لم يكد سكان جزيرة سقطرى اليمنية ينتهون من حصر أضرار إعصار تشابالا المداري، الذي ضرب الجزيرة النائية في الأول من الشهر الجاري، حتى باغتهم إعصار ميغ الأكثر ضراوة في الثامن من الشهر نفسه، ليقضي على كثير من مقومات الحياة في الجزيرة، ومصادر دخل عدد كبير من الأسر الفقيرة.
وتسبّبت الأعاصير التي ضربت الجزيرة بأضرارٍ كبيرة في البنية التحتية القليلة أصلاً، على غرار محطّة الكهرباء ومستشفى 22 مايو، الذي نزحت إليه بعض العائلات جراء إعصار تشابالا، بالإضافة إلى تدمير مصايد أسماك وقوارب ومنازل، ونفوق عدد كبير من المواشي.
خسر مروان سالم (23 عاماً) قاربه لينتهي حلمه بالزواج. فقد كان القارب مصدر رزقه الوحيد. لم يجد حلاً لأزمته بعد، ويرفض مغادرة منزله على الرغم من انتهاء العاصفة. يقول لـ "العربي الجديد" إن "الاعصار دمّر قاربي. لا أدري أين أذهب وقد فقدت بشكل نهائي ما يساعدني على العيش"، مشيراً إلى أنه ينتظر فقط التعويضات التي يمكن أن تقدمها الحكومة أو مساعدات المنظمات الإنسانية، قبل أن يفكر في بديل لتأمين لقمة عيشه. ويلفت إلى أن قارب الصيد الذي تمتلكه أسرته كان المصدر الوحيد لدخل الأسرة، مضيفاً أن "متوسط دخلي اليومي كان 5 آلاف ريال يمني (نحو 25 دولاراً أميركيّاً)"، وهذا المبلغ بالكاد يكفي عائلته. كما يلفت إلى أن العائلة تعيش اليوم من مدخراتها.
ويشير سالم إلى عدم قدرة أهله على شراء قارب صيد جديد، وخصوصاً مع ارتفاع سعره، الذي يتجاوز المليون ريال يمني (نحو خمسة آلاف دولار). وعلى الرغم من أمله في الحصول على مساعدات، إلا أنه يشير إلى أن "البلاد تعيش حرباً طاحنة، والحديث عن تعويضات هو مجرد وعود لن تتحقق على أرض الواقع".
خسر عشرات الصيادين في جزيرة سقطرى ومحافظتي حضرموت وشبوة (شرق)، وعدن (جنوب)، قواربهم وأدوات الصيد جراء الإعصارين، لينضموا إلى قافلة العاطلين عن العمل، علماً بأن نسبتهم ترتفع، بعد تسريح نحو ثلاثة ملايين عامل من إجمالي خمسة ملايين (أي نحو 60%)، بحسب تقارير دولية.
إلى ذلك، أدت الفيضانات المصاحبة للإعصار إلى نفوق مئات المواشي والطيور، التي كانت تعدّ مصدر رزق وغذاء لكثير من الأسر السقطرية. ولم تجد أم فاطمة أي حل سوى البحث عمن يقرضها مالاً كي تشتري بعض الأغنام والدجاج مجدداً، وتتمكن من توفير الحليب واللبن واللحم والبيض لأفراد الأسرة. تقول لـ "العربي الجديد": "أسكن في منطقة نائية، ولا نشتري هذه المواد نهائياً لعدم توفّرها، ونعتمد تماماً على ما توفّره لنا الحيوانات التي نهتم بها". وتشبّه أم فاطمة خسارتها لحيواناتها بفقدانها أحد أفراد الأسرة.
ولا يختلف حالُ صاحب مزارع النخيل أحمد حفيظ عن بقية أهالي الجزيرة المنكوبين، وإن كان يقول إن خسارته أكبر من غيره. فالرياح والسيول الجارفة اقتلعت الكثير من أشجار النخيل في مزرعته. يضيف أن "أشجار النخيل تعمّر لسنوات طويلة، واقتلاعها خسارة كبيرة لا يعوضها شيء".
إلى ذلك، يقول مدير أمن محافظة جزيرة سقطرى (شرق اليمن)، العميد سالم عيسى، إن عدد الوفيات والمفقودين جراء إعصار ميغ وصل إلى 18 شخصاً، مشيراً إلى أنه خلّف دماراً واسعاً في البنى التحتية والمنازل والمشاريع والممتلكات الخاصة. ويوضح لـ "العربي الجديد" أن "قطاعي الزراعة والأسماك تضرّرا بشكل كبير"، مؤكداً أن لهذه الأضرار انعكاساً مباشراً على كثير من الأسر. ويضيف: "تعمل السلطات المحلية على توثيق وحصر الخسائر والأضرار، لترفعها إلى الحكومة الشرعية".
وبحسب تقارير أممية، أرسلت دول الخليج 17 طائرة محمّلة بالمساعدات الغذائية والطبية ومستلزمات الإيواء، لإغاثة سكان الجزيرة.
26 قتيلاً
أعلنت وكالات الأمم المتحدة الإنسانية في اليمن، أمس، أن نحو 26 شخصاً لقوا حتفهم بسبب إعصاري "شابالا" و"ميغ"، موضحة أن 18 منهم لقوا حتفهم في جزيرة سقطرى. وقال المتحدث باسمها ستيفان دوغاريك إن برنامج الأغذية العالمي وشركاءه يوزعون البسكويت عالي الطاقة على نحو خمسة وعشرين ألف شخص في اليمن، بالإضافة إلى إمدادات منزلية وخيام على نحو ألفين وسبعمائة شخص في محافظة شبوه.
اقرأ أيضاً: مليون يمني تأثروا بإعصار تشابالا