حاول الطفل الفلسطيني، سفيان أبو حتة، أن يجد لعبته التي فقدها وهو في طريقه إلى منزل عائلة والدته في حارة "الحريقة" في الجهة الشرقية لمدينة الخليل، بالقرب من سياج مستوطنة "كريات أربع" المقامة هناك، لكن جنود الاحتلال تربصوه وأرعبوه، واعتدوا عليه في مشهد لا يمكن تصديقه.
في فيدو نشرته منظمة "بيتسيلم" الحقوقية، يَظهرُ عدد من جنود الاحتلال الإسرائيلي وهم يسحبون طفلا فلسطينيا، في الثامنة من عمره حافي القدمين، ويتنقلون به من منطقة لأخرى ومن بيت لبيت، في محاولة لإرغامه على إرشادهم لأطفال يتذرع جنود الاحتلال بأنهم رشقوهم بالحجارة.
يبدو المشهد قاسياً جدا، صرخات الأم تطغى على ضجيج الجنود وصراخهم، يبدو سفيان خائفا جدا، وعيناه تبحث عن مساعدة تخلصه من الرعب الذي خلقه له الجنود، الذين يمسكون به بقوة لا تتحملها طرواة عظامه، ولا نعومة أظافره، رغم أنه يحاول أن يستوعب ما يجري حوله، وكيف تحول طموحه من أن يجد لعبته المفقودة إلى أمل بالخلاص من طغيان الجمود.
القصة تعود إلى يوم الأحد الماضي، حين كانت الأم أماني أبو حتة في زيارة لمنزل عائلتها في الحارة القريبة من سياج المستوطنة، سبقت طفليها مع ساعات الصباح، بينما التحق بها سفيان وشقيقه بعد الظهر، إلى أن أخبرها أنه فقد لعبته وسيذهب للبحث عنها في الخارج.
وتقول أبو حتة لـ"العربي الجديد" إنها "منعت طفلها سفيان من الذهاب للبحث عن لعبته المفقودة، خوفا من حارس المستوطنة، الذي كان يتواجد بالقرب من المكان، وأن الطفل الصغير غافلها وخرج حافي القدمين ولا يرتدي إلا جرابات سوداء، حتى أخبرها الجيران أن جنود الاحتلال اعتقلوا طفلها الصغير".
خرجت الأم الخائفة للبحث عن طفلها في الخارج، ووجدته برفقة عدد مم جنود الاحتلال، مسحوبا بقوة السلاح باتجاه سياج المستوطنة، ووسط صراخها، وبكائها حاولت تخليصه منهم، لكنها لم تتمكن من ذلك، وسحب الجنود الطفل الخائف إلى مكان آخر، وهم يحاولون إخضاعه لتحقيق ميداني، وإجباره على الحديث عن مكان أطفال رشقوهم بالحجارة.
وتشير الأم إلى أن طفلها لا يعرف أحدا في ذلك الحي، فهو يعيش في مكان آخر، ولا يأتي إلى بيت جده سوى في زيارات معدودة، وأن عشرات الجنود الذين حاصروه ارتكبوا بذلك جريمة تحاسب عليها المنظمات الدولية والحقوقية التي تعنى بحقوق الطفل.
تمكنت النساء من تخليص الطفل من بين عشرات الجنود، وسحبه منهم وإعادته إلى حضن والدته، مع أن جنود الاحتلال حاصروه رغم سنوات عمره الثماني، وبراءة طفولته، وأغلقوا عينيه، وفمه، وخطفوه من أمام المنزل، وصرخوا في وجهه وجعلوه يبكي، بل تسببوا له بأزمة نفسية لعدة أيام.
في ذات اليوم، تقول الأم أن طفلها لم يقدر على النوم، ولا في اليوم التالي، وأصبح شديد الخوف، لا سيما من جنود الاحتلال، رغم أنه في السابق لم يكن كذلك، بينما لم يتمكن من المشي بسبب تشنج في قدميه، بعد سحبه مرغما حافيا، ولم يسمحوا له حتى بارتداء حذائه.
في نهاية الفيديو المنشور، يبدو عدد جنود الاحتلال الذين خطفوا طفلا في الثامنة من عمره، كان يبحث عن لعبة طفولته، أكبر من عدد جنود يعدون العدة لخوض حرب كبيرة، مما يجعل أطفال فلسطين يكبرون قبل أوانهم.