تشهد المستشفيات الفلسطينية والمراكز الصحية في قطاع غزة أزمة حادة؛ جراء نقص إمدادات الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء، مما يهدّد بوقوع كارثة صحية خطيرة، قد تودي بحياة مئات المرضى.
ويعيش المرضى في مستشفيات غزة حالة قلق دائمة، خشية انقطاع الكهرباء وتوقف الأجهزة الطبية في أي وقت، مما قد يؤدي إلى تردي أوضاعهم الصحية، أو يجعلهم عرضة للموت. وتقول صدقية عبدو (26 عاماً) إنها "تدعو الله ألا تتوقف المعدات الطبية المتصلة بطفلها المصاب بمرض الحمى الشوكية عن العمل، وإلا فإن وضعه الصحي سيسوء ويدخل مرحلة الخطر". تضيف: "كلما انقطعت الكهرباء عن المستشفى أشعر بأن قلبي توقف عن النبض، وأن الموت يحيط بطفلي. تعبت من هذه الحالة القاسية ولم أعد أحتمل".
تتابع عبدو: "لا يقتصر الأمر على أزمة الكهرباء. فهناك نقص في الأدوية بالمستشفيات، مما يضطرني إلى شرائها من الصيدليات على حسابي الخاص. وفي معظم الأحيان، لا أجدها. والآن ابني يكاد يموت ولا أعرف كيف أنقذه".
وحذرت مؤسسات وزارة الصحة في قطاع غزة، الخميس، من أن كميات الوقود اللازمة لتشغيل مولدات الكهرباء ستنفد خلال يومين، مما سيعيق استمرار عمل المستشفيات والمراكز الصحية في القطاع، وينذر بكارثة حقيقية.
بدورها، تخشى أسماء أبو حليمة (28 عاماً)، من أن يتسبب نقص الوقود في المستشفيات وانقطاع التيار الكهربائي، في فقدان رضيعها الذي يرقد على سرير المرض داخل غرفة العناية الفائقة. تسأل: "لماذا يفعلون بنا هذا؟ لقد أنجبت ابني بعد محاولات عدة لزراعة الأجنة، والآن بت أخشى فقدانه".
من جهته، يقول زوجها محمد: "نعيش حالة نفسية صعبة، وبت أخشى موت طفلي في أي لحظة بسبب انقطاع الكهرباء. هل يريدون قتل فرحتنا بطفلنا بعد سنوات من عدم الإنجاب؟ يجب أن يتدخل العالم لينقذ أطفالنا".
في هذا الوقت، يقول نائب رئيس مستشفى النصر للأطفال في مدينة غزة ناصر بلبل إن "نقص الوقود يؤثر على حياة الأطفال بشكل كبير، فمعظمهم في قسم العناية المكثفة يحتاجون لأجهزة التنفس الصناعي ومراقبة العمليات الحيوية". يضيف: "المرضى في حالة خطر حقيقية، واستمرار الأزمة ينذر بكارثة، وهذا الانقطاع يزيد من تأزم الأوضاع الصحية في المستشفيات، ويضاعف جهود الطاقم الطبي". ويشير إلى أن "العديد من الأجهزة الطبية في المستشفيات تعطلت بشكل كامل بسبب الفصل والوصل المستمر للتيار الكهربائي".
يتابع بلبل: "نعاني أيضاً أزمة في الأدوية. فالعديد من الأصناف رصيدها صفر، ونضطر في بعض الأحيان إلى البحث عنها في الصيدليات الخاصة وشرائها على نفقتنا الشخصية، لعدم توفر موازنة في وزارة الصحة".
أما الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة أشرف القدرة، فيشير إلى أن "مستشفيات قطاع غزة أمام كارثة صحية جراء نقص الوقود"، مضيفاً "الكميات المتوفرة من الوقود في المستشفيات لا تكفي سوى ليومين فقط، وفي بعض المستشفيات تكفي لساعات محدودة إذا استمر التناقص". ويوضح: "لقد أرجأنا عمليات عدة. ونعاني اليوم من نقص 120 صنفا من الأدوية، و470 من المستهلكات الطبية، وثلث المرضى لا يتوفر لهم العلاج، خاصة الأورام والكلى والأمراض المزمنة".
ويؤكد أن "المستشفيات في قطاع غزة باتت أمام وضع كارثي، وقد تتوقف الخدمات في معظمها بسبب ذلك"، محذراً من أن "حياة مئات المرضى معرضة للخطر في حال نفاد الوقود بشكل كامل، وانقطاع الكهرباء عن المستشفيات".