نهر دجلة.. مصدر رزق 5 آلاف صياد عراقي

26 ابريل 2015
أسعار أسماك نهر دجلة أقل من أسماك الفرات (أرشيف/getty))
+ الخط -

يقف عمر عبد القادر الأعظمي على جانب نهر دجلة، حيث يصطحب قاربه الصغير لصيد الأسماك، وهي المهنة التي توارثها عن أبيه وجده، كمصدر رزق له ولثلاثة عمال آخرين يعتمدون على ما تجود به الشباك من النهر، فيبيعه لأصحاب المحال بشارعي أبو نواس والشيخ في العاصمة العراقية بغداد.

ويصف الاعظمي في حديثه لـ"العربي الجديد"، صيد السمك بمهنته الرئيسية التي يجيدها. ويضيف صياد دجلة، "لا أكتفي بإعالة عائلتي فقط عبر هذه المهنة، بل يستفيد من قارب الصيد الذي أملكه، عاملان آخران وصديق لي خسر إحدى ساقيه في النهر، خلال عملية صيد منذ نحو عشر سنوات وأخصص له جزءاً من الأرباح يومياً".

وتبدأ عملية صيد أسماك دجلة ضمن طقوس خاصة صباح كل يوم، وهي بطبيعة الحال تختلف عن طقوس الفرات ذات المياه الأكثر عمقا.

ويقول الاعظمي "بعد أن نتوكل على الله وننزل بالقارب إلى مياه النهر، نقوم برمي الشباك ضمن مساحة محددة بحسب خبرتنا بمكان تواجد الأسماك، ونتركها لفترات تتراوح بين 20 و30 دقيقة، ثم نقوم بسحبها لاستخراج ما يرزقنا الله به من السمك، ويتفاوت معدل الصيد بين يوم وآخر".

ويضيف أن "صيدهم من دجلة بلا ضرائب أو إتاوات ورسوم حكومية، وأرجو ألا تلتفت لنا مستقبلاً وتتركنا بثلاثي متعتنا: دجلة والسمك ومحبي أكل السمك".

ويجني الاعظمي يومياً ما بين 50 و60 ألف دينار، أي نحو 45 دولاراً لقاء بيعه السمك، ويحصل رفاقه على نفس النسبة، ويجري تقاسم المحصول، بعد بيع ما يصطادونه للمطاعم أو الزبائن من محبي السمك الطازج الذين عادة ما يتركون أرقام هواتفهم عند الصياد، في حال اصطاد سمكة كبيرة لبيعها لهم بأسعار معقولة.

وحسب إحصائيات رسمية، يعمل نحو خمسة ألاف بغدادي بمهنة صيد السمك من دجلة، وتطالب هيئة الثروات الحيوانية الحكومة بتنظيم عملهم، وتحديد مكان صيدهم واستيفاء أجور، فقرر مجلس الوزراء بدوره إحالة الطلب للجنة مختصة للبت فيه.

الاعظمي لم يكتِفِ بما يجنيه في ساعاته الأولى من نهار كل يوم بصيد السمك، حيث يعود بعد

ظهر كل يوم ليستخدم قاربه نفسه في نقل المواطنين من على ضفتي النهر، مقابل أجر مالي يتم الاتفاق عليه مسبقا

ويضيف: "إنني أخصص دخل عمل الصبح لتوفير الطعام والشراب والدواء ومصاريف أطفالي، ودخل عمل المساء أخصصه لإيجار الدار الذي أسكن به، ويمكنك القول إني أعمل صياداً نهاراً وسائق تاكسي نهري مساءً".

من جهته، يقول بائع أسماك بشارع أبو نؤاس ببغداد سعد عدنان، إن "ما بين استخراج السمك من النهر ووصوله للمشترين رحلة طويلة، كلها معاناة من أجل لقمة العيش لا يشعر بها آكلو السمك".

 وأوضح إن سعر السمك الحالي يختلف باختلاف المياه التي استخرجت منه ونوعه، حيث تبلغ أسعار سمك نهر الفرات الأفضل مذاقاً 8 آلاف دينار للكيلو الواحد نحو 6 دولارات، بينما يبلغ سعر سمك دجلة 7 او 6 آلاف دينار نحو 5 دولارات.

وعن غرائب العمل، يؤكد عدنان أن "عملية بيع السمك فيها تنظيف السمك للمشتري، حيث نشق ظهرها لغرض إخراج الأحشاء ورميها في موقع مخصص لهذا الأمر، وفي بطن أحد الأسماك وجدنا ذات مرة خاتم ذهب صغيراً مع بقايا أصابع إنسان، يبدو أن السمكة كانت قد أكلت اجزاء من جسم جثة قد رميت في نهر دجلة، وهنا بات الخلاف مع المشتري حول أحقية الحصول على الخاتم وتنازلت عنه لأنه اشترى السمكة وما فيها".

من جانبه، يقول أحد سكان العاصمة بغداد، فراس عبد الرحمن لـ"العربي الجديد"، إن "السمك وركوب القارب للعبور بين ضفتي الكرخ والرصافة جزء من حياة المواطن البغدادي، ونحن كعائلة نقوم كل خميس بزيارة منطقة ضفاف كورنيش الاعظمية وسط العاصمة، لغرض تناول وجبة العشاء من الأسماك الطازجة، ثم نقوم بجولة نهرية بعد رفع الحظر الليلي، ونبقى لساعات متأخرة على ضفاف دجلة لقضاء الأوقات مع العائلة، وهذا البرنامج بات جزءاً أسبوعياً من حياة البغداديين مع ضفاف النهر".

ويشير إلى أن "حياتنا على ضفاف دجلة بسيطة، ولكن الأحداث الجارية في البلاد تؤثر سلباً على حياتنا، وكما نرى موجات نزوح لأهالي الأنبار وغيرها بسبب الحرب مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ونأمل أن تنتهي دوامة الحرب ولغة القتل والتنكيل، لكي تعود بغداد إلى سحرها وجمالها، وتتحسن أحوال الشعب الذي يعاني منذ سنوات من صراعات مسلحة وتدهور اقتصادي وأمني".

 
اقرأ أيضاً: المفقودات في الفرات مصدر للرزق: غواصو العراق

المساهمون