في بلاد تعاني من البطالة، يبدو من الصعب على العمال الأميركيين فرض شروطهم على أصحاب العمل، والدولة لتأمين حقوقهم، لكنّ ولاية نيويورك تحرّكت لنصرتهم من جهتها
يواجه المعيلون، رجالاً ونساء، في الولايات المتحدة الأميركية، تحديات خانقة عندما يضطر المعيل الوحيد للعائلة إلى أخذ إجازة لظروف طارئة كولادة طفل مثلاً أو مرض أحد الأفراد. يضطر كثيرون للاعتماد على العائلة المصغرة ودخل جميع الأفراد فيها لضمان عيش كريم، في ظل تلاشي القدرة على الادخار، وعدم توفر الدعم الذي كان متوفراً سابقاً في التركيبة العائلية التقليدية، حيث يمكن للأقارب تقديم الدعم عند ولادة طفل جديد أو مرض أحدهم.
أدى الغلاء المعيشي واضطرار كثيرين إلى النزوح عن أماكن ولادتهم والسكن في مدن كبيرة أو مناطق بعيدة عن بقية العائلة الممتدة إلى خلق تحديات أكبر أمام العائلات وتهديدات للدخل المادي. لذلك، تحاول الكثير من الدول الغنية، خصوصاً، سنّ قوانين تحفظ حقوق العمال بشكل أفضل وتساعد على العيش بكرامة وأمن اجتماعي. لكنّ النظام الاقتصادي الأميركي الرأسمالي، الذي يحافظ على حقوق أرباب العمل أكثر من محافظته على حقوق العمال، يجد نفسه متخلفاً في ما يخص الحفاظ على حقوق العائلة والأفراد العاملين، مقارنة بالدول الغربية الغنية كألمانيا أو الدول الاسكندنافية التي تتبع نظماً اقتصادية رأسمالية أقل شراسة من أميركا. ولأنّ التشريعات الفدرالية رهينة الانقسام الحزبي ونفوذ رؤوس الأموال التي تموّل الحملات الانتخابية لكثير من النواب الأميركيين، فإنّ أيّ تقدم ملحوظ للحصول على تشريعات متطورة، ليس في الإمكان تحقيقه فدرالياً في الوقت الراهن، لكن في الإمكان إحرازه على مستوى الولايات. وتسمح الاستقلالية الكبيرة، التي تتمتع بها الولايات الأميركية، بسن قوانين محلية تقدم حماية أفضل لسكانها. وهذا ما حدث في ولاية نيويورك مع قانون حماية العمال الذين حظوا منذ بداية العام بإجازة مدفوعة لأسباب عائلية.
لا تخفي نائبة حاكم ولاية نيويورك، كاثي هوكل، فخرها وحماسها بأنّ ولاية نيويورك، منذ بداية العام الحالي، بدأت بالعمل بقانون يؤمن حماية ويسمح للأفراد من سكان ولاية نيويورك بأخذ إجازة مدفوعة الأجر حتى 12 أسبوعاً. القانون الجديد يسمح حالياً بثمانية، لكن من المفترض أن يجري رفعها تدريجياً حتى عام 2021 لتصل إلى 12 أسبوعاً على الأقل. ويضمن البرنامج الحماية القانونية لسكان ولاية نيويورك، رجالاً ونساء، ليتمكنوا من أخذ إجازة مدفوعة بسبب ولادة أو تبنّي العائلة لطفل أو عند حاجتهم إلى الاعتناء بأحد أفراد العائلة لأسباب صحية طارئة (للوالدين أو الزوج/ة أو الأطفال). وصفت هوكل البرنامج بأنّه الأكثر كرماً في الولايات المتحدة ويهدف إلى أن تحافظ العائلات على أمن وظيفي لا يؤدي إلى خسارة الأم أو الأب العمل أو اضطرارهما للاختيار بين العمل والعائلة، بمجرد إنجاب أو تبنّي طفل أو مواجهة ظروف عائلية صعبة جداً، كما يسمح البرنامج بأن تأخذ العائلة إجازة مدفوعة الأجر تصل على الأقل إلى خمسين في المائة من الراتب.
اقــرأ أيضاً
قد تبدو هذه الحقوق أمراً بديهياً يجب الحصول عليه كجزء من الحقوق الأساسية التي تحفظ الكرامة للعمال في أيّ مجال، خصوصاً في الدول الغنية والمتطورة صناعياً، لكنّ الواقع في النظام الرأسمالي الأميركي غير ذلك. فهذا القانون هو أول قانون شامل في الولايات المتحدة للذين يعيشون ويعملون في نيويورك، لكنّه ليس قانوناً فدرالياً ولا ينطبق على الولايات الأخرى غير نيويورك.
وكانت ولايات أميركية عدة قد سبقت نيويورك في سنّ قوانين مشابهة، مثل كاليفورنيا، لكنّها قوانين أقل شمولية. وأثبتت تلك القوانين نجاحها على الرغم من ذلك. وتبيّن أنّ الحماية القانونية تضمن استمرارية العمال وتحافظ على اجتذاب كفاءات عالية، بحسب هوكل. وكانت الحكومات الفدرالية والمحلية قد تركت في الماضي القرار للشركات والمؤسسات بترتيب تلك الأمور بشكل خاص، لكن مع الوقت، وبسبب ازدياد الوعي والحاجة الماسة إلى الحماية، بدأت تلك الولايات في سنّ قوانين تؤمن الحماية القانونية لسكانها وتسمح كذلك بوجود برامج وصناديق تأمين مدعومة من الحكومات المحلية تساعد على تحمل بعض النفقات. لا يهدف القانون فقط لدعم حقوق العمال بل كذلك مساعدة الشركات لتصبح أكثر جاذبية عن طريق شروط عمل مريحة للعمال تجذب أفضل الكفاءات إليها. وعندما يدرك العمال في أيّ مؤسسة أنّ في إمكانهم أخذ إجازة مدفوعة الأجر لشهرين أو ثلاثة، أو غير مدفوعة لمدة ما بعد ذلك، من دون أن يؤدي ذلك إلى خسارتهم عملهم، فإنّ شروط العمل تلك تؤمّن شعوراً أفضل بالانتماء إلى مكان العمل، وتشجع ذوي الكفاءات العالية على الانضمام أو الاستمرار في عملهم لأنّهم يشعرون بوجود محيط عمل داعم لهم ولا يقف عائقاً أمام احتياجاتهم العائلية والشخصية. وتؤكد هوكل أنّ العديد من الدراسات، كما تجارب دول عديدة، أثبتت ذلك.
تبقى الإشارة إلى أنّ في الولايات المتحدة قوانين على مستوى فدرالي تضمن نوعاً من الحماية، خصوصاً إذا ما تعرض العامل لمرض معين، لكنّ تلك الحماية محدودة الوقت في الغالب وليست مدفوعة الأجر دائماً. ولا شك أنّ قانون نيويورك يعطي حيوية لدعم الطبقة الفقيرة، ومعها الطبقة الوسطى الآخذة بالتآكل في أغنى بلد في العالم يعطي الأغنياء إعفاءات ضريبية ضخمة في حين يثقل كاهل بقية الطبقات.
اقــرأ أيضاً
يواجه المعيلون، رجالاً ونساء، في الولايات المتحدة الأميركية، تحديات خانقة عندما يضطر المعيل الوحيد للعائلة إلى أخذ إجازة لظروف طارئة كولادة طفل مثلاً أو مرض أحد الأفراد. يضطر كثيرون للاعتماد على العائلة المصغرة ودخل جميع الأفراد فيها لضمان عيش كريم، في ظل تلاشي القدرة على الادخار، وعدم توفر الدعم الذي كان متوفراً سابقاً في التركيبة العائلية التقليدية، حيث يمكن للأقارب تقديم الدعم عند ولادة طفل جديد أو مرض أحدهم.
أدى الغلاء المعيشي واضطرار كثيرين إلى النزوح عن أماكن ولادتهم والسكن في مدن كبيرة أو مناطق بعيدة عن بقية العائلة الممتدة إلى خلق تحديات أكبر أمام العائلات وتهديدات للدخل المادي. لذلك، تحاول الكثير من الدول الغنية، خصوصاً، سنّ قوانين تحفظ حقوق العمال بشكل أفضل وتساعد على العيش بكرامة وأمن اجتماعي. لكنّ النظام الاقتصادي الأميركي الرأسمالي، الذي يحافظ على حقوق أرباب العمل أكثر من محافظته على حقوق العمال، يجد نفسه متخلفاً في ما يخص الحفاظ على حقوق العائلة والأفراد العاملين، مقارنة بالدول الغربية الغنية كألمانيا أو الدول الاسكندنافية التي تتبع نظماً اقتصادية رأسمالية أقل شراسة من أميركا. ولأنّ التشريعات الفدرالية رهينة الانقسام الحزبي ونفوذ رؤوس الأموال التي تموّل الحملات الانتخابية لكثير من النواب الأميركيين، فإنّ أيّ تقدم ملحوظ للحصول على تشريعات متطورة، ليس في الإمكان تحقيقه فدرالياً في الوقت الراهن، لكن في الإمكان إحرازه على مستوى الولايات. وتسمح الاستقلالية الكبيرة، التي تتمتع بها الولايات الأميركية، بسن قوانين محلية تقدم حماية أفضل لسكانها. وهذا ما حدث في ولاية نيويورك مع قانون حماية العمال الذين حظوا منذ بداية العام بإجازة مدفوعة لأسباب عائلية.
لا تخفي نائبة حاكم ولاية نيويورك، كاثي هوكل، فخرها وحماسها بأنّ ولاية نيويورك، منذ بداية العام الحالي، بدأت بالعمل بقانون يؤمن حماية ويسمح للأفراد من سكان ولاية نيويورك بأخذ إجازة مدفوعة الأجر حتى 12 أسبوعاً. القانون الجديد يسمح حالياً بثمانية، لكن من المفترض أن يجري رفعها تدريجياً حتى عام 2021 لتصل إلى 12 أسبوعاً على الأقل. ويضمن البرنامج الحماية القانونية لسكان ولاية نيويورك، رجالاً ونساء، ليتمكنوا من أخذ إجازة مدفوعة بسبب ولادة أو تبنّي العائلة لطفل أو عند حاجتهم إلى الاعتناء بأحد أفراد العائلة لأسباب صحية طارئة (للوالدين أو الزوج/ة أو الأطفال). وصفت هوكل البرنامج بأنّه الأكثر كرماً في الولايات المتحدة ويهدف إلى أن تحافظ العائلات على أمن وظيفي لا يؤدي إلى خسارة الأم أو الأب العمل أو اضطرارهما للاختيار بين العمل والعائلة، بمجرد إنجاب أو تبنّي طفل أو مواجهة ظروف عائلية صعبة جداً، كما يسمح البرنامج بأن تأخذ العائلة إجازة مدفوعة الأجر تصل على الأقل إلى خمسين في المائة من الراتب.
وكانت ولايات أميركية عدة قد سبقت نيويورك في سنّ قوانين مشابهة، مثل كاليفورنيا، لكنّها قوانين أقل شمولية. وأثبتت تلك القوانين نجاحها على الرغم من ذلك. وتبيّن أنّ الحماية القانونية تضمن استمرارية العمال وتحافظ على اجتذاب كفاءات عالية، بحسب هوكل. وكانت الحكومات الفدرالية والمحلية قد تركت في الماضي القرار للشركات والمؤسسات بترتيب تلك الأمور بشكل خاص، لكن مع الوقت، وبسبب ازدياد الوعي والحاجة الماسة إلى الحماية، بدأت تلك الولايات في سنّ قوانين تؤمن الحماية القانونية لسكانها وتسمح كذلك بوجود برامج وصناديق تأمين مدعومة من الحكومات المحلية تساعد على تحمل بعض النفقات. لا يهدف القانون فقط لدعم حقوق العمال بل كذلك مساعدة الشركات لتصبح أكثر جاذبية عن طريق شروط عمل مريحة للعمال تجذب أفضل الكفاءات إليها. وعندما يدرك العمال في أيّ مؤسسة أنّ في إمكانهم أخذ إجازة مدفوعة الأجر لشهرين أو ثلاثة، أو غير مدفوعة لمدة ما بعد ذلك، من دون أن يؤدي ذلك إلى خسارتهم عملهم، فإنّ شروط العمل تلك تؤمّن شعوراً أفضل بالانتماء إلى مكان العمل، وتشجع ذوي الكفاءات العالية على الانضمام أو الاستمرار في عملهم لأنّهم يشعرون بوجود محيط عمل داعم لهم ولا يقف عائقاً أمام احتياجاتهم العائلية والشخصية. وتؤكد هوكل أنّ العديد من الدراسات، كما تجارب دول عديدة، أثبتت ذلك.
تبقى الإشارة إلى أنّ في الولايات المتحدة قوانين على مستوى فدرالي تضمن نوعاً من الحماية، خصوصاً إذا ما تعرض العامل لمرض معين، لكنّ تلك الحماية محدودة الوقت في الغالب وليست مدفوعة الأجر دائماً. ولا شك أنّ قانون نيويورك يعطي حيوية لدعم الطبقة الفقيرة، ومعها الطبقة الوسطى الآخذة بالتآكل في أغنى بلد في العالم يعطي الأغنياء إعفاءات ضريبية ضخمة في حين يثقل كاهل بقية الطبقات.