يسعى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بعد انتقاله إلى عدن، إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي والخارجي، لطاقم مؤسّسته الرئاسيّة، وطاقم الحكم في الدولة، لا سيّما الإداري منها، بعد ضربات تلقتها مؤسّسات الحكم، على يد مليشيات الحوثيين.
وتشمل هذه التدابير إعادة ترتيب الحراسة الأمنيّة، لا سيما بعد تعرّضه فجر أمس الثلاثاء، لمحاولة انقلابية، من بعض الجنود، الذين حاصروا المنطقة حيث يقيم، في منطقة المعاشيق التابعة لمدينة كريتر في عدن، قبل أن يتمكّن حراسه، وبمساعدة اللجان الشعبيّة من السيطرة على الوضع. ويتبع هؤلاء الجنود، وهم من بقي من ألوية الحماية الرئاسية التابعة للحرس الجمهوري، والموالية للحوثيين وللرئيس السابق علي عبد الله صالح. وسبق أن كانوا موجودين في عدن لحماية القصور الرئاسية.
اقرأ أيضاً: اليمن: هادي يتراجع رسمياً عن استقالته
وفي سياق متّصل، تقول مصادر مقرّبة من هادي لـ "العربي الجديد"، إنّه سيركّز، إلى جانب "إعادة ترتيب مكتبه الخاص ووصول عدد من مستشاريه، على إعادة ترتيب الوضع الأمني والعسكري، لا سيّما حراسته، من خلال إعادة غربلة عدد من قيادات الجيش والألوية والمعسكرات، في المناطق والأقاليم خارج سيطرة الحوثيين".
وتلفت المصادر إلى أنّ "العديد من قادة الألوية والمعسكرات لا يزالون موالين لصالح والحوثيين، وكان هادي قد أخذ درساً من ألوية الحماية الرئاسية، التي تخلّت عن حمايته في صنعاء وتركته وحيداً، تنفيذاً لتوجيهات صالح ونجله والحوثيين". ويعني ذلك أنّه "قد تجري الإطاحة بعدد من قادة الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة، بمن فيهم بعض قادة المناطق العسكرية"، بحسب المصادر.
ويبدو أنّ الترتيبات الأمنية ستشمل أيضاً "الأوضاع في عدن ومحيطها، تحسّباً لأي احتمالات مقبلة، قد تواجهها مؤسّسة الرئاسة والدولة من جديد، في وقت منعت فيه قيادة اللجنة الأمنيّة في المحافظة، حمل السلاح في عدن، في إطار إعادة ترتيب وضعها الأمني، بما يتناسب ووضعها الحالي، بعد انتقال هادي وطاقم حكمه إليها، وما يتناسب أيضا مع الأوضاع الجارية في البلاد"، وفق مصدر في السلطات المحلية.
ولن تستثني تدابير هادي البعثات اليمنية الدبلوماسية، والتي يسعى إلى تفعيل عملها في الخارج، بالإضافة إلى تفعيل نشاط وزارة الخارجية، وعدد من السفراء، بموازاة نقل البعثات الدبلوماسية الدولية إلى عدن. وكان عدد من السفراء الذين غادروا صنعاء، تعهدوا بالعودة إلى عدن، بدعم من دولهم. كما دعا هادي عدداً من الوزراء في صنعاء، القادرين على تجاوز الإقامة الجبرية، بالسفر إلى عدن والالتحاق بطاقم عمله، وهو ما قام به بعضهم، فيما تمكّن الحوثيون من اختطاف وزير التجارة والصناعة محمد السعدي، وهو في طريقه إلى عدن.
حكومة مصغّرة
ويأتي انتقال عدد من الوزراء إلى عدن في إطار مساعي هادي لتشكيل "حكومة مصغّرة"، بهدف لملمة طاقمه الإداري والسياسي، على أن تشمل وزارات الخارجية والداخلية والدفاع والتخطيط والتعاون الدولي والمالية، لتكون قادرة على التعامل مع أي متغيرات محتملة.
وفي السياق ذاته، يعمل هادي على إعادة ترتيب وضعه الإداري، من خلال استقباله وعقده لقاءات مع مختلف قادة السلطات المحليّة والأمنيّة، في محافظات الجنوب والوسط والشرق، وقيادات الأحزاب. ومن المقرّر أن يلتقي في عدن، وفداً يضمّ سبعة أحزاب، من بينها أحزاب اللقاء المشترك، بعدما التقى أعضاء من الحوار والبرلمان والشورى، والهيئة الوطنية لمخرجات الحوار. ويوجد العشرات منهم في عدن منذ عودة هادي، الذي لم يتأخّر في سحب استقالته المقدّمة إلى مجلس النواب، فيما بادرت قيادة البرلمان بدعم شرعيته لإدارة الدولة.
اقرأ أيضاً: أدوات تفكيك الانقلاب: الرئيس اليمني نحو تشكيل حكومة مصغرة
في المقابل، تستعد عدن ولحج وأبين لإعادة ترتيب الأوضاع الإداريّة فيها، بما يتناسب مع نقل مقرّ إدارة الدولة. ومن المقرر أن يتمّ إنشاء مقرات موازية للمقرات الحكوميّة في صنعاء، بما فيها قيادة الجيش، الذي يترأسه هادي نفسه، فضلاً عن أجهزة المخابرات، وتفعيل دور فرع البنك المركزي في عدن، والوضع الاقتصادي، وتحديداً لناحية إعادة النظر بوضع موارد الطاقة والنفط، وتفعيل دور ميناء عدن والمكلا، وإعادة غربلة الإعلام الرسمي في عدن، وفصله عن صنعاء.
وفي هذا الإطار، يقول عضو مؤتمر الحوار زيد السلامي لـ "العربي الجديد"، إنّ "هادي يستطيع، لكن بالتدريج، إعادة طاقمه بحسب الإمكانات المتاحة"، لافتاً إلى أنّه "لا بنية تحتيّة كاملة في عدن لإدارة الدولة، بعد تدمير كامل المؤسّسات والمرافق الحكوميّة، التي كانت موجودة قبل عام 1990، من قبل نظام صالح".
ويعتبر السلامي، في الوقت ذاته، أنّه "مع الدعم الدولي والإقليمي لهادي، يمكن أن يصبح المستحيل ممكناً"، مشيراً إلى أنّه "على هادي أن يغيّر أسلوبه وطريقة الحكم، التي استخدمها في صنعاء وأثبتت فشلها، لأسباب عديدة، منها البطء في اتخاذ القرارات، والتردد وعدم الحزم في مواضيع كثيرة، بالإضافة إلى توكيل معظم المهام لأبنائه وللمحيطين به، وهم غير جديرين بذلك".