ربما لم يكن الكونغرس الأميركي يعتقد أن الصلاحيات الدستورية التي منحها لمنصب الرئيس الأميركي في التصرف المالي والتجاري مع دول العالم، دون الرجوع إليه، سوف تستغل بهذا الشكل الذي يتعامل به الرئيس دونالد ترامب حالياً مع كتل تجارية وحلفاء ناهيك عن منافسين وخصوم و"أعداء"؛ ولكن على أية حال، جاء الرئيس ترامب ليستغل صلاحيات منصب الرئاسة ويخلق صراعات تجارية مع كندا والمكسيك وحلفائه في أوروبا.
حسب الدستور الأميركي وتعديلاته، لا يحتاج الرئيس ترامب لموافقة من الكونغرس لمصادرة أموال أية دولة يصنفها بأنها عدو للولايات المتحدة أو فرض أي مستوى من الرسوم على بضائعها. ولقد سبق للرئيس فرانكلين روزفلت في بداية حكمه في العام 1933، أن أغلق جميع المصارف بالولايات المتحدة وصادر الذهب من الشركات. ومنذ ذلك الوقت، فإن رؤساء الولايات المتحدة استغلوا الصلاحيات الدستورية الممنوحة لهم في مصادرة أموال دول عديدة، من بينها إيران وسورية وكوريا الشمالية وكوبا، كما فرضوا حظراً على روسيا وعدة دول أخرى.
في صدد الصلاحيات الرئاسية التي تطلق يد الرئيس ترامب في الحروب التجارية مع الدول، يقول الخبيرالأميركي غيري كلايد هوفر، الزميل في معهد "بيترسون" الأميركي للدراسات الاقتصادية، إن الدستور الأميركي منح الكونغرس سلطة تنظيم الإجراءات التجارية مع الدول الأجنبية، وإن لديه الكلمة النهائية، لكن التعديلات التي أُدخلت على الدستور الأميركي، خلال قرن كامل، أعطت الرئيس الأميركي العديد من الصلاحيات الدستورية التي تسمح له باتخاذ العديد من الإجراءات.
وبناءً على هذه الصلاحيات، يمكن للرئيس ترامب تجميد كل موجودات الصين في أميركا، بما فيها موجودات سندات الخزانة الأميركية التي تملكها بكين وتقدر بحوالى 1.2 ترليون دولار.
ومن بين الصلاحيات الدستورية 6 تشريعات دستورية أطلقت يد الرئيس في إلغاء أو إعادة التفاوض، وهي:
أولاً: التعديل الذي تم في العام 1930 والمنصوص عليه في الفقرة رقم 338 من الدستور الأميركي. وهو تعديل يمنح ترامب الحق في فرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على تجارة الدول التي تنفذ إجراءات تمييزية ضد البضائع والخدمات الأميركية. ومن المتوقع أن يستغل ترامب هذه الصلاحية الدستورية في مفاوضاته مع الصين والمكسيك لاحقاً إذا تطور نزاع العضلات التجارية مع بكين.
ومن بين التعديلات الدستورية التي تدعم مفاوضاته التجارية، وتجعله قادراً على إشهار سلاح التجارة في وجه أي دولة تعارضه، التعديل الذي خوّله إعادة التفاوض مع دول اتفاقية التجارة الحرة المعروفة اختصارا باسم "نافتا"، وهي كل من المكسيك وكندا.
ثانياً: التعديل الدستوري في العام 1962، الفقرة "332 بي"، تمنح ترامب الحق في فرض إجراءات عقابية على تجارة الدول التي يعتقد أنها تهدد الأمن القومي الأميركي.
ثالثاً: الفقرة 122 في التعديل الدستوري، الذي تم في العام 1972، تمنح ترامب الحق في فرض رسوم جمركية إضافية على تجارة الدول التي لديها فائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة، أو اتخاذ إجراءات للحد من تدفقها إلى السوق الأميركي. وهذه الرسوم الإضافية تصل إلى 15%.
رابعاً: الفقرة 301 من قانون التجارة الذي أقر في العام 1974، يمنح ترامب الحق في معاقبة الدول التي تمنع أميركا من المتاجرة بحرية معها أو تتخذ إجراءات غير مبررة ضد البضائع والخدمات الأميركية. وهذه المعاقبة يمكن أن تتم جمركياً عبر رفع الرسوم أو عبر الحد من استيراد بضائعها.
خامساً: قانون المتاجرة مع العدو الذي أقر في العام 1917، يمنح الرئيس ترامب الحق الدستوري في التصرف بكل أنواع التجارة الخارجية في أميركا، بما في ذلك اتخاذ أية إجراءات ضد الدولة العدو، وتجميد موجوداتها.
سادساً: سلطات الطوارئ في الاقتصاد العالمي. وهو قانون أقر في العام 1977، يمنح الرئيس ترامب الحق في اتخاذ أية إجراءات بشأن التجارة العالمية بما في ذلك تجميد الممتلكات داخل وخارج الولايات المتحدة. وهنالك سلطات أخرى منحت للرئيس بخصوص محاربة المخدرات والإرهاب.
وبالتالي، فإن الرئيس ترامب لديه صلاحيات واسعة لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي وقوانين التجارة والاستثمار. وهذه الصلاحيات الدستورية تمنحه الحق في إصدار مراسيم رئاسية ضدّ المصالح التجارية والمالية الصينية من دون حاجة إلى الرجوع للكونغرس.