نواب حماس بالقدس يطالبون بالتوجه لـ"الجنائية الدولية" بعد قرار سحب إقاماتهم

30 ابريل 2018
يشكل القانون سيفاً مسلطاً على رقاب المقدسيين(Getty)
+ الخط -

طالب نواب حركة "حماس" في "المجلس التشريعي الفلسطيني" عن مدينة القدس المحتلة، السلطة الفلسطينية، بضرورة التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة الاحتلال الإسرائيلي، بعد قراره سحب إقاماتهم يوم أمس الأحد، محذرين من خطورة هذا القرار وتبعاته، في حال إنفاذه.

وشمل القرار نواب حركة "حماس" في القدس والمبعدين عنها، وهم محمد أبو طير، أحمد عطون، محمود طوطح، إضافة إلى وزير ملف شؤون القدس السابق خالد عرفة.

وطالب عطون، في حديث لـ"العربي الجديد"، بـ"ضرورة وجود حراك سياسي ضاغط وفاعل لهذه القضية، وتوجه السلطة الفلسطينية إلى محكمة الجنايات الدولية بشكل حقيقي، وليس فقط عبر وسائل الإعلام، وبوجوب أن يكون هناك إجراء حقيقي على الأرض، خاصة أن هذا القرار يتناقض مع القانون الدولي واتفاقية جنيف وكل الشرائع الدولية التي تمنع هذا الإجراء، وهذا ما قالته قيادات دولية، ومنظمات دولية".

وشدد عطون على أنه "في حال لم يكن هناك حراك سياسي ضاغط على الاحتلال، وإن تم تمرير القرار، فستشهد مدينة القدس نوعاً من الانتكاسة الحقيقية بحق وجود أهلها فيها".

وأشار عطون إلى أن النواب راسلوا قيادات ومنظمات دولية، مشددين فيها على أن هذا الإجراء "لاأخلاقي ولاقانوني ولاإنساني"، مضيفاً أنه رغم ذلك، فإن "الاحتلال حتى الآن فوق هذه الإجراءات جميعها، وما زال يضرب بعرض الحائط كل المواثيق الدولية، ولا يأبه لأحد، ونحن نخاطب الآخرين وللأسف الشديد من باب التوسل للاحتلال، لا من باب الحصول على الحقوق ومحاكمة الاحتلال بالطريقة التي يجب أن يخاطب بها الاحتلال".

وأكد عطون على أنه "نحن الآن بصدد اللقاء مع طاقم من المحامين المتابعين للقضية، والمؤسسات التي كانت تتابعها أيضاُ في المحاكم، وسنرى ما هي المخرجات القانونية على هذا الصعيد، وللأسف الشديد أقول في المحاكم الإسرائيلية، لأننا مجبرين عليها كمقدسيين".

وشدد عطون على "وجوب حصول حراك سياسي، ولكن هناك انشغالات للقيادة الفلسطينية في هذه المرحلة، وكأن قضية القدس والإبعاد عن القدس ليست على سلم أولوياتهم حالياً، ويجب أن يكون هنالك ضغوط سياسية من قبل القيادة السياسية الفلسطينية، وتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية".

واعتبر عطون أن القرار هو "الأخطر الآن، لأنه لا يتحدث فقط عن نواب منتخبين، بل يتحدث عن عدم الولاء لدولة إسرائيل، وهذا يفتح على أهل مدينة القدس باب إبعاد أهل المدينة بالمجمل، ويخدم تفريغ المدينة، وأصبح القانون سيفاً مسلطاً على المقدسيين وكل من يتحدث عن القدس وقيادات المدينة المقدسة، ضمن مسلسل التهجير عن القدس".

وأشار عطون إلى أن "الاحتلال سعى إلى تقسيم مدينة القدس من خلال الجدار الفاصل، فعزل نصف أهل مدينة القدس عنها، وسحب بطاقات الكثير من المقدسيين تحت ذرائع كثيرة جداً، وأبعد عنها الكثير من المقدسيين، لذا أصبح هذا القانون سيفاً مسلطاً بيد الاحتلال على رقاب المقدسيين لإبعادهم عن مدينة القدس، وهنا تكمن الخطورة".

وأعاد النائب الفلسطيني التذكير بأنه "بعد ثلاثة شهور من انتخابنا في المجلس التشريعي عام 2006، تمت مصادرة بطاقات هوياتنا مع إعطائنا قراراً من وزير داخلية الاحتلال في حينه حول نيته سحبها، وتم اعتقالنا، ومكثنا في السجن أربع سنوات، وبعد الإفراج عنا، تفاجأنا أن بطاقاتنا تم حذفها وشطبها من الداخلية الإسرائيلية، وأبلغنا بقرار جديد بإبعادنا عن مدينة القدس، ورفضنا هذا القرار، واعتصمنا في الصليب الأحمر في القدس لمدة عام، إلى أن تم اختطافنا واعتقالنا، ومن ثم تم إبعادنا إلى رام الله".

وذكّر عطون أيضاً بوجود دعوى مرفوعة ضد إسرائيل في المحكمة العليا الإسرائيلية منذ العام 2006، وأصدرت قرارها في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، ذكرت فيه أن قرار وزير الداخلية الإسرائيلي في 2006 بحقنا بقضية الإبعاد وسحب هوياتنا لم يكن قانونياً، بمعنى آخر أن نعود لمدينة القدس، ولكن المحكمة ألحقت القرار بملاحظة إمهال حكومة إسرائيل ستة أشهر لتنفيذ هذا القرار، بمعنى أن هذه الملاحظة هي إشارة للبحث عن مداخل ومخارج حول القضية".

وتابع: "خلال الستة أشهر هذه، فوجئنا مرة ثانية بأن حكومة الاحتلال عقدت جلسة في ما يسمى بالكنيست الإسرائيلي، وأقرّت قانوناً جديداً بتوسيع صلاحية وزير الداخلية على خلفية عدم الولاء لدولة إسرائيل، أي أنه يحق لوزير الداخلية أن يسحب الهويات على عدم الولاء لدولة إسرائيل".

وأكد عطون أن "وزير داخلية الاحتلال أرسل لنا كتاباً جديداً، يوحي بأن المحكمة قررت، وأننا عدنا، ونحن لم نعد، وقال فيه أنه بناء على الصلاحيات التي لدي الآن، قررت سحب بطاقتكم للأسباب التالية، منها عدم ولائكم لدولة إسرائيل، وأنتم ما زلتم نواباً في المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة حماس، وأن الجهات الأمنية توصي أن عودتكم إلى القدس تشكل إعادة اعتبار للمقدسيين".

من جهته، أكد المهندس خالد أبو عرفة، وزير القدس الأسبق، أن قرار وزير داخلية الاحتلال أرييه درعي سحب إقامته وإقامة ثلاثة من نواب القدس في المجلس التشريعي، "جريمة إنسانية وإصرار من قبل سلطات الاحتلال على انتهاج الظلم الفادح بحقه وحق النواب وعموم المقدسية، عدا عن أنه جريمة بحق القانون الدولي الإنساني يناقض كافة المواثيق العادلة".

وفي حديث خاص لـ"العربي الجديد"، قال أبو عرفة إن "هذا إجراء يمثل حلقة إضافية ومحكمة في سلسلة إجراءات احتلالية تهدف إلى تهجير المقدسيين وتطهير المدينة عرقياً من سكانها وأصحابها الشرعيين، وهم الشعب الفلسطيني، وصولاً إلى التهويد المطلق للمدينة المقدسة".

وضمّ أبو عرفة صوته "لكافة المواطنين المقدسيين، في رفضهم لإجراءات الاحتلال التي تزداد شراسة وعنجهية، متبعة سياسة الأرض المحروقة بحق كل ما هو فلسطيني في القدس، في وقت يتواطأ فيه الكثير من المسؤولين العرب على المدينة المقدسة، لكننا رغم كل هذا التآمر، ورغم فداحة ما نتعرض له من ظلم، لن نمل من الدفاع عن حقوقنا والتسلح باتباع جميع السبل التي كفلها القانون الإنساني لانتزاع هذه الحقوق".

بدوره، أكد والد الشهيد بهاء عليان، أن قراراً مماثلاً وموقعاً من قبل وزير داخلية الاحتلال أرييه درعي، كان سلم لزوجته الخميس الماضي، ويقضي بحرمانها من حقها في الإقامة، مشيراً إلى أن البدء بتنفيذ مثل هذه القرارات معناه أن كل مقدسي لا يروق للاحتلال، سيصبح مهدداً بفقدان حقه بالإقامة في مدينته التي ولد وعاش فيها".

وفي تعليق له على هذه القرارات، اتهم مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، زياد الحموري، المؤسسة الإسرائيلية الرسمية والقضائية، بالتواطؤ في تنفيذ سياسة التطهير العرقي التي باتت مشرعة بقانون، بعد القرارات التي استهدفت نواب "حماس" ووزير القدس الأسبق، "ما يعني أن كل مقدسي يقاوم الاحتلال، سيصبح في دائرة الخطر الشديد، علماً أن القانون الجديد الذي استند إليه درعي، جاء بعدما أوصت المحكمة العليا الإسرائيلية حكومة الاحتلال بسن قانون يتيح ممارسة سياسة الطرد، وذلك في جلستها التي عقدتها في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وكانت اعتبرت في حينه القرارات بحق النواب المقدسيين بأنها غير قانونية".

وتساءل الحموري: "هل معنى هذا أن كل مقدسي مطالب من الآن فصاعداً، بأداء قسم الولاء لدولة الاحتلال، حتى لا يطرد من مدينته بجرة قلم من وزير داخلية الاحتلال"؟


يذكر أن وزير داخلية الاحتلال "الإسرائيلي"، أرييه درعي، أصدر مساء أمس الأحد، قراراً نهائياً بسحب البطاقات الشخصية لعطون وأبو طير وطوطح وعرفة، بحجة "عدم الولاء لإسرائيل"، بعد مصادقة "الكنيست" الإسرائيلي في مارس /آذار الماضي، على قانون يعطي وزير الداخلية الإسرائيلي الصلاحية لسحب الإقامات من المقدسيين، في حال ثبوت ارتباطهم بمنظمات تعتبرها "إسرائيل" إرهابية.

وجاءت تلك المصادقة بتعديل القانون، إثر قرار من محكمة الاحتلال العليا في سبتمبر/أيلول الماضي، باعتبار قرار إلغاء إقامة نواب القدس لاغياً، ولم تعطِ في حينه لوزير الداخلية الإسرائيلي صلاحية سحب الإقامات، ومنحت في ذات الوقت الحكومة الإسرائيلية مهلة لسن قانون يتيح سحبها.

وينصّ هذا "القانون الإسرائيلي"، على منح الصلاحيات للداخلية والسلطات الإسرائيلية بإمكانية طرد كل من يتم سحب الإقامة منه إلى خارج مناطق شرق القدس، وكذلك من الدروز في منطقة مرتفعات الجولان السورية المحتلة، وأنهم يحملون صفة "مقيمين" وليسوا مواطنين "لا يحملون الجنسية الإسرائيلية".