هدر طعام في السعودية

11 فبراير 2017
يهدر الفرد كمية كبيرة من الطعام سنوياً (فرانس برس)
+ الخط -

بدأت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السعودية، بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة والبيئة، وعدد من الجمعيات الخيريّة، العمل على الحدّ من هدر الطعام، الذي يكلّف الدولة نحو 50 مليار ريال (13 ملياراً و331 مليوناً و556 ألف دولار أميركي) سنويّاً، بحسب تقديرات وزارة الزراعة. وتفيد إحصائيّة لـالهيئة العامة للإحصاء أنّ مستوى الهدر في السعودية يتجاوز ضعف المعدّل العالمي، علماً أنه يصل إلى 280 كيلوغراماً للفرد سنويّاً، بينما يقدّر المعدّل العالمي بـ 115 كيلوغراماً للفرد الواحد.

وتعدّ السعوديّة من بين أكثر الدول التي يُهدر الطعام فيها، من دون أن تكون هناك خطط للحفاظ على الطعام الذي لا يستهلك. ويؤكّد مدير جمعيّة "حياة" الخيريّة، فهد المنيع، أنّ الجمعيّات التي تساهم في حفظ الطعام، على غرار جمعيتي "إطعام" و"ملبس"، عاجزة عن استيعاب الكميّات الضخمة من الأطعمه التي تُهدر يوميّاً.

خلال الأشهر الستة الماضية، بدأت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ووزارة الشؤون البلدية والقروية ، بالتعاون مع جمعيّتي "إطعام" و"سكينة" الخيريّتين، وضع نظام للاستفادة من أكثر من 34 في المائة من الطعام في البلاد. ويشترط النظام التنسيق مع إحدى الجمعيّات الحاصلة على ترخيص لضمان توزيع الطعام الفائض، بهدف الحصول على ترخيص لإقامة عرس أو غيره من المناسبات الخاصة.

هذا الواقع دفع مجلس الشورى إلى التدخل، وإصدار توصية تلزم الجهات المعنية بسن قوانين لمكافحة التبذير ومعاقبة المبذرين والترشيد الغذائي. إلّا أنه لم ينته العمل من إعداد النظام بعد. ويطالب البعض بإنشاء مركز وطني للترشيد ومحاصرة الإسراف، وفرض غرامات مالية بحق الأفراد والأسر التي ترمي فائض الطعام، خصوصاً في الأعراس والحفلات الكبيرة.

ويرى أستاذ التغذية، عمر الخميس، أنّ سبب الإسراف وهدر الطعام بات جزءاً من طبيعة الناس. يقول لـ "العربي الجديد": "يربط البعض الأمر بالكرم. وهؤلاء يعتقدون أن تقديم كميّات أقلّ من الطعام للضيوف هو أمر غير لائق، ولا بد أن يكون الطعام فائضاً، فهذا دليل على الكرم". يضيف أنه "ليس هناك قانون يعاقب المسرفين والمبذرين، ولا يعدّ هذا مخالفاً، حتى في حال رمي كميات كبيرة من الطعام في حاويات القمامة". من هنا، يلفت إلى ضرورة إصدار نظام يحدد المخالفات والعقوبات الرادعة، بهدف وضع حد لهذا الهدر.




ولا يقتصر الضرر الذي تحاول الجهات المعنيّة الحدّ منه على هدر الطعام الجيّد فقط، بل يؤدّي أيضاً إلى تحميل الدولة نفقات إضافيّة للتخلّص منه. قبل تسعة أشهر، شكّلت السعوديّة لجنة لوضع آليات بهدف الحدّ من هدر الطعام، في حفلات الزفاف وغيرها من المناسبات، لما يسببه ذلك من هدر للموارد الطبيعية، وتلوث لمصادر المياه، بالإضافة إلى إنفاق الدولة نحو 630 مليون ريال سنوياً (نحو 168 مليون دولار)، هي كلفة نقل مخلّفات الأطعمة والتخلّص منها، بالإضافة إلى 2.6مليار ريال (693 مليوناً و241 دولاراً) هي كلفة التنظيف، علماً أن هذا الرقم مرشّح للزيادة خلال السنوات الثلاث المقبلة.

ويؤكّد المدير التنفيذي لجمعيّة "إطعام"، عامر برجس، أنهم حاولوا تطبيق فكرة بنوك الطعام، الموجودة في عدد من دول العالم، في السعودية، موضحاً أنّ "هدفنا ليس توزيع الطعام الفائض فقط، بل زيادة وعي المجتمع حول أهميّة الحفاظ على الطعام، وإيجاد فرص عمل لأبناء الأسر المستفيدة". ويقول إنّه خلال العام الماضي، وزّعت الجمعيّة أكثر من مليوني وجبة غذائية من الأطعمة الفائضة.

في هذا السياق، يوضح أستاذ علم الاجتماع محمد العتيقي، أن الأمر تحوّل إلى ظاهرة مؤذية للعين، في ظلّ رمي كميات كبيرة من الأطعمة في حاويات القمامة، لافتاً إلى أن البداية يجب أن تكون من المجتمع نفسه، فالعقوبات وحدها لن تكون كافية للحد من الهدر. ويقول لـ "العربي الجديد" إن "هدر آلاف الأطنان من اللحوم والمأكولات أمر لا يمكن القبول به، خصوصاً مع ما تعانيه الدول المجاورة من مجاعة وفقر. وينطبق هذا الأمر على بعض الأحياء في السعودية".

ويرى العتيقي أنّ الحلّ بسيط ولا يتطلب جهداً كبيراً. يضيف: "يجب إلزام قصور الأفراح والفنادق بالتعاقد مع الجمعيات الخيرية، تفادياً لرمي الطعام الفائض، وهو كثير جداً"، لافتاً إلى أنّ جهات عدّة تتولّى توزيع الطعام الفائض على المحتاجين. كذلك، يمكن الاستفادة من الطعام الفائض الذي لا يصلح للأكل، من خلال تحويله إلى أسمدة عضوية.

دلالات