مجدداً، تورط عدد غير قليل من أعضاء مجلس النواب (البرلمان) المصري في بيع تأشيرات الحج، التي حصلوا عليها على سبيل "المجاملة" من سفارة المملكة العربية السعودية لدى القاهرة، إلى الشركات السياحية بقيمة تراوح ما بين 50 ألف جنيه (2796 دولاراً أميركياً) و95 ألفاً (5314 دولاراً) لكلّ تأشيرة، بغرض إعادة طرحها على المواطنين الذين لم يحظوا بفرصة الفوز بإحدى التأشيرات الرسمية، وبيعها بضعفي الثمن بعد تخصيص تلك الشركات برنامجاً لأداء مناسك الحج.
وخفّضت السفارة السعودية عدد التأشيرات الممنوحة للنواب المصريين من 1785 تأشيرة العام الماضي إلى 1290 تأشيرة لهذا العام، بواقع 1190 تأشيرة موزعة على 595 نائباً (تأشيرتان لكلّ نائب)، علاوة على تخصيص 90 تأشيرة لصالح كبار الموظفين في أمانة البرلمان، و10 تأشيرات للصحافيين المعتمدين لدى المجلس، بعدما فضح العام الماضي بيع بعض النواب تأشيراتهم للمواطنين، وتحصيل مبالغ كبيرة منهم مقابل ذلك.
يقول مصدر نيابي بارز لـ"العربي الجديد": "مجموعة من النواب أخلّت بمعايير توزيع تأشيرات الحج، المعلنة من الأمانة العامة للبرلمان، فبينما اشترطت الأخيرة ضرورة تقديم إثبات صلة القرابة بين النائب، ومن يتقدمون للحصول على التأشيرات، فإنّ غالبية النواب تقدموا بأوراق مواطنين لا علاقة أو قرابة بينهم، فإما هم من أهالي دائرتهم، فلا ينالون بدلاً مالياً مقابل التأشيرة، أو يبيعونها لوسطاء الشركات السياحية بعد تلقي مبالغ كبيرة".
يفيد المصدر بأنّ تأشيرات الحج التي ترد إلى مجلس النواب تأتي ضمن حصة التأشيرات المخصصة للهيئات بمجلس الوزراء، ضمن ما يُعرف بـ"تأشيرات المجاملة" التي توزعها السفارة على مؤسسات الرئاسة، والبرلمان، ومجلس الوزراء، ووزارة الخارجية، وعدد من الجهات السيادية، والجرائد الحكومية والخاصة المصرية، خلاف التأشيرات الرسمية الممنوحة لوزارات الداخلية (حج القرعة)، والتضامن الاجتماعي (حج الجمعيات)، والسياحة (الحج السياحي).
وسلم أعضاء البرلمان الأوراق الخاصة بالمواطنين الراغبين في الحصول على التأشيرات إلى الأمانة العامة لمجلس النواب، السبت الماضي، تمهيداً لتسليم "جوازات السفر" الخاصة بهم، يوم غد الثلاثاء، بعد التصديق عليها من جانب السفارة، في الوقت الذي رفعت فيه شركة "مصر للطيران" الحكومية أسعار تذاكر الطيران الخاصة بالحج إلى مستويات قياسية لهذا العام، إذ وصلت قيمة التذكرة الواحدة إلى نحو 34 ألف جنيه (1900 دولار).
بالعودة إلى بيع التأشيرات، كان رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، قد عمد إلى تجاهل البلاغ المقدم من مالك شركة "أموزيس" للسياحة، عماد حسين شعبان، إلى النائب العام، مدعوماً بالمستندات، في 16 سبتمبر/ أيلول 2017، الذي يتهم فيه خمسة من أعضاء البرلمان ببيع 90 تأشيرة حصلوا عليها بالمجان من السفارة السعودية في القاهرة، بمبالغ تراوح ما بين 50 إلى 95 ألف جنيه عن التأشيرة الواحدة.
رفض عبد العال آنذاك فتح التحقيق في المذكرة الجماعية التي تقدم بها عدد من النواب، للمطالبة بمساءلة زملائهم المتورطين في هذه الوقائع، لما شكلته من إساءة لصورة البرلمان أمام الرأي العام، وزيادة وتيرة هجوم المواطنين عليه، بناءً على ما أورده البلاغ بحق النواب محمد عمارة (مستقل)، ونعمت قمر (حزب السلام الديمقراطي)، وثريا الشيخ (عضو ائتلاف دعم مصر)، وعبير تقبية (مستقلة)، ورشاد شكري (عضو ائتلاف دعم مصر).
وكانت الأمانة العامة لمجلس النواب المصري قد أخطرت أعضاء البرلمان، عبر رسائل نصية، الأربعاء، بتخصيص السفارة السعودية لدى القاهرة تأشيرتي حج مجانيتين لكلّ نائب، مطالبة كلّاً منهم بسرعة التقدم بأوراق المستفيدين من هذه التأشيرات من ذويهم، ومعارفهم، وذلك بحد أقصى ظهر السبت الماضي، حتى يتسنى إرسالها للسفارة والتصديق عليها.
وخصصت المملكة العربية السعودية 78 ألف تأشيرة حج لمصر لهذا العام، تتضمن 36 ألف تأشيرة للحج السياحي، فيما يوزع العدد المتبقي بين وزارة الداخلية المسؤولة عن حج القرعة، ووزارة التضامن الاجتماعي المسؤولة عن حج الجمعيات، بالإضافة ما يُعرف بـ"تأشيرات المجاملة" التي توزعها السفارة على مؤسسات الرئاسة، والبرلمان، ومجلس الوزراء، ووزارة الخارجية، وعدد من الجهات السيادية، والجرائد الحكومية والخاصة المصرية.