وكأن النكسة الأكثر ألماً لا تأتي إلا في الخامس من يونيو/حزيران، بعد خمسين سنة على نكسة 1967، أفاق العرب في الخامس من يونيو 2017 على نكسة جديدة تضاف إلى ذلك الرصيد من الخيبات التي تحرق القلب العربي وتعلّقه على جحيم الفرقة والتشرذم والهزائم، عندما أعلنت السعودية والإمارات والبحرين قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وإغلاق مجمل المنافذ البرية والجوية والبحرية معها.
بغضّ النظر عن المبررات التي يقول فيها الشافعي أقوالاً وأقوالاً، والتسرع الذي طبع هذا الاندفاع إلى القطيعة، فإن الجسم العربي لم يكن بحاجة إلى تمزق أكثر مما هو ممزق ومخروم في كل أطرافه، وإلى خلاف أكثر من الخلافات العميقة والعقيمة التي باتت تهدر كل المشترك الثقافي والديني واللغوي والجغرافي والتاريخي، وتبني بدلاً عنه جدارات برلينية ستعزل أجيالاً وأجيالاً عن محيطها وتضعها في رسم المواجهة والقطيعة، وتفكك الجغرافيا التي جمعت العرب على خريطة واحدة لا تشقها سوى الحدود.
في نكسة يونيو/حزيران 1967 كنا نعرف العدو، اسمه وموقعه وموقفه، وكانت البنادق المكسورة موجّهة إليه حتى في تلك الظروف العصيبة والأليمة، لكننا الآن في نكسة يونيو/حزيران 2017، في حالة الأزمة الخليجية، كما أزمات أخرى بين الجزائر والمغرب، وفي ليبيا وفي اليمن والعراق وسورية، لم نعد نميز الأخ من ابن العم، والصديق من العدو، والطامح من الطامع، ولم نعد نعرف حتى لمن نفتح الباب، للجار الذي يقاسمنا النسب، أم للغريب الذي يفتش في زوايا البيت عن مخبأ القمح والنفط.
مكتوب على الشعب العربي من المحيط إلى الخليج أن يشرب نخب نكساته المتواصلة، لكن المؤلم أن الأزمات العربية-العربية لا تهدر سياسياً وتعطب اقتصادياً وتشتت اجتماعياً فقط، لكنها تغيّر العناوين والهويات أيضاً. الآن لم يكن ينقص العرب غير أن يدعوهم شيطان إلى الإيمان، ولم يكن ينقص العرب غير أن يوصيهم مستعمر الأمس الذي قطّع أوصال الوطن العربي في سايكس بيكو، وقدّم أرض فلسطين هدية إلى شذاذ الآفاق، بصلة الرحم والتقارب، عندما يغرد المتحدثون باسم الغرب المتفرق لغة وديناً وثقافة، وقادة الدولة الصهيونية داعين أطراف الأزمة العربية-العربية إلى صلة الرحم واحترام قيم الدين الإسلامي الحنيف والحوار.
ترك لورانس العرب لدونالد ترامب ميراثاً من الحيلة والحذاقة، وترك للإخوة العرب ميراثاً من السذاجة التي تُذهب العقل. مع لورانس أخطأ العرب تصويب البندقية فخسروا بعض القدس وبعض فلسطين، ومع ترامب يخطىء العرب التصويب مجدداً ليخسروا كل فلسطين وكل القدس. القرار هنا والخسارة هناك، هناك في القدس.
بغضّ النظر عن المبررات التي يقول فيها الشافعي أقوالاً وأقوالاً، والتسرع الذي طبع هذا الاندفاع إلى القطيعة، فإن الجسم العربي لم يكن بحاجة إلى تمزق أكثر مما هو ممزق ومخروم في كل أطرافه، وإلى خلاف أكثر من الخلافات العميقة والعقيمة التي باتت تهدر كل المشترك الثقافي والديني واللغوي والجغرافي والتاريخي، وتبني بدلاً عنه جدارات برلينية ستعزل أجيالاً وأجيالاً عن محيطها وتضعها في رسم المواجهة والقطيعة، وتفكك الجغرافيا التي جمعت العرب على خريطة واحدة لا تشقها سوى الحدود.
في نكسة يونيو/حزيران 1967 كنا نعرف العدو، اسمه وموقعه وموقفه، وكانت البنادق المكسورة موجّهة إليه حتى في تلك الظروف العصيبة والأليمة، لكننا الآن في نكسة يونيو/حزيران 2017، في حالة الأزمة الخليجية، كما أزمات أخرى بين الجزائر والمغرب، وفي ليبيا وفي اليمن والعراق وسورية، لم نعد نميز الأخ من ابن العم، والصديق من العدو، والطامح من الطامع، ولم نعد نعرف حتى لمن نفتح الباب، للجار الذي يقاسمنا النسب، أم للغريب الذي يفتش في زوايا البيت عن مخبأ القمح والنفط.
مكتوب على الشعب العربي من المحيط إلى الخليج أن يشرب نخب نكساته المتواصلة، لكن المؤلم أن الأزمات العربية-العربية لا تهدر سياسياً وتعطب اقتصادياً وتشتت اجتماعياً فقط، لكنها تغيّر العناوين والهويات أيضاً. الآن لم يكن ينقص العرب غير أن يدعوهم شيطان إلى الإيمان، ولم يكن ينقص العرب غير أن يوصيهم مستعمر الأمس الذي قطّع أوصال الوطن العربي في سايكس بيكو، وقدّم أرض فلسطين هدية إلى شذاذ الآفاق، بصلة الرحم والتقارب، عندما يغرد المتحدثون باسم الغرب المتفرق لغة وديناً وثقافة، وقادة الدولة الصهيونية داعين أطراف الأزمة العربية-العربية إلى صلة الرحم واحترام قيم الدين الإسلامي الحنيف والحوار.
ترك لورانس العرب لدونالد ترامب ميراثاً من الحيلة والحذاقة، وترك للإخوة العرب ميراثاً من السذاجة التي تُذهب العقل. مع لورانس أخطأ العرب تصويب البندقية فخسروا بعض القدس وبعض فلسطين، ومع ترامب يخطىء العرب التصويب مجدداً ليخسروا كل فلسطين وكل القدس. القرار هنا والخسارة هناك، هناك في القدس.