حين افتتح الرسام الإيطالي أوتورينو بيكي (1878-1949) محترفاً لتعليم الرسم في الإسكندرية، التحق به فنان سكندري يدعى نور اليوسف (1928-2000)، الذي كان صديقاً لـ الأخوين وانلي، خاصة سيف.
كان اليوسف فناناً ذا خصوصية شديدة، مثلما كانت شخصيته، وعاش مع الفن والبحر، حيث كان قبطاناً بحرياً، ولم يختلط بالأوساط الثقافية، بل ظلّ يرسم ويعيش بين البحر ومرسمه، وأقام معارض عديدة خارج مصر، بينما عرض مرتين أو ثلاثة داخل بلاده.
لكثيرين هو فنان مجهول، رغم أنه انتقى بعض الشخصيات التي كان يتردّد عليها ومن بينهم أنيس منصور ويوسف إدريس، وما زال إلى اليوم مجهولاً وربما أكثر من السابق، فأنت مهما فتّشت عنه في محرك البحث "غوغل" لن تجد له ذكراً.
غاليري "أركيد" يقدم لأول مرة معرضاً استعادياً لأعمال الفنان السكندري المنعزل والراحل يفتتح عند السابعة من مساء العاشر من كانون الثاني/ يناير ويتواصل حتى 15 شباط/ فبراير.
تحت عنوان "إحياء"، يعرض "أركيد" مجموعة نادرة من اللوحات لأحد فناني الرعيل الأول، والتي كانت في حيازة جامع الأعمال الفنية السكندري فتوح القابع.
يصف بيان المعرض الفنان بأنه "وهب حياته للفن فلم يتزوج وعاش راهباً في محرابه مستمتعاً بما يقدمه لنفسه من فن منطوياً عن المجتمع، ليس له صديق إلا فرشاته الني يعبر بها عن أحاسيسه".
ويضيف أن عمله كقبطان أتاح له التجوال ومقابلة مجموعة كبيرة من الفنانين العالميين مثل الفنان الإسباني ميرو والفنان الفرنسي مارسيل دو شامب والفنان فرانسيس بيكون، حيث توثّقت العلاقة مع الأخير، وفقاً لبيان "أركيد"، وظهر تأثره به في أعماله من حيث ترتيب المساحات اللونية.
يقال إن لوحة طُلبت منه في عهد عبد الناصر، عن الوحدة العربية، لكنه فضّل وحدته الشخصية وانعزاله وخشي من أن تنفيذ هذه اللوحة سيقرّبه من الأوساط الثقافية والسياسية التي ظلّ يؤثر أن يكون بعيداً عنها.
احتفظ اليوسف بأعماله كلها باستثناء بعض الأعمال القليلة التي أهداها إلى أصدقائه من الفنانين الأجانب، وبعض الكتّاب المصريين.