نيسان قسنطيني.. تأمّلات حول مسجد قرطبة

17 يناير 2017
(عمل لـ نيسان قسنطيني)
+ الخط -

في "البيت العربي" بقرطبة، يستمرّ معرض الفنانة التونسية نيسان قسنطيني (1976) "سريع الزوال"، بالتعاون مع صابرينا عمراني، حتى 14 شباط/فبراير القادم.

تعود قسنطيني في معرضها هذا إلى الرسوم الخطيّة والألوان المائية، وتلجأ على نحوٍ أساسي إلى هندسة الأشكال في الطراز الإسلامي وإلى استاتيكية الزخرفات المعمارية فيه، مستلهمةً جُلّ أفكارها من العناصر الفنية المتنوّعة والمثقلة بتفاصيل فريدة، في "مسجد قرطبة" التاريخي.

بالرغم من ذلك، يبتعد المعرض عن الكلاسيكيّ في التصاميم الإسلامية؛ وأبعد حتّى من التعمّق في الهيكليّة التزيينية الأندلسية، من زاويةٍ نظريةٍ صرفة، واستخدام تلك العناصر كأرضيةٍ لا غير، يُركّز المعرض على بحثٍ ذي طابع وُجوديّ، في موقع العمل على الأرض، تمضي به قسنطيني بعيداً لتطرح خلاله تساؤلات عدّة حول تناقضات وتقلّبات الحياة والذاكرة معاً.

تستقصي اللوحاتُ، التي تستوحي طبيعة الماء السائلة، الحركةَ الدائمة والتأمّل الباطني، وتبدو مبتكرة إثر عملية هي استغراقية إلى أقصى الحدود، تتحدّث عن التغيّر المستمرّ، عن الغياب وعن الضياع. كذلك، فالقطعُ-الرسومُ التي تؤلّف العمل الواحد تُعرِّف الماء (بوصفه عنصراً حيّاً) كتدويناتٍ للذاكرة عبر الذبذبات، حيث يتوحّدُ فيها هذا العنصر وينفصل، يُبقى عليه ويُبعَد.

في المحصلة، نلقى الرسوم في حالة تغيّر دائم، وكأن الخطوط والأشكال في هروب مستمرّ من محدّداتها. يمكن مشاهدتها بشكل منفصل أو ككتلة مجتمعة إذ يغلّفها هارموني واحد كما في نوتة موسيقية مجهولة. وبعكس ميولها الاعتيادية في العملية الإبداعية، اختارتْ الفنانة تتبُّع حدسها بحرية من خلال الرسم، ناظرةً إليه بوصفه محض ضرورة، قبل أيّ شيء آخر.

ويذكر أن قسنطيني درست في أكاديمية الفنون الجميلة في تونس، ثم في جامعة ستراسبورغ وبعدها في السوربورن بباريس، وقدّمت أعمالها في عشرات المعارض الجماعية والفردية حول العالم.

دلالات
المساهمون