واجتمع النواب بدعوة من رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه في مجلس النواب، نزيه نجم، لاتخاذ موقف حول الواقعة التي كشفت عن فضيحة تتمثل بقيام "مجهول" بسد أحد أهم المجاري التي تصرّف المياه باتجاه منطقة الرملة البيضاء لتصب في البحر.
وتسبب الحديث عن الإبلاغ ضد مجهول استهجان وسخرية مواطنين ونواب عبّر عدد منهم عن غضبه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن الكل يعلم هوية من أغلق المجرور الرئيسي الذي تسبب بطوفان الطرق، مطالبين بتسمية الأشخاص.
من جهته، حمّل محافظ بيروت، زياد شبيب، مسؤولية ما حدث لبلدية الغبيري، والتي تتداخل حدودها مع بلدية بيروت، مما دفع برئيس بلدية الغبيري، معن الخليل، للتأكيد في تصريحات إعلامية أنه لا علاقة لبلديته، كاشفاً عن امتلاكه مراسلات تثبت إبلاغ بلديته المعنيين في محافظة بيروت بوضع مجاري الصرف الصحي.
وقالت النائبة بولا يعقوبيان لـ"العربي الجديد"، إنها اختارت "السير مع النواب في الادعاء ضد مجهول"، ما دام لا يمكنها إجبارهم على تسمية المتورطين، مضيفة أنها "فضلت المشاركة بهدف التمكن من متابعة التحقيقات، ولأني لمست وجود نوايا طيبة".
وأضافت: "دافعت عن فكرة ذكر الأسماء، وطلبت ألا يكون الادعاء ضد مجهول، وعندها تدخل قانونيون، مثل النائبة رلى الطبش، وقيل إنه في حال تقديم الدعوى ضد معلوم فإنها ستُردّ شكلاً، فأصررت على أن يشمل الادعاء البلديات والوزارات المعنية، وإذا صدر اتهام لصاحب مشروع (إيدن باي) بأنه رمى الإسمنت، فكلنا نعلم أن هناك من يؤمن له التغطية، وقد يكون شريكاً، وعلى التحقيق أن يكشف ذلك".
وترى يعقوبيان أن "وجود معارضة هو ما دفع النواب للتحرك"، ورداً على عدم تقدمها منفردة بدعوى قالت إن "التقدم بدعوى يشترط وجود صفة المتضرّر، في حين لا يعتبر النائب متضرراً. لذا عندما يتقدم بدعوى ترد شكلاً".
وأكدت أنها ستتابع القضية، وأنه على الجميع أن يستمروا بالمتابعة والسؤال. "يتمتع المتهم بتغطية، وهذه النقطة الأساسية التي يجب كشفها. ليست مسألة مجرور واحد، وإنما عدة مجارير في البلد. كل مجرور صغير مغطى من قبل مجرور كبير، ويجب كشفهم لنصل للمتسبب الأساسي".
وقال النائب نزيه نجم لـ"العربي الجديد": "قدمنا إخباراً ضد مجهول، ودعونا كنواب بيروت إلى اجتماع نهار الإثنين المقبل بحضور الوزراء المعنيين والقيادات المسؤولة، مثل وزراء الداخلية والأشغال والبيئة والطاقة والمياه والعدل، ومجلس الإنماء والإعمار، ومحافظ بيروت، ورئيس بلدية بيروت، ورئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية، وبلدية الغبيري، لنبدأ التحقيقات. سنتابع على الأرض قرارات المدعي العام وقرارات القضاء لنطالب بمحاسبة الفاعل".
ورفض نجم تسمية أي متهم، وتابع: "واجب القضاء تحديد ما حصل، وكمية الإسمنت التي رميت، وتسمية الفاعل، فحتى من يرتكب جريمة قتل لا يمكن تسميته قبل صدور حكم من القضاء. نحن نحترم القوانين اللبنانية، ونطالب بتنفيذها بحق كل من يجده التحقيق مذنباً".
وحول التخوف من عدم جدية المعنيين، يقول نجم: "الناس محقة في تخوفها، لكننا نطلب وقوفهم إلى جانبنا، فهم لم يختبرونا من قبل. على الأقل قمنا بتحرك اليوم، ودعونا لتحرك يوم الإثنين المقبل. في الشتاء المقبل يفترض ألا تطوف الشوارع مجدداً، ومن ارتكب أذى من المفترض أن يسارع اليوم لرفع الضرر".
وأشار إلى أنه في حال لم يلمس استجابة من المعنيين لن يطلب من الناس النزول إلى الشارع، بل سيدعو لمؤتمر صحافي يقول خلاله "الحقائق كما هي".
وقال النائب محمد خواجة لـ"العربي الجديد"، إن "الصيغة الأولى التي قدمت كانت ضعيفة، وهي كالإخبار الذي تقدم به المحافظ لمدعي عام التتمييز. عملنا على إضافة تعديلات، وما تم الاتفاق عليه كان حلا وسطا، وأرفقناه ببيان للإعلام، وتعهد بالمضي في الموضوع حتى النهاية. معلوم أن كل الهيئات والمجالس والوزارات على علاقة بالأمر، وهي إما مهملة أو متواطئة، أو شريكة. أما أسماء الأشخاص فيظهرها التحقيق".
وأضاف: "كل النواب منزعجون مما يحصل في بيروت. كل شخص يعبر بطريقة مختلفة، وربما لديه حسابات مختلفة. أراد رئيس مجلس النواب، نبيه بري، أن يكون الادعاء ضد معلوم، فأدخلنا مسألة الإدارات وغيرها، واستدعينا جميع المعنيين إلى الاجتماع يوم الإثنين المقبل. سنسأل كل وزير بمفرده، خاصة وزير الداخلية، كيف رمي الإسمنت من دون أن تعرفوا في حين يمكنكم معرفة أمور أبسط؟".
ورفض محامي شركة "إيدن باي" المتهمة، بهيج أبو مجاهد، التعليق لـ"العربي الجديد". كما حاولنا الاتصال بمحافظ بيروت، زياد شبيب، لكنه لم يرد على هاتفه.
ولفت رئيس بلدية بيروت، جمال عيتاني، في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى الاختلاف بين البلدية وبقية البلديات. "تنقسم السلطة في بيروت إلى قسمين، سلطة تقريرية تسمى المجلس البلدي، وسلطة تنفيذية في يد محافظ بيروت. أي أن رئيس البلدية وأعضاءها الـ24 المنتخبين من الشعب لا يملكون سلطة تنفيذية".
وتابع: "لا يوجد موظف تحت إدارة البلدية، ولا نتابع أي مقاول، ولا نعطي أوامر على الأرض. الأعمال بيد المحافظ، وبالتالي حديثه عن مسؤولية بلدية الغبيري موضوع لا نعرف به، ولا تصلنا معلومات عنه. علمنا بوجود مجرور أساسي مغلق كان يحل المشكلة بشكل مؤقت، وأتى من رمى فوقه الإسمنت، مما جعلنا نستنفر ونطلب من المحافظ التحقيق وتقديم بلاغ. أما كيف قاموا بتحويل المجاري، ومن أقفل ماذا، ومن أعطى الأمر، ومن شاهد دون أن يعترض فهي أمور بيد المحافظ".
وأوضح أن "بلدية بيروت لا تمتلك شرطة خاصة بها. شرطة بيروت التابعة لقوى الأمن الداخلي هي من تراقب ما يحصل. وأنا على اتصال مع النائب العام التمييزي، سمير حمود، وعند صدور النتائج سيطلب حضورنا، وسنعلم الناس بالنتائج. لن نسمح باستباحة بيروت، ففكرة التلاعب بالبنية التحتية مرعبة لنا".
ورفض عيتاني الإشارة إلى المتورطين: "لن أستبق التحقيق، فليأخذ التحقيق مجراه. الأكيد أن أجهزة المراقبة في البلدية الموضوعة تحت إمرة المحافظ شاهدت وعلمت أموراً ستدلي بها أمام القضاء. الفاعل ليس مجهولاً. لكن لا يمكن التسمية قبل انتهاء التحقيقات".