نهاية لا أموت فيها

11 مايو 2016
(من بوستر "الملك لير"، تصميم: مارتا كرزاس)
+ الخط -

ما زلت أذكر تلك اللحظة التي صارحت أبي فيها بحبّي، كنت غونريل في مسرحية "الملك لير"، وإلى الآن أحفظ سطور دوري حين كنت في العاشرة سعيدة بأنني سأمثّل على الخشبة، لكن سعادتي لم تكن كاملة، فكم تمنيّت لو أكون كورديليا.

ليس لأن كورديليا طيبة، لا، بل لأنها التي تعيش في النهاية التي اختارتها معلمتي، والتي يبدو أن نهاية شكسبير ظهرت لها في شديدة المأساوية، فقرّرت أن تصنع نسختها ونهايتها هي. ستموت الأختان غونريل وريغين، وتعيش الابنة الصغرى كورديليا وزوجها والملك لير معاً في سعادة.

المهم أنني غالبت شعوري بالضيق، وحفظت مشاهدي جيداً، حاولت تجاهل حزام الفستان الذي يضغط على بطني، وثقل الباروكة فوق رأسي، حاولت قدر ما أستطيع أن أُظهر الحب لوالدي، الذي يؤدي دوره ذاك الفتى الأبله الصغير الذي كانت لحيته تسقط كل دقيقة، ربما يصدّق أنني أحبه فعلاً، ويتغيّر مصيري ولا أموت كما هو مقدّر لي في النهاية.

ستمرّ سنوات، قبل أن أقرأ النهاية كما صنعها شكسبير، أبرع من صنع النهايات المفجعة. شاهدت عروضاً كثيرة لـ "لير"، وقارنت بين أبطال الخشبة الكبار وبين الأبطال الصغار القابعين في ذاكرتي، ولم أحسم أمري أيّ النهايتين أريد أن أصدّق: التي قرأتها أم التي لعبتُ أحد أدوارها، لكن الأكيد أنني في كل مرة أنتظر نهاية جديدة لا أموت فيها.


المساهمون