هكذا أفشلت إسرائيل مفاوضات القاهرة

21 اغسطس 2014
تضاهرة مناهضة للعدوان في نيويورك (getty)
+ الخط -

كان إصرار إسرائيل، في آخر لحظة، على ربط فتح المعابر والميناء وإجراءات أخرى تمهيداً لرفع الحصار عن غزة، بشرط موافقة فلسطينية على نزع سلاح المقاومة، السبب الرئيسي لانهيار محادثات الهدنة في القاهرة ليل الإثنين الماضي. لكن الخطة الإسرائيلية، كما تشير المعلومات والتصريحات الإسرائيلية نفسها، تقضي بتهيئة الرأي العام العالمي لحملة جديدة من التصفيات الجسدية لقادة حركة "حماس" في القطاع، وفي الوقت نفسه إحداث صراع فلسطيني داخلي وعزل المقاومة الفلسطينية. فوفقاً لقيادي في منظمة التحرير الفلسطينية، كان عضواً في وفد مفاوضات القاهرة، أعادت إسرائيل طرح شرط تجريد المقاومة من سلاحها بعد أن قدم الفلسطينيون مشروع نص للاتفاق، جرى تعديله أكثر من مرة لضمان وقف الهجوم الإسرائيلي، لكن رد الاحتلال ربط الموافقة بإنهاء "أي تواجد عسكري" للفصائل الفلسطينية في غزة. الاتفاق الفلسطيني المقترح، الذي نشره "العربي الجديد"، نص على فتح المعابر وتوسيع رقعة مساحة الصيد على البحر، مع موافقة مبدئية على عودة الحركة إلى الميناء مع تأجيل البحث بالتفاصيل والتباحث بقضية الإفراج عن الأسرى إلى شهر من تاريخ توقيع الاتفاق.

لكن الوفد الإسرائيلي، ومن خلال الوسيط المصري، أعاد النص مع تعديلات هي أكثر منها شروط للموافقة على البنود المقترحة في الورقة الفلسطينية، أهمها أن يكون التنفيذ وفقا لاتفاقيات "التنسيق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية"، وسحب أسلحة المقاومة.

الوفد الفلسطيني، بجميع مكوناته، رفض الشروط بوصفها أقرب إلى استسلام فلسطيني، عدا أنها توفر لإسرائيل الذرائع للمماطلة وشن هجمات على غزة بحجة عدم التزام الفلسطينيين بما في ذلك السلطة الفلسطينية، وليس حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" فحسب، ببنود اتفاق الهدن وبالتالي تشريع أي عدوان قادم.

إن شرط إسرائيل بأن يكون التنفيذ منوطاً باتفاقيات التنسيق مع السلطة الفلسطينية، لم يحدث شرخا في الوفد، لأن الجميع، وفقاً لمسؤول فلسطيني رفيع المستوى، اعتبر أن الموافقة على مثل هذا البند هو بمثابة الإقرار لإسرائيل بحق الفيتو على مراحل التنفيذ، إذ إن ما يسمى "بالتنسيق" يعني عملياً موافقة إسرائيل على أي خطوة أو رفض أي خطوة تعتبرها "خرقاً لمتطلباتها الأمنية".

الشروط الإسرائيلية لم تكن مفاجئة تماماً، إذ إنها معلنة بشكل أو بآخر، سواء من خلال الحملات الصهيونية في أوروبا والولايات المتحدة، أو التصريحات الرسمية الإسرائيلية، التي ركزت على الشروط الأمنية الإسرائيلية وعلى "حرصها على عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة"، وفي الوقت نفسه اتهام الرئيس محمود عباس بالضعف والفشل في لجم حركة "حماس" والفصائل المسلحة.

الحملة الإسرائيلية، كانت ولا تزال مدعومة بتصريحات أميركية، ومقالات في الصحف تدعو إلى حل نهائي للوضع في غزة بعودة السلطة إلى غزة بشروط إسرائيلية، أساسها وأهمها الإشراف على نزع سلاح المقاومة وقمع الفصائل. لكن الوفد الفلسطيني في القاهرة، وفي تفاهم بين جميع الفصائل، رفض الشروط أو الدخول بها، وخصوصاً أن الجميع، أو على الأقل أغلبية القيادات، متفقة على أن إسرائيل تهدف إلى تقويض اتفاق المصالحة وعودة التناحر، خاصة بين "حماس" و"فتح".

لكن ما كشفته الأحداث وما لم يخفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مؤتمره الصحافي الأخير، هو الخطة الإسرائيلية القاضية ببدء تصفية قيادات "حماس"، فمحاولة اغتيال محمد الضيف، والتي أدت إلى قتل زوجته وطفلته وطفله، هي جار للعائلة، واغتيال ثلاث من القيادات فجر الخميس، كانت معدة سلفاً ولم تكن وليدة اللحظة.

لكن حملة الاغتيالات، استلزمت إفشال المفاوضات والتهدئة، ولوم الفلسطينيين و"حماس" تحديداً، مع أن الشق الآخر للتمهيد للحملة، ألا وهو إحداث انقسام معلن في الوفد الفلسطيني، لم تنجح، والاحتمالات مفتوحة الآن على تصعيد في الضفة، مع استمرار محاولات اغتيال قادة "حماس"، مرفقة بإيقاع ضحايا من السكان بهدف تثوير الناس على المقاومة ووجودها.

المساهمون