نهائي الدوري الأوروبي.. بطولة الحالمين بالكلمة الأولى

28 مايو 2015
+ الخط -

يتّفق جل الملاحظين على أن كرة القدم هي لعبة العاطفة، صحيح أن هناك ضرورة اقتصادية ملحة، لكن في النهاية الجمهور يريد الاستمتاع بفريقه. إذا كنت تملك المال ولا تلمس المشاعر، لا قيمة أبداً لما تقدمه. من الممكن أن تلعب في دوري أبطال أوروبا وتحصل على أموال وعائدات بالجملة، لكن في النهاية لن تفوز باللقب أو تنافس حتى النهاية، بل الأقرب أن تخرج من دوري المجموعات أو ثمن النهائي، وبالتالي لن تحقق شيئاً على المستوى الفني أو الجماهيري.

بالتالي تأتي أهمية بطولة الدوري الأوروبي من كونها تمثل القيمة المفقودة لأندية عديدة داخل القارة، حيث إن الرهان في النهاية على المنافسة والقتال حتى آخر دقيقة ممكنة. لذلك بالنسبة للبعض، فإن الوصول إلى نهائي هذه اللعبة واللعب على اللقب أفضل بمراحل من دور ضيف الشرف بذات الأذنين! ومن البطولة الثانية في أوروبا، يخرج دائماً النجوم الكبار إلى سماء الشهرة.

أمستردام
في نهائي نسخة عام 2013، فاز تشيلسي بشق النفس على خصمه بنفيكا بنتيجة هدفين مقابل هدف، على ملعب أمستردام أرينا بهولندا، في مباراة تفوّق فيها رجال المدرب البرتغالي جورجي جيسوس طوال التسعين دقيقة، لكن هدف توريس القاتل أعطى الكأس إلى المتخصص رافا بينيتيز وفريقه اللندني.

ورغم فوز الإنجليز بالمباراة والبطولة، إلا أن طريقة لعب بنفيكا خطفت الأضواء من الجميع، خطة 4-2-3-1، "كما يقول الكتاب"، والسر في النجاعة يعود إلى عبقرية وتكامل محوري الارتكاز بخط الوسط. ولعب جورجي بكل من نيمانيا ماتيتش وإنزو بيريز بين الدفاع والهجوم، من أجل قطع كل الطرق المتجهة إلى مرماه ومحاولة بناء اللعب من الخلف.

يمتاز ماتيتش بالصلابة الدفاعية المطلوبة، بينما يجيد بيريز القطع المستمر من المنتصف إلى الثلث الهجومي الأخير. ومنذ الوهلة الأولى لتعاون اللاعبيَن معاً، كان التوقع سهلاً ويسيراً بتألقهما في دوريات أخرى خلال أقرب فرصة ممكنة. لذلك قاد ماتيتش تشيلسي هذا الموسم إلى بطولة الدوري الإنجليزي، بينما تألق إنزو مع الخفافيش في الليغا وصنع ثلاثية الوسط برفقة فويجي وباريخو، لتكون هذه البطولة المتوسطة نقطة انطلاق صاروخية نحو رهانات أخرى.

تورينو
خلال ختامية النسخة الماضية، انتصر إشبيلية على فريق بنفيكا بركلات الجزاء الترجيحية، وظفر الأندلسيون بالبطولة القارية على حساب المنافس البرتغالي سيئ الحظ، ليحقق أوناي إيمري أول بطولة مهمة في تاريخه المهني، ويعيد للفريق الإسباني أمجاده القديمة التي توارت برحيل النجوم الكبار داني ألفيش، كايتا، ريناتو، ماريسكا، كانوتيه والبقية.

وامتاز مستوى هذا النهائي بالرغبة الهجومية من الجانبين، مع تألق عدد كبير من الأسماء في التشكيلتين، خصوصاً إيفان راكيتتش من جانب إشبيلية وأندريه جوميز مع فريق بنفيكا، ليذهب الثنائي سريعاً إلى فرق أخرى أكثر شهرة ونجومية، فالكرواتي وجد ذاته مع المدرب لويس إنريكي في برشلونة، أما غوميز فعرف طريق التألق برفقة الخفافيش، موطن البرتغاليين الجديد في الليغا.

لعب راكيتتش كصانع ألعاب صريح في المركز 10 مع الفريق الأندلسي، لكنه تحول إلى مركز الارتكاز المساند مع برشلونة، للتغطية خلف تقدم ميسي ومساندة الظهير ألفيش على يمين الملعب، بينما يمتاز غوميز بشموليته التكتيكية، حيث إنه يجيد اللعب في كل مراكز الوسط، بداية بالارتكاز المتأخر مروراً بلاعب المنتصف المساند، وأخيراً كلاعب هجومي صريح بالثلث الأخير من الملعب في مباريات عديدة، وكأن الدوري الأوروبي بمثابة مصنع النجوم الجدد.

وارسو
حافظ إشبيلية على لقبه بجدارة واستحقاق، ونال من منافسه دنيبرو في نهائي حافظ على الوعود، بعد مباراة مشتعلة ومثيرة من الجانبين، ليحصل الفريق الإسباني على البطولة الرابعة في آخر عشر سنوات، ويشارك في نسخة دوري أبطال أوروبا خلال الموسم المقبل، برفقة الرباعي الآخر، برشلونة، ريال مدريد، أتليتكو، وفالنسيا.

وبعيداً عن النتيجة والكأس، هناك أسماء ظهرت بشكل رائع من الفريقين، خصوصاً غريغورز كريشوياك من جانب إشبيلية، ويفهين كونوبليانكا من دنيبرو، ومن المتوقع تألقهما خلال الفترة القادمة، مع اهتمام مضاعف من الأندية الأوروبية الكبيرة بمختلف الدوريات المحلية.

كريشوياك بمثابة حجر الأساس في تشكيلة أوناي إيمري. يقوم البولندي بدور قاطع هجمات المنافس وحائط الصد الأول أمام دفاع الإسبان، ويصنع ثنائية المحور برفقة مبيا، ليعطي الارتكاز حرية أكبر أمام بانيغا من أجل صناعة الأهداف بالثلث الهجومي الأخير، لذلك يهاجم إشبيلية في الغالب برباعي صريح، فيتولو، بانيغا، رييس أو فيدال، مع باكا، نظراً لوجود كريشوياك خلفهم لحماية الفريق بشكل كامل من المرتدات.

وإذا كان غريغورز هو ملك الصلابة الدفاعية، فإن كونوبليانكا ملك المراوغات في البطولة، بعد قيام نجم دنيبرو بـ26 مراوغة ناجحة طوال المواجهات، وصنع خطورة كبيرة على الرواق الأيسر، لدرجة إجبار أليكس فيدال على الدفاع طوال المباراة، وقيام أوناي إيمري بإخراج رييس وإشراك كوكي من أجل مواجهة نجم الأوكران، اللاعب الذي يتحرك على الخط ويقطع في العمق أمام منطقة الجزاء.

بكل تأكيد الدوري الأوروبي ليس البطولة رقم 1 في العالم، ويبتعد كثيراً عن عصبة الأبطال، لكن في النهاية الفرحة واحدة لا تتجزأ، وأعين خبراء اللعبة ستعيد متابعة هذه المباريات مرات ومرات، من أجل التركيز على دماء جديدة، ستغيّر خرائط الميركاتو في قادم المواعيد.

المساهمون