نقص في الكتب المدرسية بمصر

13 أكتوبر 2018
أزمة نقص الكتب المدرسية مستمرة (العربي الجديد)
+ الخط -
إنّه الأسبوع الثالث من العام الدراسي في مصر، وما زال النقص يُسجّل في الكتب المدرسية، الأمر الذي يلقي بظلاله على المسار التعليمي بمختلف مراحله ما قبل الجامعية. وهذا النقص صار هاجساً يؤرّق تلاميذ المدارس وأولياء أمورهم، مع انطلاق كل عام دراسي جديد، على الرغم من توفّر كتب كل المواد في المدارس الخاصة. وفي حين أنّ ذلك يتسبب في إرباك العملية التعليمية في المدارس الحكومية، تؤكد وزارة التربية والتعليم في البلاد أنّ أكثر من 99 في المائة من الكتب المدرسية تمّت طباعتها.

ومع مرور أكثر من أسبوعَين على انطلاق العام الدراسي في 22 سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلن مراقبون في مصر فشل نظام التعليم الجديد الذي أعلن عنه وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي، القاضي باعتماد التكنولوجيا في رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي والصف الأول الثانوي. أمّا سبب الفشل بالنسبة إليهم فهو عدم استلام المدارس "التابليت" (الأجهزة اللوحية) حتى اليوم، التي من شأنها تعويض التلاميذ عن الكتاب المدرسي بمنهج إلكتروني. ويعيد المراقبون "فشل الدراسة على الأجهزة اللوحية إلى أسباب كثيرة، منها عدم توفّر البنية التحتية لتشغيل الأجهزة وصيانتها، واحتمال تعطلها باستمرار وزوال المناهج منها، وانقطاع الكهرباء الضرورية لشحن البطاريات، وعدم وجود شبكة دولية مجهّزة لتشغيلها في المدارس".




يضيفون لـ"العربي الجديد" أنّ "الوزارة تلقّت كذلك شكاوى من أولياء الأمور وعدد من المدرّسين حول عدم جدوى تلك الأجهزة وقد طالب هؤلاء بتسليم أبنائهم الكتب اللازمة". ويتابع المراقبون أنّ "ثمّة مشكلات كثيرة واجهت تطبيق التعليم عبر الجهاز اللوحي، من بينها إرهاق ميزانية الوزارة والدولة، وعدم تدريب المدرّسين على إمكانات تشغيل الأجهزة، هم الذين انصرفوا إلى الدروس الخصوصية بعد تسجيل حضورهم، في ظل عدم وجود رقابة حقيقية من قبل الإدارات التعليمية". ويؤكدون أنّ "الأجهزة اللوحية أصابت الوزارة بقلق وارتباك، ما أدّى إلى عدم طباعة أكثر من 50 في المائة من الكتب المدرسية".

وكشف مصدر مسؤول في وزارة التربية والتعليم لـ"العربي الجديد" أنّ "ثمّة أزمة حقيقية في عدم توفير كل الكتب المدرسية في المدارس الحكومية، في عدد كبير من المحافظات المصرية، بسبب ارتفاع ديون الوزارة لدى عدد من المطابع الحكومية والخاصة والتي تقدّر بأكثر من مليار جنيه مصري (نحو 56 مليون دولار أميركي). وقد دفع ذلك المطابع إلى عدم الالتزام بطباعة الكتب". ويؤكد المصدر المسؤول أنّ "طباعة الكتاب المدرسي في مصر تمرّ بأزمة حقيقية، إذ إنّ أسعار طبع الكتب صارت مرتفعة جداً، بسبب أسعار الورق التي تضاعفت مرّتَين وكذلك الكهرباء والحبر وأجور العمّال". يضيف أنّ "المطبعة الأميرية أرسلت مذكّرة عاجلة إلى وزارة التربية والتعليم توضح فيها الأضرار الواقعة عليها بعد قرار زيادة أسعار الخامات، ما يعرّضها إلى خسائر فادحة في حال الاستمرار في الطباعة وفقاً لأسعار المناقصة القديمة. كذلك أبلغتها المطابع التابعة للقطاع الخاص في الغرفة التجارية باستحالة الاستمرار في طباعة الكتب المدرسية بسبب ارتفاع الأسعار". ويوضح المصدر المسؤول نفسه أنّ "أزمة نقص الكتب دفعت أولياء الأمور إلى شراء الكتب الخارجية من المكتبات، بالإضافة إلى اعتماد ملايين تلاميذ المدارس على "السناتر" (مراكز التعليم) والملازم الخارجية التي يبيعها عدد من المدرّسين في أثناء الدروس الخصوصية"، متوقعاً "استمرار أزمة نقص الكتب المدرسية في خلال هذا العام الدراسي، سواء خلال النصف الأول منه أو الثاني، خصوصاً في مدارس الأرياف والقرى النائية بسبب الأزمات المالية التي تمرّ بها الحكومة المصرية وعدم توفير موارد مالية كافية من قبل الحكومة للإنفاق على التعليم". ويؤكد أنّ "الضحية في النهاية هم التلاميذ، في حين يضطر أولياء الأمور إلى إنفاق الأموال على الدروس الخصوصية".




في السياق، كان رئيس غرفة الطباعة والورق في اتحاد الصناعات، أحمد جابر، قد دعا إلى عقد اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي وعدد من وزراء المجموعة الاقتصادية ووزارة التربية والعليم، لبحث أزمة نقص الكتب المدرسية ومناقشة المشكلات التي تواجهها المطابع الحكومية والخاصة في طباعة الكتب، وكذلك مناقشة كيفية مواجهة ارتفاع أسعار الخامات من ورق وأحبار وإقناع أصحاب المطابع بعدم الانسحاب من عملية طباعة الكتب. وقد أوضح أنّ "الترم" (الفصل) الثاني سوف يواجه المشكلة نفسها في حال عدم وصول الكميات المطلوبة من الكتب المدرسية في موعدها.
المساهمون