تصف كل دولة عربية نفسها بأنها أجمل بلد في العالم وأحرصها على التراث والثقافة، هذا ما يقوله الإشهار، ويقوله وزراء السياحة والداخلية، ثم يردده الطبّالون في جوقة العميان. لكن هل يهتم هذا البلد بثقافته وبكتّابه فعلاً؟
كتّاب ومبدعون كثيرون في القصة والرواية والشعر والمسرح يتراجعون إلى الخلف، يتوقفون عن الكتابة، يهبطون من سمائها هبوطاً اضطرارياً، تسحبهم إليها، دون رحمة، بالوعةُ المجتمع. يمرضون ويموتون دون أن ينتبه إليهم أحد، ينقرضون أمام أعيننا ثم يأتي من يرثيهم بعد فوات الأوان.
لا أحد يهتم بك في هذا العالم العربي حتى لو كانت كتاباتك أعظم من نصوص بورخيس، حتى لو كنت أفضل من الجاحظ، حتى لو كنت أنت هو النديد الخامس لفرناندو بيسوا، فلن يعني ذلك شيئاً لهذه البلدان التي توضع فيها الثقافة حيث توضع قشور الموز. مؤسف أننا نواصل الاحتفاء بالأسماء التي تلمع في القارات الأخرى، بينما نهيل التراب على أسمائنا.
أنت مجرّد رقم عابر وسط ملايين الأرقام، وموتك لا يعني شيئاً مثلما حياتك أصلاً لا تعني شيئاً. بلداننا العربية حسمت المسألة باكراً، كما أشار عبدالكبير الخطيبي خلال الثمانينيات في العدد الأخير من مجلة "لام ألف"، بأن المثقفين والمفكرين لم يعد لهم شأن في هذه البلدان.