يتسبّب نقص المناعة المكتسب (الإيدز) في حالة من الضعف الجسدي والنفسي تستوجب اتخاذ تدابير إدارية وقانونية بهدف حماية حقوق المريض. بالإضافة إلى حقه في تلقي العلاج الناجع، يكون لحامل الفيروس أو المصاب بالمرض الحق في احترام كرامته كإنسان، والحق في عدم التعرض للتمييز والعنصرية بسبب حالته الصحية، وكذلك الحق في السرية الطبية. هذا ما توافقت عليه الاتفاقيات الدولية وبعض التشريعات الوطنية، على حد سواء.
إن حق المصاب بالإيدز في احترام كرامته الإنسانية، يعني تمتعه بكامل الحقوق المنبثقة عن كونه إنساناً على قيد الحياة. من جهة أولى، لا بد من احترام إرادته، أي أن من واجب الطبيب الحصول على موافقته المسبقة حول طرق التشخيص والعلاج المقترحة. ومن الثانية، لا بد من احترام كينونته النفسية والجسدية، أي منع الأطباء ومراكز الأبحاث الصحية من استغلال وضعه لتحقيق أرباح مادية. كذلك يمنع عليهم إخضاعه إلى علاجات غير إنسانية أو ممنوعة طبياً في الحالات العادية، ويمنع تعريضه، أيضاً، بصورة إرادية إلى آلام جسدية أو نفسية أو إلى إجراءات طبية ذات طابع تعذيبي.
ويأتي الحق في عدم التعرّض للتمييز بسبب المرض، مثالاً على تطبيق المساواة بين البشر مهما كانت اختلافاتهم. ويمنع على أي شخص اعتبار من يعاني من الإيدز فاقداً لقدراته العقلية والجسدية، ولا يجوز وضعه تحت وصاية العائلة أو القضاء إلا في حالات استثنائية وبناء على تقرير طبي شرعي. وتمتد تطبيقات الحق في عدم التمييز إلى إلزام المستشفيات باستقباله من دون أعذار، وإلى منع أرباب العمل من صرفه، وإلى إلزام شركات التأمين بعدم رفض تأمينه، بالإضافة إلى عدم التعرض لحقه في اختيار مكان سكنه والتنقل بحرية.
أما الحق في السرية الطبية، فيعني التزام الأطباء والمؤسسات الصحية وموظفيها بعدم نشر أي معلومة من الملف الطبي للمريض. وتشمل السرية كل المعلومات، حتى تلك الخارجة عن الإطار الطبي، فيفرض عليهم مثلاً عدم نشر اسمه أو محل إقامته أو عمله أو إعلام أي كان برقم هاتفه.
وحماية الحقوق وتطبيقها تتطلب بداية جهداً مجتمعياً، يتمثل في حلقات توعية اجتماعية عبر مؤسسات الدولة والجمعيات المرخصة المختصة بحماية هؤلاء المصابين والمرضى، بهدف تغيير النظرة الاجتماعية الخاطئة وإيجاد شرعة وطنية مختصة.
وتتطلب حماية الحقوق، أيضاً، تدخلاً تشريعياً من الدولة قد يتخذ أحد وجهين: الأول ذو طابع وقائي يتمثل في إسراع الدول غير المنضمة إلى الاتفاقيات الدولية المرتبطة بمرضى الإيدز إلى إيجاد تشريعات محدثة في هذا الإطار. أما الثاني فذو طابع عقابي يتمثل في تشديد العقوبات المدنية والجزائية المطبقة عند التعرّض للمصابين بالفيروس.
*محامٍ بالاستئناف في باريس
اقرأ أيضاً: الطبيب.. موجباته الطبيعيّة