إنهم يهزمون الحرب. شباب من اليمن يصنعون أفلاماً ويكتبون القصة وينشرون مقالاتهم في الصحف العربية ويصدرون الروايات ودواوين الشعر في بيروت والقاهرة. لقد نجحوا في اختراع حياتهم ورفضوا أن تموت تحت نيران الحرب التي تلتهم كل مكان من البلاد التي كانت سعيدة، ولا كهرباء فيها منذ أربع سنوات. لكن، كما ظهر، فإن الشباب لهم القدرة على اختراع حياتهم البديلة بلا دعم رسمي؛ فلا وزارة ثقافة أو وزارة شباب أو جهات دعم أُخرى. شبّان يحفرون حياتهم بأيديهم. من سيُفكر من الأساس في دعم هذه الثقافة في هذا الوقت الهلامي وكل من في السلطة يبحث عن دعم نفسه والبحث عن أرضيّة صلبة تحميه بعد انتهاء هذه الحرب التي طالت.
لكن الغريب وسط هذا كلّه، أن يأتي شاب يمني، وسط كل تلك الكوارث، وسط ضجيج العدوان السعودي على اليمن الفقير، ليُنتج أغنية باللغة اليابانية! نعم. لقد حصل هذا الأمر.
هو هشام توفيق (1988) المولود في منطقة تعز اليمنية (جنوب صنعاء). مدينة الثقافة اليمنية. لكن، بحكم المركزية، لا بد أن تأتي الموهبة إلى العاصمة صنعاء كي تجد لنفسها فرصة للظهور. غير أن من حُسن حظ هشام أن والده انتقل إلى صنعاء حيث شغله. ومنها انتقل إلى اليابان. ويقول لنا صاحب هذا الصوت الجميل في حديث إلى "العربي الجديد": "بعد رحلة الحياة في صنعاء كان السفر إلى اليابان رفقة والدي الذي ذهب هناك للدراسة وأقامنا هناك لأربع سنوات. وبعد عودتنا إلى البلد، كنت لا أزال محتفظاً بأشرطة الكاسيت التي فيها أغانٍ يابانية لفنانين لم أكن وقتها أعرفهم، فقط كنت أستمتع بنغمهم وخيالهم الذي كان يسحرني، خصوصاً أن النغمات اليابانية كأنها خُلقت من غير حاجة لمترجم يقوم بتحويلها إلى كلمات".
وقبل ذلك، يقول لنا هشام عن تجربته في اليابان؛ حيث كان في مدرسته "نوبو تاكى يو ايتشن" يستمتع ويتعلّق بجمال عزف أستاذة البيانو الخاصة بالفصل الذي كان يدرس فيه. من هناك بدأت رحلته اليابانية.
بعد عودته إلى اليمن ولفتره طويلة، بقي يستمع لتلك الأشرطة التي حملها معه. وبعدها ارتبط مع جمعية "الصداقة اليمنية اليابانية" في صنعاء، حيث واصل دراسته للغة اليابانية عبر الفصول الدراسية التي كانت تتيحها للراغبين، وعلى وجه الخصوص أولئك الذين لديهم خلفية جيدة بتلك اللغة. "خلال تلك الفترة، نجحت في حفظ المزيد من الأغاني وفهم معانيها بقدر أكبر من تلك الفترة العُمرية الصغيرة التي لم تكن تتيح لي فهم معاني تلك الأعمال. لهذا، وأنا في العُمر الذي صرته، أصبحت أكثر ارتباطاً بها"، يخبرنا هشام، مواصلاً حكايته حول فكرة عمل "ميكس" لأغنية يابانية يمنية: "لقد أتت من فكرة كون الموسيقى لغة عالمية لا تحتاج لفهم بين الشعوب وحاولت فيها ربط وتعريف المجتمع اليمني والياباني بالتراث الغنائي لكل شعب"، وهو الأمر الذي دفعه، بعد النجاح الذي لاقاه العمل الذي قام به، للتفكير في إصدار أكثر من أُغنية على السياق ذاته من الأغاني، واختيار الأعمال اليمنية التي بإمكانها إتاحة مساحات كثيرة لتجديدها، وكل هذا بما يتناسب مع قدراته وإمكاناته.
اقــرأ أيضاً
وحين نسأله عن الجهات الداعمة يقول: "الإنتاج غالباً شخصي مع تعاون من أصدقاء أعزّاء كل واحد بما يملكه من قدرات، فواحد يساعد بالعزف والثاني يساعد بالتصوير وآخر يعمل في المونتاج وبث العمل على اليوتيوب". ويضيف بأنهم جميعاً يقاومون الموت بالغناء والعمل: "صار من الصعب أن تجد من يدعمك مادياً كي تقدم أُغنية والناس تموت من الجوع". يقول لنا هشام، مشيراً إلى مسألة الشغف التي تدفع الشباب كي يفعلوا شيئاً يبقيهم على قيد الحياة أيضاً.
وعن كيفية إدارته لحياته اليومية ومصاريفها وهو المستقل عن أسرته مادياً، حكى لنا بأنه صار يُشارك في حفلات الأعراس والغناء فيها. "إنها تدر دخلاً مالياً جيداً، كما أن الجمهور الحاضر في تلك الحفلات يمنحني شعور الغناء في مسرح ضخم وناس كُثر يستمعون إليّ".
لكن الغريب وسط هذا كلّه، أن يأتي شاب يمني، وسط كل تلك الكوارث، وسط ضجيج العدوان السعودي على اليمن الفقير، ليُنتج أغنية باللغة اليابانية! نعم. لقد حصل هذا الأمر.
هو هشام توفيق (1988) المولود في منطقة تعز اليمنية (جنوب صنعاء). مدينة الثقافة اليمنية. لكن، بحكم المركزية، لا بد أن تأتي الموهبة إلى العاصمة صنعاء كي تجد لنفسها فرصة للظهور. غير أن من حُسن حظ هشام أن والده انتقل إلى صنعاء حيث شغله. ومنها انتقل إلى اليابان. ويقول لنا صاحب هذا الصوت الجميل في حديث إلى "العربي الجديد": "بعد رحلة الحياة في صنعاء كان السفر إلى اليابان رفقة والدي الذي ذهب هناك للدراسة وأقامنا هناك لأربع سنوات. وبعد عودتنا إلى البلد، كنت لا أزال محتفظاً بأشرطة الكاسيت التي فيها أغانٍ يابانية لفنانين لم أكن وقتها أعرفهم، فقط كنت أستمتع بنغمهم وخيالهم الذي كان يسحرني، خصوصاً أن النغمات اليابانية كأنها خُلقت من غير حاجة لمترجم يقوم بتحويلها إلى كلمات".
وقبل ذلك، يقول لنا هشام عن تجربته في اليابان؛ حيث كان في مدرسته "نوبو تاكى يو ايتشن" يستمتع ويتعلّق بجمال عزف أستاذة البيانو الخاصة بالفصل الذي كان يدرس فيه. من هناك بدأت رحلته اليابانية.
بعد عودته إلى اليمن ولفتره طويلة، بقي يستمع لتلك الأشرطة التي حملها معه. وبعدها ارتبط مع جمعية "الصداقة اليمنية اليابانية" في صنعاء، حيث واصل دراسته للغة اليابانية عبر الفصول الدراسية التي كانت تتيحها للراغبين، وعلى وجه الخصوص أولئك الذين لديهم خلفية جيدة بتلك اللغة. "خلال تلك الفترة، نجحت في حفظ المزيد من الأغاني وفهم معانيها بقدر أكبر من تلك الفترة العُمرية الصغيرة التي لم تكن تتيح لي فهم معاني تلك الأعمال. لهذا، وأنا في العُمر الذي صرته، أصبحت أكثر ارتباطاً بها"، يخبرنا هشام، مواصلاً حكايته حول فكرة عمل "ميكس" لأغنية يابانية يمنية: "لقد أتت من فكرة كون الموسيقى لغة عالمية لا تحتاج لفهم بين الشعوب وحاولت فيها ربط وتعريف المجتمع اليمني والياباني بالتراث الغنائي لكل شعب"، وهو الأمر الذي دفعه، بعد النجاح الذي لاقاه العمل الذي قام به، للتفكير في إصدار أكثر من أُغنية على السياق ذاته من الأغاني، واختيار الأعمال اليمنية التي بإمكانها إتاحة مساحات كثيرة لتجديدها، وكل هذا بما يتناسب مع قدراته وإمكاناته.
وحين نسأله عن الجهات الداعمة يقول: "الإنتاج غالباً شخصي مع تعاون من أصدقاء أعزّاء كل واحد بما يملكه من قدرات، فواحد يساعد بالعزف والثاني يساعد بالتصوير وآخر يعمل في المونتاج وبث العمل على اليوتيوب". ويضيف بأنهم جميعاً يقاومون الموت بالغناء والعمل: "صار من الصعب أن تجد من يدعمك مادياً كي تقدم أُغنية والناس تموت من الجوع". يقول لنا هشام، مشيراً إلى مسألة الشغف التي تدفع الشباب كي يفعلوا شيئاً يبقيهم على قيد الحياة أيضاً.
وعن كيفية إدارته لحياته اليومية ومصاريفها وهو المستقل عن أسرته مادياً، حكى لنا بأنه صار يُشارك في حفلات الأعراس والغناء فيها. "إنها تدر دخلاً مالياً جيداً، كما أن الجمهور الحاضر في تلك الحفلات يمنحني شعور الغناء في مسرح ضخم وناس كُثر يستمعون إليّ".