هدوء البصرة لا يحسّن حظوظ العبادي: تقارب الصدر-العامري يتعمق

11 سبتمبر 2018
انتشر 25 ألف عنصر بالبصرة (حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -



على الطرف المقابل لعمليات الانتشار العسكري والأمني الكثيف في محافظة البصرة، وتبعتها باليومين الماضيين المثنى والناصرية المجاورتين لها، ثمة عمليات تدقيق ومراقبة واسعة للمقاهي والصالات والنوادي الشبابية جنوبي العراق، التي ذكرت السلطات العراقية أنها "مكان تنظيم وانطلاق التظاهرات"، وتقابلها عمليات تضييق خناق على المناطق الفقيرة والعشوائيات في البصرة ومدن جنوبية عدة، وصفها سكان محليون وناشطون عراقيون بأنها "غير مسبوقة". وتبدو الشيء الوحيد الذي يحظى بإجماع مطلق من قبل جميع القوى والأحزاب الشيعية في البلاد، وهي ضبط الأوضاع قبل بدء مراسم شهر محرم، فهناك خوف واضح لدى السياسيين العراقيين من أن تستغل طقوس الشهر بعد نحو 10 أيام سياسياً ضد الحكومة والأحزاب بالجنوب.

وشهدت مدينة البصرة، أمس الإثنين، وصول قوات إضافية جديدة آتية من بغداد وديالى وبابل، فارتفع عديد القوات المنتشرة في المدينة وضواحيها إلى أكثر من 25 ألف عنصر. وعلّق مسؤول عراقي بارز على إرسال مزيد من القوات إلى الجنوب، خصوصاً البصرة، بالقول إنها "ليست ضد المتظاهرين، لكنّ هناك خوفاً من تجدد أعمال العنف والحرق، ونخشى أن تكون أوسع هذه المرة"، مبيناً أن "الجيش سيمنع أيضاً أي تحركات منفردة لفصائل مسلحة وصلت بالتزامن إلى البصرة".

ويؤشر انتشار المليشيات بهذا الشكل في البصرة على عمق الخلافات بين قادتها ورئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يرجح أن تؤدي قناعته بعدم تمكنه من الوصول إلى سدة الحكم لولاية ثانية، إلى اتخاذ إجراءات يصفها مراقبون انتقامية قبل خروجه من الحكومة، مثل طرد بعض زعماء المليشيات وتحديد حركة فصائل معينة إضافة إلى فتح ملفات فساد وانتهاكات حقوق الإنسان بحق سياسيين بارزين ضمن المعسكر اليميني المقرّب من طهران.

في المقابل، قال ضابط بالشرطة في البصرة، لـ"العربي الجديد"، إن "ما تردد عن وجود قوائم تضم مئات الأسماء لناشطين ومتظاهرين يجري البحث عنهم من قبل فصائل مسلحة صحيح". وأضاف أن "الفصائل تبحث عن مقتحمي القنصلية الإيرانية ومقارها في البصرة والذين أحرقوا صور الخميني وخامنئي وظهروا وهم يحرقون العلم الإيراني ويمسحون به أحذيتهم"، مؤكداً أن "هناك أشخاصاً صدرت بحقهم أوامر قبض واستدعاء من قبل القضاء بعد تسجيل كاميرات المراقبة اقتحامهم مباني حكوميةً في البصرة. وهذا الأمر قضائي وغير مخفي، لكن الخطورة من الأسماء التي تحملها المليشيات اليوم وهناك خشية من أن يحدث صدام مسلح بين العشائر وبعض الفصائل، في حال طاولت إجراءات تلك الفصائل أبناء العشائر المشاركين في التظاهرات".



مع ذلك توجّه العبادي أمس الاثنين، على رأس وفد حكومي إلى مدينة البصرة. وقال مسؤول حكومي رافق العبادي، إن "العبادي يلتقي في زيارته للمرة الأولى مع ناشطين وشخصيات من الشارع البصري لنقل برنامجه وحلوله السريعة لهم".

إلى ذلك، قال الشيخ العشائري في البصرة، فايز السعد، لـ"العربي الجديد"، إن "أهالي البصرة غاضبون من العبادي، بالإضافة إلى وجهاء المدينة وشيوخ العشائر، لأنه لم يحصل شيء خلال الأسابيع الماضية من الاحتجاج وأوامر قتل المتظاهرين كان على علم بها، ولكنه لم يوقفها"، موضحاً أن "العبادي يحاول عبر هذه الزيارة، امتصاص نقمة الشارع عليه، والزيارة مرفوضة على المستوى السياسي والشعبي، وأنا شخصياً لم أستقبله وأرفض استقباله، والعشائر التي استقبلته لا تعبر عن وجهة نظر العشائر البصرية الأصيلة".

من جهتها، أعلنت الحكومة المحلية في البصرة إطلاق وزارة التربية 1400 درجة وظيفية ضمن حركة الملاك لمديرية التربية في المحافظة، للتخفيف من البطالة. وقال المحافظ أسعد العيداني، في مؤتمر صحافي، إن "الدرجات الوظيفية ستطلق قريباً جداً، وخلال الشهر الحالي"، مضيفاً أنها "جزء من العشرة آلاف درجة وظيفية التي وعدت بها الحكومة المركزية للتخفيف من مشكلة البطالة في البصرة". وزيارة العبادي للبصرة، هي الثانية منذ انطلاق احتجاجات مدن جنوب العراق، في يوليو/ تموز الماضي، للوقوف على مستجدات مطالب المتظاهرين المتعلقة بتوفير المياه الصالحة للشرب وتوفير فرص عمل للعاطلين من الخريجين وتحسين الواقع المعيشي، بالإضافة إلى التحقيق بمقتل العشرات أثناء التظاهرات.

وفي أول تعليق صريح من المرجع علي السيستاني في النجف حيال الأزمة بالبلاد، نقل الموقع الإلكتروني الرسمي للسيستاني عن مصدر قوله، إن "المرجعية لا تؤيد رئيس وزراء سبق أن كان في السلطة"، وهو ما اعتبر إعلانا باستبعاد العبادي ونوري المالكي وهادي العامري وشخصيات سياسية كثيرة مصنفة ضمن الخط الأول السياسي للبيت الشيعي.



وأضاف المصدر أن "ما ذكره بعض النواب في وسائل الاعلام، من أن المرجعية سمّت عدداً من السياسيين ورفضت اختيار أي منهم لموقع رئاسة الوزراء، غير دقيق"، مبيناً أن "ترشيح رئيس مجلس الوزراء هو من صلاحيات الكتلة الكبرى بموجب الدستور وليس للآخرين رفض مرشحها".

وأضاف أن "التعبير بالرفض لم يصدر عن المرجعية الدينية، كما أنها لم تسمّ أشخاصاً معينين لأي طرف بخصوصه"، مشيراً إلى أنها "ذكرت لمختلف الأطراف التي تواصلت معها بصورة مباشرة أو غير مباشرة أنها لا تؤيد رئيس الوزراء العتيد، إذا اختير من السياسيين الذين كانوا في السلطة خلال السنوات الماضية، بلا فرق بين الحزبيين منهم والمستقلين، لأن معظم الشعب لم يعد لديه أمل في أي من هؤلاء بتحقيق ما يصبو إليه من تحسين الأوضاع ومكافحة الفساد".

وتابع قائلاً إن "تم اختيار وجه جديد يعرف بالكفاءة والنزاهة والشجاعة والحزم والتزم بالنقاط التي طرحت في خطبة الجمعة 27 يوليو/تموز الماضي، كان بالإمكان التواصل معه وتقديم النصح له في ما يتعلق بمصالح البلد، وإلا استمرت المرجعية على نهجها في مقاطعة المسؤولين الحكوميين"، لافتاً إلى أنها "ستبقى صوتاً للمحرومين تدافع عن حقوقهم وفق ما يتيسر لها". وكان القيادي في تحالف سائرون صباح الساعدي، قد كشف أمس الاثنين، عن ورود بلاغ رسمي من المرجعية الدينية العليا برفض خمسة مرشحين لمنصب رئيس الحكومة المقبلة.

وحول ذلك قال عضو في تحالف النصر، لـ"العربي الجديد"، إن "بيان المرجعية لا يعتبر نفيا بل تأكيدا على أنها لن تبارك أو تدعم أي رئيس حكومة جديدة من المرجبين سابقاً، أو الذين تولوا مناصب في السابق، بمعنى أن السيستاني لا يدعم العبادي ولا الزعماء الآخرين مثل المالكي والعامري وطارق النجم وعادل عبد المهدي وعلي العلاق ولا قاسم الأعرجي أو علي دواي، لذلك الاعتقاد هو أن من سيكون رئيس وزراء، هو شخص لم يتسلّم منصباً تنفيذياً ومن الخط الثاني وليس من صقور البيت الشيعي".

وحول مفاوضات الكتل قال القيادي في الفتح بدر محيبس، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك تقاربا كبيرا بين زعيم التحالف هادي العامري وبين مقتدى الصدر". وأضاف أن "التقارب حالياً على البرنامج الحكومي، ولم يأت على ذكر اسم معين لرئاسة الحكومة وأعتقد أن هذا التقارب من المحتمل أن يقودنا إلى تحالف خلال الأيام القليلة المقبلة".

في المقابل ارتفع عدد المرشحين السنّة لشغل منصب رئاسة البرلمان إلى ثمانية أشخاص، وهم كل من محمد تميم وأسامة النجيفي وطلال الزوبعي ومحمد الحلبوسي وأحمد خلف الجبوري ورشيد العزاوي واحمد عبد الله الجبوري ومحمد الخالدي.