هذه ليست نكتة

13 مارس 2015
النكات التمييزية هي أبرز أدوات الثقافة الذكورية (الأناضول)
+ الخط -

"ما الفارق بين البطارية والنساء؟ البطارية لديها جانب إيجابي".
"ما الفارق بين الصاحبة والزوجة؟ 30 كيلوغراماً".
"لماذا لا توجد نساء وصلن إلى سطح القمر؟ لأنه ليس بحاجة إلى تنظيف بعد!".
قد يكبت قارئ أو قارئة هذه السطور ضحكة تكاد ترتسم على وجهه/ها. وقد يستشيط أو تستشيط غضباً. قد تتراوح ردة الفعل بين الاستنكار حدّ الحنق من هذا المنطق وهذه الثقافة التي تحمل إهانة مباشرة للنساء وتحتوي على مضامين ذكورية فاقعة ووقحة، تضع الرجال في موقع التوصيف والتقييم للنساء، ما يضع النساء تلقائياً في موقع الآخرين الذين يتم توصيفهن وتقييمهن، الأمر الذي يعطي لأحدهم تلقائياً "موقع قوة وسلطة" على الآخر. وقد نجد ردود أفعال تحمل اللامبالاة حد الاستهزاء، فتكون ردة الفعل "لايت"، على أساس أن الموضوع مجرد نكتة.

ما لا يعرفه هؤلاء الذين ينتمون إلى المجموعة الثانية هو أن هذه النكات التمييزية هي أبرز أدوات الثقافة الذكورية. تسعى هذه الأدوات إلى موضعة النساء في قوالب تحدد سلفاً كيف يجب أن تشعر النساء، وكيف يجب أن يكون شكلهن، وماذا يجب أن يكون دورهن. كل ذلك ليكنّ مقبولات من قبل المجتمع أو لنقل: ليكنّ مقبولات من قبل الرجل. تلمّح بعض "سَمّات البدن" هذه إلى أن النساء "نقاقات" وعاطفيات تتحكم بهن الهرمونات. أو أنهن سمينات "لا يطابقن المواصفات". وتشكل هذه الثقافة منطلق التفكير في التعاطي مع النساء في المجتمع، إنْ في مواقع صنع القرار أو في أماكن العمل وغيرها. والأبرز أن ثقافة التفكير هذه تشكل دعامة ومحرك ممارسات العنف ضد النساء.

ليس بعيداً عن هذه النكات ما تحمله الثقافة أيضاً من أمثال شعبية "تُشيّئ" النساء وتحط من قدرهن وتترجم الفارق بين القيمة "المجتمعية" لكل من الرجل والمرأة. "ثلاثة ما بينعاروا (لا يُعارون): السلاح والدابة والمرا (المرأة)"، "الرجال عند حاجاتهم نسوان (نساء)". لو كانت النكات أدوات العصر الحديث في تقنيع العنف ضد النساء، فإن الأمثال الشعبية هي نتيجة اتجاهات وأنماط تفكير الأجيال الماضية ونظرتها الدونية للنساء، والأنكى أن هذه ساهمت في تشكيل مواقف واتجاهات وقيم المجتمع اليوم.

يبقى أن نسأل: ما الفارق بين جلسة "لول" أو غيرها من جلسات التنكيت التي ضجّت بها برامج التلفزيون في السنوات القليلة الماضية، وبين مقتل نسرين روحانا (التي قتلها زوجها في أواخر عام 2014)؟ الأولى هي عنف رمزي ضد النساء لكنه يمر مرور الكرام، في حين أن الثاني عنف مباشر، وإن كان الأول سبباً قوياً لحدوث الثاني.
(ناشطة نسوية)
المساهمون