أكّدت الأبحاث لعقود من الزمن، وبحسب ما اعتقد الكثير منّا، أنّ الأشخاص المتزوجين أكثر صحّة وسعادة ويعيشون لفترة أطول من أولئك المطلّقين، وذلك لأنّه من السهل أن نرى الفوائد الصحية على المتزوجين وما يوفّره أحدهما للآخر من رفقة ودعم اجتماعي.
يقول الدكتور ديفيد لودن، الأستاذ في كلية جورجيا غوينيت ومؤلّف كتاب "علم النفس اللغوي: نهج متكامل" إنه "من المعلوم أنّ شركاء الحياة يؤثرون على بعضهم البعض بشكل إيجابي، ويشجعون على اكتساب عادات جيّدة. أمّا العيش في وحدة بعد الطلاق، فقد يسهّل الانزلاق إلى نمط حياة غير نظامي، وسوء تغذية وعدم ممارسة الرياضة وتعاطي الكحول والمخدرات".
من جهتهما، يرى عالما النفس دافيد سبارا وجيمس كوان أنّه "من المهم الابتعاد عن فرضية أنّ الزواج يؤدي إلى نتائج صحية أفضل أو أنّ الطلاق يخلق نتائج سيئة"، لافتين إلى أنه "لا توجد نظرية مقبولة عموماً حول كيفية تأثير الزواج أو الطلاق على الصحة. ومن جهة أخرى يعيش البعض في الواقع حياة أفضل بعد الطلاق، أكثر ممّا فعلوا حين كانوا متزوجين. لذلك ينبغي النظر في البيانات حول الزواج والصحة بدقّة وعناية أكبر".
أمّا السمات السلوكية والنفسية النموذجية التي تؤدي عادة إلى الزواج التعيس والطلاق، فيشير سبارا وكوان، إلى أنّها على سبيل المثال، العداء والعصبية أو عدم الاستقرار العاطفي. ويريان أنّها مؤشرات قوية على عدم الرضا الزوجي والوصول إلى الطلاق في نهاية المطاف. وفي حالة وجود العداء، فإنّ الشريك الذي يواجه الغضب وسوء المعاملة لن يكون راضياً بالتأكيد، ولا بدّ أن يكون للضغط النفسي الذي يواجهه في العلاقة عواقب صحية سلبية.
ويتابع العالمان سبارا وكوان أنّ "بعض أولئك الأشخاص الذين يبقون وحدهم بعد الطلاق، تتدهور صحتهم ويموتون مبكراً، لكن لأنّهم كانوا بالفعل على هذا المسار حتى من قبل الطلاق". لذلك يفترضان أنّ الطلاق والنتائج الصحية السلبية ترتبط بمجموعة من السلوكيات والمشاكل النفسية.
في هذا الشأن، تقول فاديا (43 عاماً) لـ "العربي الجديد"، إنّها بعد زواج استمرّ لأكثر من عشر سنوات، قرّرت أن تنفصل عن زوجها الذي أدخلها في حالة من العصبية والاكتئاب. تشرح: "لم يكن قراراً سهلاً لأنّه لم يرتبط بمصيري وحدي بل بمستقبل ولدي أيضاً". لا تنفي أنّها تعثّرت في البداية أمام صعوبات الحياة في لحظات عديدة، لكنّها اليوم سعيدة وتتمتّع بصحّة جيّدة وأفضل بكثير ممّا كانت عليه، إذ لم تعد تنتابها الأزمات العصبية وتبدّلت نظرتها إلى الحياة وصارت أكثر تفاؤلاً.