعض الأطباء إلى تجارة بالشراكة مع شركات الأدوية، والهدف هو استغلال المرضى.

وعادةً ما يعتمد المرضى الفقراء سياسة الجدال مع أصحاب الصيدليّات في محاولة للتقليل من الأدوية التي تتضمنها "الروشتّة" (الوصفة الطبية)، في محاولة للتخفيف من الكلفة الباهظة، آملين ألا يؤثّر ذلك سلباً على علاجهم.

تصف ياسمين، وهي طبيبة ثلاثينيّة تعمل في القطاعين الحكومي والخاص، ما يحصل في المستشفيات الحكومية بأنه أشبه بـ "خداع". وتلفت إلى أنّ المريض يحصل على العلاج الذي تصرفه له صيدلية المستشفى الحكومي، وقد ظنّ أنه تلقّى خدمة مدعومة في مقابل المال القليل الذي يدفعه. لكنّ الحقيقة أن العلاج يحتوي فقط على 10 في المائة ممّا يحتاجه. وتشرح أن عبارة "غير مصرّح بالتداول خارج وزارة الصحة" خادعة، مشيرة إلى أنّ الأطباء في المستشفيات الحكومية يعلمون بأنّ هذه الأدوية لا تعدّ علاجاً حقيقياً. لذلك، يلجأ بعض الأطباء الذين يحرصون على صحة المرضى، إلى نصحهم بشراء الأدوية من الصيدليات الموجودة خارج المستشفيات، للتأكد من الحصول على الجرعات اللازمة للشفاء.

وفي محافظة الشرقية، يعاني نحو 60 في المائة من سكان المحافظة من مشاكل في الكلى بسبب تلوّث المزروعات بشكل أساسي، أي الفاكهة والخضار التي يتناولونها يومياً، بسبب استخدام المواد الكيميائيّة السامة والمبيدات المغشوشة التي تروّجها الشركات في المحافظة. وعلى الرغم من كثرة شكاوى الفلّاحين والمواطنين، فإنّ استجابة الدولة تكاد تكون معدومة. يقول أستاذ المواد السامة في جامعة الزقازيق، محمد المصري، إن "المبيدات المغشوشة في المحافظة تؤدي إلى إصابة العشرات بالأمراض يومياً".




وما زاد الطين بلّة إصدار وزارة الصحة، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قراراً برفع سعر أدوية علاج الفشل الكلوي إلى الضعف، وسط حديث عن احتمال أن يشمل ارتفاع الأسعار أدوية جديدة. وكالعادة، مهّدت الشركات الحكومية والخاصة والدولة لذلك الارتفاع، من خلال الحد من عرض أحد الأدوية الخاصة بعلاج الفشل الكلوي حتى اختفى من الأسواق، وأصبح الناس على استعداد لشرائه بأي ثمن لإنقاذ حياتهم أو حياة ذويهم. وسبق ذلك ارتفاع سعر غسيل الكلى. هذا الارتفاع بالأسعار يعني أن الفقر قد يعدّ سبباً للوفاة.

"إرحمونا من الإهانة، وكفاية ارتفاع سعر الدواء والغسيل". صرخة يُطلقها أحد المرضى الصعايدة بسبب معاناته من سوء المعاملة، وتقليص العلاج الذي يحتاجه. يقول إنّه يذهب إلى مركز غسيل الكلى في المستشفى العام في أسيوط ثلاث مرات أسبوعياً، علماً أنّ باقي المستشفيات في المحافظة لا تكفي المرضى، مشيراً إلى أنّه يتحمّل سوء المعاملة للبقاء على قيد الحياة.

ولا يقتصر الأمر على عدم الاهتمام بالوقاية من الأمراض واستغلال المرضى لتحقيق الأرباح. فقد دافع نقيب الصيادلة محيي عبيد عن أعضاء النقابة العامة لصيادلة مصر، وحمّل وزارة الصحة، خصوصاً لجنة الفيروسات الكبدية، المسؤولية، إذ يفترض بها الإشراف على علاج أكثر من خمس عشرة مليون مصري مصابين بمشاكل في الكبد. ويقول إنّ اللجنة تستغل المصريين كفئران تجارب، وتشترط على المريض أن يوقع إقراراً بالموافقة على استخدام الأدوية الجديدة، علماً أن نتائجها غير مؤكدة، وقد أضرّت بـ 30 في المائة من المرضى الذين جرّبوا العلاج.

نقص في الميزانية

تكشف التقارير الرسمية عن ضعف كبير في المنظومة الصحية في مصر، بسبب انخفاض ميزانية الصحة. علماً أن ثلث الميزانية تُصرف على الموظفين. وتعاني المستشفيات من نقص في الأدوية بنسبة 52% في المدن و82% في الريف، ونقص في المعدات الطبية بنسبة 51% في المدن و70% في الريف، والأطباء الممارسين بنسبة 40%.

دلالات
المساهمون