حذر متخصصون في سوق الدواء المصري من تزايد أزمة نقص الدواء خلال الأيام القليلة المقبلة بفعل نقص الدولار اللازم لتنفيذ عقود شراء آلاف الأصناف من الخارج.
ولا يوفر البنك المركزي العملات الصعبة اللازمة لشركات الأدوية لإتمام عمليات الاستيراد، ما يدفع الشركات للجوء إلى السوق السوداء لتوفير الدولار بأسعار تزيد عن مستوى الصرف السوق الرسمية بحدود 10% في المتوسط، ما يزيد من تكلفة الاستيراد، فيما ترفض وزارة الصحة زيادة أسعار الأدوية المستوردة لتتماشى مع الزيادة المقابلة في سعر الدولار.
وقال الرئيس السابق لغرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، مجدي علبة، إن السوق يشهد حاليا أزمة في نقص الأدوية، من المتوقع أن تزيد حدتها خلال الفترات المقبلة.
وأكد أن إصرار وزارة الصحة المصرية على عدم تحريك أسعار الأدوية سيعزز الأزمة، ويؤدي إلى اختفاء أصناف جديدة من الأدوية.
ويقول مهنيون إن سوق الدواء في مصر يسجل نقصا في أكثر من 850 صنفا من الأدوية غير المتوفرة لدى الصيدليات، منها أدوية لعلاج الأمراض المزمنة مثل القلب والسكري والضغط، وأدوية الأطفال والكبد والحساسية والأورام، فضلا عن النقص الحاد في ألبان الأطفال.
وأوضح علبة، الذي يرأس إحدى كبريات الشركات العابرة للحدود والمتخصصة في صناعة الدواء بمصر، أن الدواء في مصر يحتل المرتبة الثالثة بين القطاعات التي لها أولوية توفير الدولار بعد الصناعات الغذائية والطاقة، ما يعطل شراء الخامات الدوائية والمستلزمات الطبية رغم كونها سلعا استراتيجية، ما يدفع الشركات للجوء إلى السوق السوداء لتلبية احتياجاتها من الدولار.
وتعاني مصر أزمة حادة بسبب نقص احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، في ظل تراجع موارد العملة الصعبة من السياحة والصادرات والاستثمارات الأجنبية.
ويبلغ الاحتياطي الحالي نحو 16.4 مليار دولار، تلك أموال لا تكفي لتغطية الواردات لأكثر من شهرين وبضعة أيام، وفق تقرير سابق لوكالة "موديز" الدولية للتصنيف الائتماني.
اقرأ أيضاً: "الدواء حق".. مبادرة لمواجهة نقص الأدوية في مصر
ويبلغ سعر الدولار رسميا نحو 7.83 جنيهات، مقابل نحو 8.6 جنيهات للدولار في السوق الموازية خلال تعاملات أمس الجمعة.
وأضاف علبة، أن أزمة تدبير الدولار تضاف لأزمات كبرى يعانيها القطاع، خاصة في ظل زيادة أسعار كل مدخلات الإنتاج من خامات مستوردة وطاقة وأجور، فيما تتمسك الحكومة بعدم تحريك الأسعار أو توفير عملة صعبة بسعرها الرسمي.
وأوضح أن البنوك لا توفر سوى 50% فقط من احتياجات الشركات، ما يكبد الشركات خسائر تقدر بحدود 10% بنهاية العام نتيجة اللجوء للسوق الموازية للعملات، مشيرا إلى أن هناك 60 مصنعا تتكبد خسائر حتى الآن من إجمالي 132 مصنعاً موجودا بالسوق بفعل زيادة تكاليف الإنتاج.
وتقترب استثمارات قطاع الأدوية في مصر من نحو مائتي مليار جنيه (25.55 مليار دولار) تعود لنحو 200 مصنع من بينها نحو 132 مصنعا عاملا بالسوق والباقي تحت الإنشاء، وفقا لبيانات غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات.
وقال رئيس شعبة الأدوية والمستحضرات الطبية بالاتحاد العام للغرف التجارية علي عوف، إن أزمة نقص الأدوية بالسوق المصري تكمن في عدم زيادة أسعار الأدوية منذ عام 1998 وقت أن كان سعر الدولار بحدود 3.8 جنيهات.
وأوضح عوف، أن الحكومة تفرض سعرا جبريا على الدواء مثل الخبز والمواد البترولية، لكنها لا تدعمه، وبالتالي توقفت شركات القطاع الخاص عن إنتاج الأدوية الخاسرة، مما تسبب في النهاية بوجود أزمة نقص كبيرة في الأصناف الدوائية، وانعكس سلبا على المريض المصري، واضطره إلى شراء الأدوية المثيلة المستوردة بعشرات الأضعاف.
وقال رئيس شعبة الأدوية، إن زيادة أسعار الأدوية الخاسرة بنسب بسيطة تمكنها من تحقق ربح سيؤدي إلى توافرها بالسوق.
اقرأ أيضاً: مصر تحيل 4 شركات لتوزيع الأدوية إلى النيابة