هكذا أطاح الأسد بوزير الدفاع الأميركي

27 نوفمبر 2014
هيغل رفض تحجّج ديمبسي بمبررات سياسية (سول لوب/فرانس برس)
+ الخط -

يكشف مصدر دفاعي أميركي لـ "العربي الجديد" جانباً غير معلن من أسباب استقالة وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل، موضحاً أن الاستقالة لم تكن بسبب الخلاف في الرؤية مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، ولكن بسبب إقحام رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي على خط الجدل السياسي بشأن الرئيس السوري بشار الأسد.

ويؤكد المصدر أن أوباما وهيغل "كانا قادرين دوماً على التفاهم والعمل سوياً في ظل أي تباين في الرؤى، ولكن المشكلة تفاقمت عندما بدأ ديمبسي يبدي اعتراضه، من زاوية سياسية لا عسكرية، على أفكار يطرحها رئيسه المباشر وزير الدفاع، الأمر الذي رفع درجات الغضب إلى أقصى حد لدى هيغل".

ومن أهم الاقتراحات التي تقدم بها هيغل للبيت الأبيض وفقاً للمصدر، أن يشمل القصف الجوي على سورية أهدافاً تابعة لنظام الأسد، كمقدمة للإطاحة به، لكن هذا الاقتراح لم يرق لأوباما ولا لوزير خارجيته جون كيري، ومع ذلك فقد اتفق ثلاثتهما على الاحتكام أولاً إلى ديمبسي لإبداء وجهة نظر عسكرية، قد تساعد على تحديد المسار السياسي.

وكان الهدف السياسي الذي يريد هيغل تحقيقه من استهداف نظام الأسد، هو نزع المبرر الأخلاقي الذي يستند إليه تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في حصوله على دعم وتعاطف السوريين والعرب، الأمر الذي يساعد التنظيم في استقطاب المزيد من المقاتلين والمتطوعين كل يوم.

ويكشف المصدر أن "ديمبسي لم يستحسن الرأي وهذا من حقه، ولكنه عجز عن إيراد أي مبررات عسكرية تجعله يُفضّل تجنّب قصف الأسد، وأوغل كثيراً في إيراد المبررات السياسية التي تتطابق مع ما يطرحه أوباما وكيري، وهي مبررات ليست من شأنه كمسؤول عسكري، وكان عليه أن يحدد فقط المخاطر الميدانية من القصف أو عدم القصف ليس إلا".

وينفي المصدر أن يكون ديمبسي طامحاً في الحلول مكان هيغل كوزير للدفاع، موضحاً أنه "لا يمكن تعيين أي جنرال أو أي عسكري سابق أو حالي في منصب وزير الدفاع، وربما هيغل كان الوحيد من بين وزراء الدفاع ممن حمل في فترة من حياته رتبة عريف، ولكنه أمضى سنوات طويلة بعد ذلك في الحياة المدنية، الأمر الذي جعله مؤهلاً لتولي منصب وزير الدفاع".

ويضيف المصدر مبتسماً: "إذا كان لدى ديمبسي طموح في أن يحل محل أحد فعليه أن يطيح بكيري، لأن الولايات المتحدة الأميركية لا تمانع أن يكون وزير خارجيتها جنرالاً، أما وزير الدفاع فلا بد أن يكون مدنياً".

ويشرح المصدر الأميركي أنه "لم يكن من خلاف بمعنى الخلاف المتبادل بين وزير الدفاع ورئيس الأركان، ولكن الغضب كان من طرف واحد هو طرف هيغل، لأن وزراء الدفاع الأميركيين هم تاريخياً مدنيون، ولديهم حساسية مفرطة تجاه إدلاء العسكر بآرائهم السياسية، وهذا ما لم يستوعبه الرئيس".

ويكشف أيضاً أن الأمر الذي ضاعف من غضب هيغل، هو تطرّق ديمبسي في أحد الاجتماعات التي حضرها في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، إلى ما قد يسفر عنه توجيه ضربات جوية للنظام السوري من ضرر على سير المفاوضات مع إيران بشأن ملفها النووي.

ويشير المصدر إلى أن وزير الدفاع يعتقد بقوة أن الجنرالات لا يجب أن يقحموا أنفسهم في تفاصيل كهذه لأن هذه الأمور من شأن السياسيين، لكن ديمبسي كان يجادل بأن الموقف الإيراني السياسي يؤثر على عمله ميدانياً.

ويرى أن هيغل كان يحترم رئيس الأركان ويعتز بقدراته الميدانية، ولذلك لم يشأ أن يتفاقم الصراع معه، لكنّ مصدراً آخر في البيت الأبيض كان قد أكد سابقاً لـ "العربي الجديد" أن هيغل لم يقدم استقالته، إلا بناء على طلب من البيت الأبيض.

وكان وزير الدفاع يُدرك تماماً أن عدم تلبيته لما طُلب منه معناه أن يواجه الإقالة، بدلاً من الاستقالة، وهو أمر لا يرضاه أي مسؤول لنفسه ولتاريخه.