وصل عمر أكبر مُعمّر في المغرب إلى مائة وأربعين عاماً. يدعى محمد البواشري، ويلقب بـ "عبو". يعيش في قرية القلعة في ضواحي مدينة تاونات، وقد عاصر سبعة ملوك حكموا المغرب. هذا المعمّر جذب عدداً من وسائل الإعلام المغربية والدولية، التي بدأت تتناول قصة حياة هذا المسن، باعتباره أكبر معمّر في البلاد، وأحد أكبر المعمرين في أفريقيا والعالم العربي أيضاً.
لدى عبو لحية بيضاء وظهر منحن وبنية نحيلة. ورغم مرور كل هذه السنوات، ما زالت ذاكرته قوية. يتلعثم أحياناً، لكنه يدرك تماماً ما يقوله ويعرف أسماء الأشخاص الذين يتحدث إليهم. عبد الله خلاط، وهو أحد أبناء منطقة تاونات، يقول لـ "العربي الجديد" إنّ "عبو هو أكبر معمر في المغرب على الإطلاق"، مشيراً إلى وجود معمّر آخر عمره 120 عاماً، ويعيش في شرق البلاد.
وحول طريقة عيش عبو، الذي تمكن من الحفاظ على صحته حتى اليوم، يوضح خلاط أنه لطالما أخبرهم بأنه لم يزر الطبيب إلا مرة واحدة في حياته. يضيف أن لديه عدداً كبيراً من الأبناء والأحفاد وأبناء الأحفاد، حتى أنه يصعب عليه إحصاؤهم بدقة. يعيش أبناؤه في مناطق عدة، وكذلك أحفاده وأحفاد أحفاده، ودائماً ما يفتخر بهم أمام جيرانه.
ينقل خلاط ما يشاع عن عبو. يقول إنه كان يأكل كل ما هو نباتي وطبيعي، ويبتعد ما استطاع عن اللحوم. يضيف أن فقره جعله يكثر من تناول خبز الشعير وزيت الزيتون، حتى أنّه لم يشك يوماً من أي مرض. وكان كلما يشعر بتعب أو توعك، يقاوم بالحركة أو العمل اليدوي. كذلك، يرفض تناول الأدوية. وهو محب للحياة، يبتسم ويمرح كثيراً، ويبتعد عن الهموم ما استطاع.
عبو ليس المعمر الوحيد في قرية القلعة. هناك معمّرون آخرون، وإن كانت أعمارهم تقل عن 140 عاماً، على غرار الحاج محمد برودي الذي توفي قبل أسابيع عن عمر ناهز المائة عام، كما يقول ابنه محمد برودي. ويوضح لـ "العربي الجديد" أنه يعيش في منطقة القلعة عدد من المعمرين وكبار السن الذين تجاوزوا التسعين عاماً، منهم والده المتوفى حديثاً، والذي تجاوز المائة عام، ولم يعان في حياته من مشاكل صحية تذكر.
يضيف أن والده لم يكن يشكو من أية أمراض طوال حياته، ولم يعرف غير العمل في الحقل والفلاحة، وشرب المياه الصحية من القرية، ولطالما حرص على تناول الأطعمة الصحية بعيداً عن ملوثات المدينة. يتابع أنه كان يحرص على أداء الصلاة في وقتها. وفجأة، تعرض لوعكة صحية، وتوفي على أثرها. يضيف أنّ والده المعمر كان يرفض التوجه إلى الأطباء، وإن تعرض لوعكة صحية، كانت يتناول الأعشاب الطبيعية، وسرعان ما يرتاح. ويلفت إلى أن القرية التي يقطنها والده تضم عدداً من المعمرين، سواء أكانوا رجالاً أم نساء. برأيه، يرتبط الأمر بهواء المنطقة العليل ومياهها الصحية. ويشير إلى أن استنشاق هواء هذه المنطقة القروية يساهم في تنظيف الرئتين. كذلك، فإن شرب مياهها يخفف من آلام المعدة، موضحاً أن سكانها لا يعانون من الأمراض، وبالتالي يعيشون طويلاً.
ومن المعمّرين الآخرين في المغرب، قدور مقصوري، الذي يبلغ من العمر 130 عاماً، ويعيش في منطقة أولاد فرج في الجديدة، وعرف أنه من ممارسي رياضة ركوب الخيل. كما أنه عاصر سبعة ملوك، على غرار عبو.
أما الحاج محمد الوجدي، فيبلغ عمره نحو 120 عاماً، ويعيش في مدينة وجدة شرق المملكة، وقد توفيت والدته أيضاً عن عمر يناهز 130 عاماً. في أسرته عدد من المعمرين، وكأن هذا إرث في العائلة. عمل الحاج محمد الوجدي، منذ كان شاباً، حلاقاً للأطفال، وعاصر ملوكاً عدة في تاريخ البلاد. وشارك في الحرب العالمية الأولى كجندي مع القوات الفرنسية.
يقول بعض الذين عرفوا الحاج محمد إنّ لديه عدداً كبيراً من الأولاد والأحفاد الذين يعيشون في مناطق متفرقة في المغرب. ولا يذكر جميع أسماء أحفاده أو زوجات أولاده. ولطالما كان قويّ البنية والعزيمة في سنوات شبابه، وقد اعتاد المشي ساعات طويلة، الأمر الذي ساهم في حفاظه على لياقته.
أما مينة عبد اللوي، فقد بلغت 110 أعوام. عاشت المرحلة التي لم يكن فيها أي حدود بين المغرب والجزائر. ورغم أنها فقدت البصر، ما زالت بكامل قواها العقلية. ما زالت تذكر كل تفاصيل حياتها وحياة أبنائها السبعة وأحفادها الـ46. ويبدو أن طول العمر وراثي في عائلتها أيضاً، فقد تجاوز عمر أشقائها القرن من الزمن.