نوجين مصطفى.. منذ أن غادرت حلب

07 مايو 2017
(نوجين مصطفى على الحدود الصربية - الكرواتية، 2015)
+ الخط -

ضمن فعاليات معرض "زمن الكتب" الذي اختتم في ميلانو مؤخراً، قدّمت مديرة التحرير في دار "هاربر كولينز"، فيفيانا ماتزا رواية "رحلة نوجين اللامعقولة" لـ نوجين مصطفى وكريستينا لامب. وهذه الأخيرة، هي صحافية بريطانية اشتركت سابقاً مع ملالا يوسف زي في تأليف كتاب "أنا ملالا".

نوجين فتاة في السادسة عشرة، وهي واحدة من ملايين السوريين الذين اضطروا إلى النزوح بحثاً عن ملاذ آمن، لكن ما جعل رحلتها أصعب أنها مُقعدة، وأنها قطعت ستة آلاف كيلومتر عبر ثماني دول على كرسيها المتحرّك بمساعدة شقيقتها نسرين قبل أن تصل إلى ألمانيا وتستقر هناك.

تحوّلت نوجين خلال فترة قصيرة، بفضل الكتاب، إلى بطلة معاصرة؛ المفارقة أن تجربة اللجوء منحتها زخماً جديداً في الحياة، إذ أتيح لها للمرة الأولى أن ترتاد المدرسة وأن تتنقل بسهولة من البيت إلى حيث تشاء، بعكس ما كان عليه وضعها سابقاً، حيث كانت حبيسة البيت بسبب صعوبة النزول والصعود من الطابق الثالث في حيّ الأشرفية الشعبي في حلب.

كانت نوجين تعرف العالم عن طريق التلفزيون فقط، واستطاعت من خلاله أن تُكَوِّن ثقافتها الخاصة وتتعلّم اللغة الإنكليزية عبر متابعتها المستديمة للمسلسلات العاطفية الأميركية والأفلام الوثائقية.

في المقابلة التلفزيونية التي عُرِضَتْ أثناء تقديم الكتاب، تقول نوجين عن رحلتها "نظراً إلى وضعي، عاملني الناس دائماً بلطف، كانوا يُفسحون لي المكان الأول في الطابور عندما كنا نصطفّ لاستلام الطعام أو إجراء المعاملات القانونية لدى السلطات. وكنت سعيدة جداً لأنني تمكنت من استعمال لغتي الإنكليزية للمرة الأولى، وشعرت حينئذ أنني أستطيع أن أكون مفيدة لنفسي وللآخرين".

وتكمل "كان هناك من يريد أن يساعدنا، وآخرون كانوا ينظرون إلينا بازدراء ويتمنّون لو أننا نختفي من الوجود. أعتقد بأنهم كانوا يشعرون بأحاسيس متناقضة ولا يعرفون كيف يجب أن يتصرفوا تجاهنا. أما أصعب اللحظات التي مررنا بها فقد كانت في جزيرة ليزبوس اليونانية بانتظار الحصول على وثائقنا. كنا ننام في خيم تحرسها الكلاب البوليسية. ثم قضينا يوماً في السجن أيضاً".

طيلة رحلة اللجوء هذه، لم تتخل نوجين عن أحلامها، تتمنى أن تتزوج وتحصل على الجنسية الألمانية، وفوق كل شيء أن تصبح رائدة فضاء، وإن لم يتحقق لها ذلك، فتتمنى أن تحترف الكتابة لأن تجربتها مع لامب كانت رائعة.

تروي نوجين "في البداية كنت منفعلة كثيراً عندما اقترحوا عليّ سرد قصتي بمساعدة صحافية. قرأت كتاب "ملالا" وكنت أعرف كم هي ماهرة هذه الصحافية. بينما كنت أتكلّم عن نفسي، كان يتملّكني الإحساس بأنني أروي أشياء مُمِلّة، ولكن عندما قرأت كيف أعادت سردها بأسلوبها، قلت يا لها من قصة مثيرة!".

تتابع "شكّلنا، أنا وهي فريقاً ممتازاً، ووافقتُ على نشر هذا الكتاب لأنقل إلى الآخرين ذاك الذي يحسّ به المرء عندما يشعر بأنه مجرد رقم. ولكنني صغيرة في السن، وأتمنى أن الناس عندما يقرؤون قصتي هذه سيتفهّمون ماذا يعني أن تجد نفسك فجأة محاطاً بالموت والدمار، وترى أحبّاءك يرحلون الواحد تلو الآخر. لقد بذلت كل جهدي لأنقل هذه المكابدة إلى الآخرين".

المساهمون