كثيرة هي انتظارات المغاربة من الفئات الاجتماعية الضعيفة والهشة بالمغرب. وهؤلاء يتوقّعون من الحكومة المغربية الجديدة التي يقودها حزب العدالة والتنمية برئاسة سعد الدين العثماني، أن تعمل على تحسين ظروف فئاتهم الاجتماعية المقهورة. وفي مقدّمة هذه الفئات التي تنتظر تلبية مطالبها الملحة، الأرامل والأشخاص من ذوي الإعاقة بالإضافة إلى التلاميذ الفقراء، لا سيما من أبناء القرى. يُضاف إلى هؤلاء المرضى وأطفال الشوارع.
ووعدت الحكومة الجديدة المغاربة بأنّها سوف تعمل على تنفيذ برنامج يهدف إلى تحقيق إنجازات اجتماعية كثيرة لفائدة الفئات الهشّة خصوصاً، من خلال سنّ مجموعة من التدابير تطبّق خلال خمس سنوات. وتترقب المغربيات الأرامل من الفئات الاجتماعية الفقيرة أو محدودة الدخل وعود الحكومة الجديدة، خصوصاً أنّ تلك التي سبقتها كانت قد أعلنت أنّها سوف تصرف إعانات مالية مباشرة للأرامل اللواتي لديهنّ ثلاثة أطفال صغار والذين ما زالوا يتابعون تعليمهم.
وفي إطار برنامجها الذي صادق البرلمان عليه أخيراً، تعهّدت الحكومة أنّها سوف تعمل على تطوير شروط تطبيق مبادرتَي دعم الأرامل وصندوق التكافل العائلي، عن طريق تبسيط الإجراءات ومراجعة شروط الاستفادة وتيسيرها، بهدف رفع عدد المستفيدات فعلياً من هذا الدعم. وقد أكّدت الحكومة الجديدة تصميمها للعمل على توسيع التكافل العائلي عبر دمج الأمهات المهملات، والاستمرار في العمل بصندوق دعم التماسك الاجتماعي، والرفع من قيمة التعويضات العائلية وعدد الأطفال المستفيدين.
وعود الحكومة هذه لا تستبشر فيها خناتة سيحمو، خيراً. وتقول هذه الأرملة لـ"العربي الجديد" إنّها سمعت في عهد الحكومة الماضية عن صرف إعانة شهرية بقيمة ألف ومائة درهم مغربي للأرملة وثلاثة من أبنائها الصغار، "لكنّني لم أرَ شيئاً من ذلك على أرض الواقع". تضيف سيحمو: "كثر الضجيج بخصوص دعم الأرامل، لكنّني لم أستفد شخصياً من تلك المساعدة. وما أرجوه من الحكومة الجديدة هو الاهتمام أكثر بفئتنا هذه، حتى تنتشلنا من دوامة الحاجة والفاقة". وتتابع: "في حال طبّقت الحكومة نظام مساعدة الأرملة بمبلغ مادي ثابت ودائم، أو على الأقل مساعدتها على تعلم مهنة أو حرفة أو إقامة مشروع صغير، فإنّها تكون قد جنّبت المجتمع ويلات ومشاكل كثيرة، من قبيل أطفال الشوارع".
من جهتها تسأل مريم، وهي امرأة مطلقة، إن كانت الحكومة الجديدة سوف تهتم بفئة المطلقات الفقيرات. وتقول لـ"العربي الجديد" إنّ "المطلقة لا تختلف كثيراً عن الأرملة. فهي تحتاج إلى من يدعمها حتى لا تصبح عالة على المجتمع". تضيف أنّ "هذه الفئة كثيراً ما تكون مظلومة بسبب نظرة المجتمع إليها، بخلاف الأرملة التي تحظى بعطف كبير لأنّ زوجها فارق الحياة"، مشيرة إلى أنّ "ثمّة مطلقات يُعلنَ أسراً بأكملها. إذا لم تقدّم لهن الحكومة دعماً، ليس بالضرورة دعماً مالياً، فمن يدعمهن يا ترى؟". وعن انتظاراتها من حكومة العثماني الجديدة، ترى مريم أنّه "يتعيّن عليها استحداث مشاريع صغيرة للمطلقات في إطار تعاونيات أو مقاولات ذاتية، من دون تعقيدات في الإجراءات أو الشروط المطلوبة. هكذا تعتمد المطلقة على نفسها ولا تتكل على عائلتها التي في كثير من الأحيان ترفضها أو تحوّل حياتها إلى جحيم".
في سياق متصل، ينتظر الأشخاص ذوو الإعاقة الكثير من الحكومة الجديدة، إذ إنّ عدداً كبيراً منهم لا يحظى بالعناية الكافية ويتعرّض للإجحاف، سواء في الفضاءات العامة أو في مجال التوظيف. فهؤلاء يُرفضون لمصلحة الأشخاص الآخرين.
عبد الحميد شاطو واحد من هؤلاء، وهو يعاني من إعاقة بصريّة. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ زملاءه المعوّقين مهما اختلفت إعاقتهم، "لا ينتظرون صدقة ولا إحساناً من الحكومة الجديدة، وإنّما تعاملاً بالمساواة وبحسب الكفاءات والطاقات، بغضّ النظر عن التمييز المرتبط بالقدرة الجسدية". يضيف شاطو الذي يحمل شهادة جامعية أنّه "على الحكومة من جهة الشكل أن تساعد المعوّقين على التنقّل في الفضاء العام، من خلال فرض تدابير خاصة بهم في كلّ الأبنية والإدارات. أمّا من جهة المضمون، فلا بدّ من أن تضمن فرصاً لتشغيلهم تماماً كما الأشخاص الآخرين".
تفيد إحصاءات رسمية بأنّ نحو 67 في المائة من ذوي الإعاقة من الفئة الناشطة هم عاطلون من العمل، وهي نسبة يراها المسؤولون في المغرب مرتفعة بالمقارنة مع معدّل البطالة الوطني. وتقرّ وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي، المعنيّة بملف ذوي الإعاقة بوجود خلل فادح في نسبة توظيف الأشخاص المعوّقين في البلاد. وقد دعت أخيراً إلى تحفيز المقاولات من أجل تشغيل هذه الفئة وحثّ الدولة بدورها على التضامن مع هؤلاء.
أمّا أطفال الشوارع، فتشير الحكومة إلى أنّها تحاول مساعدتهم من خلال محاربة التسرّب المدرسي الذي يودّي بنسبة منهم إلى الشارع، ومن خلال استقطابهم إلى برامج التكوين المهني أو دور الشباب المختلفة. لكنّ واحداً من هؤلاء الصغار يقول بحدّة: "هذه مجرّد وعود وأكاذيب". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "لا أحد يهتمّ بنا أو يسألنا عن سبب بقائنا في الشارع. كلّ ما نراه هو مطاردة رجال الأمن لنا ومحاولة جمعنا ورمينا في مراكز خاصة بالأطفال المشرّدين فقط".