أكثر ما يدفع السوريّين للهجرة هو انعدام الأمان. بطبيعة الحال، يعدّ هذا الأمر هاجساً بالنسبة إليهم. فالمنطقة الآمنة اليوم قد لا تبقى كذلك غداً أو بعد أشهر عدّة. الحرب تتمدّد، وليست هناك أمكنة محدّدة للتفجيرات، فضلاً عن مخاطر الخطف والاعتقال وربما القتل. وفي كثير من المناطق، يخشى الشباب أن يجبروا على الالتحاق بالخدمة العسكرية، خصوصاً في المناطق التي يسيطر عليها النظام.
تشير التقديرات إلى أن هناك نحو خمسة ملايين سوري باتوا خارج بلدهم، بالإضافة الى أكثر من سبعة ملايين آخرين نزحوا إلى مناطق أخرى داخل البلاد. هذا النزوح والهجرة يطاول جميع السكان، خصوصاً الشباب.
لم تكن سورية بلداً يؤمن الرفاهية لمواطنيه قبل بدء الحرب، لكن كانت حياة معظم الناس مستقرة نسبياً، على الرغم من تدني الأجور بشكل عام. لكنّ وطأة الحرب جعلت غالبية الناس يعيشون ظروفاً صعبة في ظل انعدام فرص العمل، وغلاء الأسعار، وتراجع قيمة العملة المحلية. وباتت عائلات كثيرة تعاني من الفقر، ولا يحول بينها وبين الموت جوعاً سوى ما تتلقاه من مساعدات متفرقة من بعض الجمعيات، أو الأقارب خارج البلاد.
يقول لؤي السعدي، الذي كان والده يملك مطعماً في منطقة الميدان في دمشق، إنهم اضطروا إلى مغادرة البلاد قبل ثلاثة أعوام والانتقال إلى تركيا، وافتتحوا في مدينة إسطنبول مطعماً مماثلاً لبيع الفول والحمص والفلافل. يوضح أن "الأمر لم يكن سهلاً في البداية بسبب الإجراءات والقوانين التركية، وعدم معرفتنا باللغة التركية. إلا أن الأمور تحسنت شيئاً فشيئاً، وهناك إقبال جيد على مطعمنا اليوم، خصوصاً من السوريين في المدينة الذين يزداد عددهم باستمرار".
اقــرأ أيضاً
وعن سبب مغادرته سورية، يقول السعدي إنه أدى الخدمة العسكرية، لكن شقيقه الأصغر لم يفعل. مع ذلك، كانا يخشيان أن يساقا إلى الخدمة. قرّرا السفر إلى تركيا، ثم لحقت بهما بقية العائلة.
من جهته، يقول المستثمر م. د.، إنه كان يتردد على تركيا قبل بدء الأزمة في سورية، بداعي العمل أو السياحة، لافتاً إلى أنه لم يجد صعوبة كبيرة في افتتاح مشاريعه هناك، وهي محال تؤمن احتياجات السوريين المختلفة. يرى أن المواطن السوري ما زال يجد صعوبة في تغيير نمط الحياة الذي اعتاده في بلاده، حتى وإن كان الأمر يتعلق بالطعام والحلويات. يشير إلى أنه يعمل بالتعاون مع شقيقه وأبنائهما، بالإضافة إلى عدد من الشبان السوريّين.
أحمد العلي يتحدّر من درعا. قبل عامين، توجّه إلى إسطنبول قادماً من الأردن. حتى اليوم، ما زال عاجزاً عن الاستقرار في عمل. في سورية، كان يعمل في مجال الخياطة. يقول: "عملت في ورشات خياطة سورية وتركية عدة، لكنني لم أستطع المتابعة بسبب صعوبة العمل وقلة الأجر. أحياناً، لم يكن صاحب العمل يعطيني حقي، ولم أكن أقدر على المطالبة به لأنني لا أعرف التركية".
أما عائلة أبو حمدان، التي قدمت من إحدى بلدات ريف حلب إلى منطقة أنطاكيا التركية، فكانت تعمل في مجال الزراعة. توفي الوالد في إحدى الغارات الجوية، ولجأت الأم وأولادها الثلاثة إلى تركيا قبل عامين. استطاعت العائلة الاستقرار بمساعدة بعض فاعلي الخير. لكن في النهاية، كان لا بد من أن يعملوا ليتمكنوا من إعالة أنفسهم، خصوصاً أن الأم مريضة وتحتاج إلى علاج وأدوية. يقول الشاب مهند إن الأجر الذي يحصل عليه وشقيقته "بالكاد يسد الرمق. لكن يبقى أفضل من انتظار المساعدة من هذه الجهة أو تلك".
لا شك في أن النسبة الأكبر من المهاجرين السوريّين هم من الشباب، الذين يخشى عليهم ذووهم من مخاطر الحرب، أو الاضطرار إلى الالتحاق بالخدمة العسكرية، أو الاعتقال، أو الانخراط في الفصائل المسلحة. خوف لا يشمل المعارضين للنظام فحسب، بل حتى أولئك القاطنين في المناطق الموالية له.
6 أكتوبر
بالإضافة إلى تركيا، اختار العديد من أصحاب الرساميل الاستثمار في مصر، خصوصاً مدينة 6 أكتوبر القريبة من القاهرة. من بين هؤلاء، عمر غانم، الذي فرّ من ريف دمشق مع زوجته وطفليه، وتمكن من افتتاح محال عدة للحلويات، لاقت إقبالاً من السوريين والمصريين على حد سواء. يقول إن ظروف السوريين في مصر شهدت تقلبات عدة. مع ذلك، "استطعنا الصمود في وجه الظروف الصعبة".
اقــرأ أيضاً
تشير التقديرات إلى أن هناك نحو خمسة ملايين سوري باتوا خارج بلدهم، بالإضافة الى أكثر من سبعة ملايين آخرين نزحوا إلى مناطق أخرى داخل البلاد. هذا النزوح والهجرة يطاول جميع السكان، خصوصاً الشباب.
لم تكن سورية بلداً يؤمن الرفاهية لمواطنيه قبل بدء الحرب، لكن كانت حياة معظم الناس مستقرة نسبياً، على الرغم من تدني الأجور بشكل عام. لكنّ وطأة الحرب جعلت غالبية الناس يعيشون ظروفاً صعبة في ظل انعدام فرص العمل، وغلاء الأسعار، وتراجع قيمة العملة المحلية. وباتت عائلات كثيرة تعاني من الفقر، ولا يحول بينها وبين الموت جوعاً سوى ما تتلقاه من مساعدات متفرقة من بعض الجمعيات، أو الأقارب خارج البلاد.
يقول لؤي السعدي، الذي كان والده يملك مطعماً في منطقة الميدان في دمشق، إنهم اضطروا إلى مغادرة البلاد قبل ثلاثة أعوام والانتقال إلى تركيا، وافتتحوا في مدينة إسطنبول مطعماً مماثلاً لبيع الفول والحمص والفلافل. يوضح أن "الأمر لم يكن سهلاً في البداية بسبب الإجراءات والقوانين التركية، وعدم معرفتنا باللغة التركية. إلا أن الأمور تحسنت شيئاً فشيئاً، وهناك إقبال جيد على مطعمنا اليوم، خصوصاً من السوريين في المدينة الذين يزداد عددهم باستمرار".
وعن سبب مغادرته سورية، يقول السعدي إنه أدى الخدمة العسكرية، لكن شقيقه الأصغر لم يفعل. مع ذلك، كانا يخشيان أن يساقا إلى الخدمة. قرّرا السفر إلى تركيا، ثم لحقت بهما بقية العائلة.
من جهته، يقول المستثمر م. د.، إنه كان يتردد على تركيا قبل بدء الأزمة في سورية، بداعي العمل أو السياحة، لافتاً إلى أنه لم يجد صعوبة كبيرة في افتتاح مشاريعه هناك، وهي محال تؤمن احتياجات السوريين المختلفة. يرى أن المواطن السوري ما زال يجد صعوبة في تغيير نمط الحياة الذي اعتاده في بلاده، حتى وإن كان الأمر يتعلق بالطعام والحلويات. يشير إلى أنه يعمل بالتعاون مع شقيقه وأبنائهما، بالإضافة إلى عدد من الشبان السوريّين.
أحمد العلي يتحدّر من درعا. قبل عامين، توجّه إلى إسطنبول قادماً من الأردن. حتى اليوم، ما زال عاجزاً عن الاستقرار في عمل. في سورية، كان يعمل في مجال الخياطة. يقول: "عملت في ورشات خياطة سورية وتركية عدة، لكنني لم أستطع المتابعة بسبب صعوبة العمل وقلة الأجر. أحياناً، لم يكن صاحب العمل يعطيني حقي، ولم أكن أقدر على المطالبة به لأنني لا أعرف التركية".
أما عائلة أبو حمدان، التي قدمت من إحدى بلدات ريف حلب إلى منطقة أنطاكيا التركية، فكانت تعمل في مجال الزراعة. توفي الوالد في إحدى الغارات الجوية، ولجأت الأم وأولادها الثلاثة إلى تركيا قبل عامين. استطاعت العائلة الاستقرار بمساعدة بعض فاعلي الخير. لكن في النهاية، كان لا بد من أن يعملوا ليتمكنوا من إعالة أنفسهم، خصوصاً أن الأم مريضة وتحتاج إلى علاج وأدوية. يقول الشاب مهند إن الأجر الذي يحصل عليه وشقيقته "بالكاد يسد الرمق. لكن يبقى أفضل من انتظار المساعدة من هذه الجهة أو تلك".
لا شك في أن النسبة الأكبر من المهاجرين السوريّين هم من الشباب، الذين يخشى عليهم ذووهم من مخاطر الحرب، أو الاضطرار إلى الالتحاق بالخدمة العسكرية، أو الاعتقال، أو الانخراط في الفصائل المسلحة. خوف لا يشمل المعارضين للنظام فحسب، بل حتى أولئك القاطنين في المناطق الموالية له.
6 أكتوبر
بالإضافة إلى تركيا، اختار العديد من أصحاب الرساميل الاستثمار في مصر، خصوصاً مدينة 6 أكتوبر القريبة من القاهرة. من بين هؤلاء، عمر غانم، الذي فرّ من ريف دمشق مع زوجته وطفليه، وتمكن من افتتاح محال عدة للحلويات، لاقت إقبالاً من السوريين والمصريين على حد سواء. يقول إن ظروف السوريين في مصر شهدت تقلبات عدة. مع ذلك، "استطعنا الصمود في وجه الظروف الصعبة".