لم تعد الصلة بين السعادة والسخاء مجرّد نظرية. فقد قدّمت دراسة أعدّها باحثون في جامعة زيورخ الألمانية دليلاً علمياً على أنّه في إمكان السخاء أن يمنحك "حياة أكثر سعادة". وفي هذا السياق، يقول الطبيب المتخصص في الأمراض النفسية، الدكتور روبرت بوف، إنّ الزعماء الروحيين والفلاسفة رأوا في السخاء مفتاحاً للسعادة على مرّ التاريخ.
خمسون شخصاً وُعِدوا بالحصول على مبالغ من المال في المستقبل القريب، في الدراسة التي أعدّها الخبير في الاقتصاد السلوكي وفي الاقتصاد العصبي، إرنست فهر، والبروفسور المشارك في الاقتصاد العصبي وعلم الأعصاب الاجتماعي، فيليب توبلر، بالتعاون مع فريق من الباحثين الدوليين.
التزم مشاركون من ضمن مجموعة بإنفاق المال على أنفسهم، في حين اختار مشاركون من مجموعات أخرى إنفاقه على أشخاص آخرين. فبيّنت الدراسة أنّ مجالات الدماغ المرتبطة بالسخاء والسعادة تفاعلت بطريقة أكبر لدى الذين اختاروا إعطاء المال لآخرين بالمقارنة مع الذين أنفقوا المال على أنفسهم. وأتت النتيجة واحدة، بغضّ النظر عن مبلغ المال الذي جرى تقديمه. كذلك لوحظ أنّ مجرّد وعد التخلّي عن المال وليس إعطاءه بالفعل، كثّف هذا النشاط العصبي.
"أحبّ أن أشتري الهدايا للآخرين وتسعدني رؤية الفرحة على وجوههم". هذا ما يقوله عبد الله (47 عاماً) لـ "العربي الجديد"، مضيفاً "حتى لو خُيّرت ما بين شراء حاجات لي وشراء حاجات لأشخاص أحبّهم وأهتمّ لأمرهم، فأنا أفضّل، وبفرح، تقديم ما أستطيع إلى أحبّائي". ويخبر كيف "فوجئت صديقتي حين رأتني أشتري أحذية رياضية لأبناء أخي، في حين لم أكن أملك من المال ما يكفيني لسدّ حاجاتي الأساسية. وحين سألتني عن السبب وعن كيفية تدبّر أموري من دون مال كافٍ، أجبتها أنّني اعتدت ذلك وأنّ سعادتي تكمن في العطاء ولا أدرك السبب". ويشير عبد الله إلى أنّ "الدراسة - المذكورة آنفاً - تظهر أنّني شخص طبيعي وأنّ كثيرين سوف يشعرون بالمثل حين يقدّمون المال أو الهدايا إلى آخرين. وقد يكون هؤلاء أحباء لهم أو حتى غرباء في الشارع. هو إحساس قد لا يفهمه بعض الناس، لكنّه رائع".
من جهتها، تقول جين (55 عاماً) لـ "العربي الجديد"، إنّ "مشهد الأطفال المشرّدين في الشوارع يثير مشاعر الحزن في نفسي، وإعطاءهم أيّ مبلغ من النقود أو الطعام أو الملابس يدخل البهجة إلى قلبي". وتروي أنّها زارت تركيا في عام 2013، وانفطر قلبها آنذاك عند رؤية عشرات الأطفال المشرّدين. تضيف: "أردت أن أساعدهم جميعاً، لكنّ عددهم فاق قدرتي، فقدّمت ما استطعت وبعدها اضطررت إلى تجاهل كثيرين. وقد آلمني ذلك بشدّة". وحين اشترت بعض الطعام، اقتربت منها ثلاث فتيات لم تتجاوز أكبرهنّ الحادية عشرة. ورحنَ يعبّرنَ عن جوعهنّ "فأعطيتهنّ الطعام الذي اشتريته وبعض المال لشراء مزيد منه". وتتابع جين: "شعرت بالفرح والحزن في وقت واحد، وما زالت صور هؤلاء الأطفال تلاحقني".
وتؤكد الدراسة أنّ السخاء وحده قد يكفي لتعزيز السعادة الشخصية، لكنّ الأمر لا يتطلّب بذل الذات إلى حدّ الاستشهاد حتى يكون السخاء فعالاً. تضيف أنّ مساعدة الآخرين بأيّ شكل من الأشكال تقودنا نحو غد أكثر إشراقاً.
اقــرأ أيضاً
خمسون شخصاً وُعِدوا بالحصول على مبالغ من المال في المستقبل القريب، في الدراسة التي أعدّها الخبير في الاقتصاد السلوكي وفي الاقتصاد العصبي، إرنست فهر، والبروفسور المشارك في الاقتصاد العصبي وعلم الأعصاب الاجتماعي، فيليب توبلر، بالتعاون مع فريق من الباحثين الدوليين.
التزم مشاركون من ضمن مجموعة بإنفاق المال على أنفسهم، في حين اختار مشاركون من مجموعات أخرى إنفاقه على أشخاص آخرين. فبيّنت الدراسة أنّ مجالات الدماغ المرتبطة بالسخاء والسعادة تفاعلت بطريقة أكبر لدى الذين اختاروا إعطاء المال لآخرين بالمقارنة مع الذين أنفقوا المال على أنفسهم. وأتت النتيجة واحدة، بغضّ النظر عن مبلغ المال الذي جرى تقديمه. كذلك لوحظ أنّ مجرّد وعد التخلّي عن المال وليس إعطاءه بالفعل، كثّف هذا النشاط العصبي.
"أحبّ أن أشتري الهدايا للآخرين وتسعدني رؤية الفرحة على وجوههم". هذا ما يقوله عبد الله (47 عاماً) لـ "العربي الجديد"، مضيفاً "حتى لو خُيّرت ما بين شراء حاجات لي وشراء حاجات لأشخاص أحبّهم وأهتمّ لأمرهم، فأنا أفضّل، وبفرح، تقديم ما أستطيع إلى أحبّائي". ويخبر كيف "فوجئت صديقتي حين رأتني أشتري أحذية رياضية لأبناء أخي، في حين لم أكن أملك من المال ما يكفيني لسدّ حاجاتي الأساسية. وحين سألتني عن السبب وعن كيفية تدبّر أموري من دون مال كافٍ، أجبتها أنّني اعتدت ذلك وأنّ سعادتي تكمن في العطاء ولا أدرك السبب". ويشير عبد الله إلى أنّ "الدراسة - المذكورة آنفاً - تظهر أنّني شخص طبيعي وأنّ كثيرين سوف يشعرون بالمثل حين يقدّمون المال أو الهدايا إلى آخرين. وقد يكون هؤلاء أحباء لهم أو حتى غرباء في الشارع. هو إحساس قد لا يفهمه بعض الناس، لكنّه رائع".
من جهتها، تقول جين (55 عاماً) لـ "العربي الجديد"، إنّ "مشهد الأطفال المشرّدين في الشوارع يثير مشاعر الحزن في نفسي، وإعطاءهم أيّ مبلغ من النقود أو الطعام أو الملابس يدخل البهجة إلى قلبي". وتروي أنّها زارت تركيا في عام 2013، وانفطر قلبها آنذاك عند رؤية عشرات الأطفال المشرّدين. تضيف: "أردت أن أساعدهم جميعاً، لكنّ عددهم فاق قدرتي، فقدّمت ما استطعت وبعدها اضطررت إلى تجاهل كثيرين. وقد آلمني ذلك بشدّة". وحين اشترت بعض الطعام، اقتربت منها ثلاث فتيات لم تتجاوز أكبرهنّ الحادية عشرة. ورحنَ يعبّرنَ عن جوعهنّ "فأعطيتهنّ الطعام الذي اشتريته وبعض المال لشراء مزيد منه". وتتابع جين: "شعرت بالفرح والحزن في وقت واحد، وما زالت صور هؤلاء الأطفال تلاحقني".
وتؤكد الدراسة أنّ السخاء وحده قد يكفي لتعزيز السعادة الشخصية، لكنّ الأمر لا يتطلّب بذل الذات إلى حدّ الاستشهاد حتى يكون السخاء فعالاً. تضيف أنّ مساعدة الآخرين بأيّ شكل من الأشكال تقودنا نحو غد أكثر إشراقاً.