لم يقع خيار "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" على وزير العدل الحالي، هايكو ماس (51 عامًا)، ليشغل منصب وزير الخارجية في حكومة "غروكو" من فراغ، بل لكون ماس من الشخصيات الكفوءة والملمة بالكثير من القضايا القانونية والسياسية والاقتصادية الألمانية، وهو الذي تحمل، في وقت مبكر، العديد من المسؤوليات والمهمات في حكومة ولاية زارلاند، التي يتحدر منها أساسًا، بينها وزارات الاقتصاد والعمل والنقل والطاقة. وحين تم تكليفه كوزير دولة لشؤون البيئة عام 1996 في ولاية زارلاند ذاتها، لم يكن قد تخطى عمره الثلاثين عامًا، قبل أن يصل في العام 2013 إلى الحكومة الاتحادية بحقيبة سيادية.
فشل المحامي ماس بتبوّء منصب رئيس وزراء ولاية زارلاند 3 مرات، إلا أنه لم يستسلم أبدًا؛ فعمل الوافد الجديد إلى السياسة الفيدرالية على إثبات نفسه مجددًا خلال السنوات الأربع الأخيرة في وزارة العدل الاتحادية، بحيث عمل على العديد من اقتراحات القوانين، بينها الحد من ارتفاع بدل الإيجارات، وقانون التحرش الجنسي، والكوتا النسائية، وقوانين مكافحة الإرهاب، وهي أمور كانت محل إعجاب وتقدير في البلاد.
أثبت ماس، في الكثير من الأحيان، مهارة في الدبلوماسية الكلامية، كما يشهد له بمكافحة العنصرية ونبذ كره الأجانب، وهو الذي كان قد تلقى عددًا من التهديدات والشتائم المسيئة، ووجد في صندوق البريد الخاص بشقته رصاصة من عيار 9 مليمترات.
وبينما يجمع المراقبون على أن ليس لوزير العدل السابق خبرة في السياسة الخارجية، حتى أن البعض قال إنه لم يكن يعتبر من السياسين ذوي الحضور الوازن بين وزراء الحزب الاشتراكي الديمقراطي، يقرّون بأنه يحظى داخل حزبه بالكثير من الاحترام كرجل مقنع وغير مستفز، وقادرعلى تأدية مهامه على أكمل وجه داخل السلطة التنفيذية.
وقد أصبح ماس، الذي يخلف المخضرم زيغمار غابريال، هدفًا لانتقادات اليمين المتطرف، عندما فرض أخيرًا قانونًا يرغم الأشخاص على حذف التعليقات والمحتويات التي تحض على الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي تحت طائلة دفع غرامات مالية، ما حدا بزعيم حركة "وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) لتشبيهه بجوزف غوبلز، وزير الدعاية في نظام أدولف هتلر.
وفي العام 2016، كان ماس قد دعا إلى اتخاذ موقف واضح ضدّ المحرضين على كراهية الأجانب، وفضح الشعارات الجوفاء بالحجج والواقعية، وعدم استغلال أزمة اللاجئين. وأكّد حينها أن مكافحة التحريض ضدّ الأجانب ستظل مهمة مجتمعية للسياسيين والمجتمع المدني، قائلًا: "يجب ألا نتجاهل محاولات الدفع بالكراهية والعنف إلى السياسة، وألا تترك ديمقراطيتنا للأبواق المعادية".
وتشير المعلومات إلى أن الحكومة الجديدة ستضم، إضافة إلى ماس، كلًا من أولاف شولز، زعيم الاشتراكي بالوكالة، لوزارة المالية، وكاترينا بارلي للعدل، وفرانسيسكا غيفي وزيرة للأسرة، وهوبارتوس هايل للعمل، وسفينيا شولزه للبيئة، والتي من المرجح أن تبصر النور بعد انتخاب المستشارة أنجيلا ميركل يوم 14 مارس/آذار الحالي، من قبل البوندستاغ، مستشارة لولاية رابعة.