ما زال اللبنانيون بانتظار تحريك الملف النفطي. وإلى حين إعادته إلى الطاولة، يخشى بعض المتخصصين في مجال البيئة من الآثار البيئية التي قد تترتب عن بدء التنقيب عن النفط. في السياق، يوضح رئيس مجلس البحوث العلمية معين حمزة لـ "العربي الجديد" أنه "لم نكلّف بعد رسمياً للبدء في دراسة الأثر البيئي في أماكن تواجد النفط في قعر البحر، وهو مقسم إلى 10 بلوكات، وكل بلوك يحتاج إلى دراسة علمية مفصلة على مدى ثلاثة أشهر". يلفت إلى أن "الأثر البيئي يشمل دراسة تأثير التنقيب عن النفط على البيئة البحرية والثروة السمكية على وجه الخصوص". ويؤكد أن "النفط موجود في لبنان على غرار قبرص وإسرائيل وفلسطين".
بعد حملة سياسية وإعلامية وعدت المواطنين برفاهية اقتصادية مستقبلاً، إثر تأكيد وجود نفط في لبنان، أعيد هذا الملف إلى الأدراج بسبب "عراقيل سياسية"، كما يؤكد عدد من المسؤولين. منذ عهد الانتداب الفرنسي، بدأ الاهتمام بالنفط والغاز. إلا أن الضغوط السياسية والحرب الأهلية وعدم الاستقرار السياسي في البلاد، بالإضافة إلى صعوبة استخراجه، أخّرت عملية التنقيب.
عام 1926، أصدر المفوّض السامي الفرنسي هنري دو جوفنيل قانوناً أجاز فيه التنقيب عن النفط والمعادن واستخراجها واستثمارها. لاحقاً، أجريت دراسات عدة للبحث عن الثروات المعدنية والغاز في لبنان، أبرزها تلك التي أعدها الباحث الفرنسي لويس دوبرتيه عام 1932، ودراسة أخرى أجراها الجيولوجي الأميركي جورج رونوراد عام 1955، أكد فيها وجود نفط في لبنان. وتشير أحدث الدراسات إلى أن بحر لبنان يعوم على غاز يفوق 122 تريليون قدم مكعبة، و30 إلى 40 بليون برميل من النفط الخام.
يقول وزير الكهرباء والطاقة أرتور نظريان إن "شركات نفطية عدة درست الملف النفطي في لبنان، وشكلت الحكومة لجنة ضمت ممثلين عن الوزارات المعنية بمتابعة الملف، بانتظار تحريكه من جديد، علماً أنه جامد لأسباب سياسية". أما وزير البيئة محمد المشنوق، فيشير إلى أننا "وضعنا شروطاً صعبة لدراسة الأثر البيئي للتنقيب عن النفط. لكن للأسف، ما زال الملف عالقاً لأسباب سياسية على الرغم من أنه تمت دراسته في مجلس النواب أخيراً بهدف تحريكه مجدداً، لكن لا جديد".
وكان نظريان قد قال بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل فترة: "علينا أن نحرك هذا الملف في أسرع وقت ممكن كي نستفيد من هذه الثروة، ونساهم في تحريك اقتصادنا. علينا جميعاً أن نرى كيف نستطيع أن نحقق ذلك بعيداً عن الخلافات السياسية، وليس من المفروض إدخال السياسة في الاقتصاد، المهم أن نستفيد جميعاً. والدولة اللبنانية هي الأحق بهذه الثروة النفطية".
تجدر الإشارة إلى أن لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه برئاسة النائب محمد قباني قد اجتمعت، أخيراً، لبحث ملف النفط في لبنان. حينها، قال قباني إن "المواطنين كادوا أن ينسوا هذا الملف المهم. أريد أن أكون واضحاً حول مستقبل قطاع النفط والغاز. فالمعهد الأميركي للمسوحات الجيولوجية قدّر مخزون الغاز في الحوض الشرقي للبحر المتوسط بمائة واثنين وعشرين تريليون قدم مكعبة. أما نصيب لبنان منه فهو الثلث، بالإضافة إلى نحو 1,5 مليار برميل من النفط في المنطقة نفسها. كما أن التخطيط الناجح يكون بتوسيع إطار الاستفادة في مجالات الاقتصاد وفرص العمل، على غرار قطاع الكهرباء أو الصناعات البتروكيميائية".
وكانت اللجنة قد أصدرت مجموعة من التوصيات، منها متابعة موضوع النفط والغاز دورياً، والإسراع في إقرار المراسيم المطلوبة لتجنب المزيد من التأجيل، وتقديم هيئة إدارة البترول تقارير فعلية عن سير العمل إلى المجلس النيابي أسوة بالبلدان المتقدمة، وضرورة إقرار القانون الضريبي المتعلق بالنشاطات البترولية، وإنجاز قانون التنقيب عن النفط والغاز في البحر، وتنظيم ورشة عمل حول قطاع النفط والغاز". في المقابل، وعلى الرغم من جميع الدراسات، ما زال البعض ينكر وجود نفط في لبنان، منهم الخبير الجيولوجي ولسون رزق. يقول إنه "لا يوجد نفط في لبنان. هناك غاز في قعر البحر، وكل ما يحكى عن وجود نفط هو مجرد دعاية إعلامية". يضيف: "يجب الانتباه لدى حفر آبار إرتوازية في قعر البحر. فهناك خوف من تسرب النفط في البحر، ما قد يؤدي إلى كارثة كبيرة، على غرار ما حصل عام 2006، عندما تلوث البحر من النفط جراء الهجوم الإسرائيلي على الخزانات النفطية في الجيّة (جنوب لبنان). وفي حال حدوث ذلك، سيتلوث البحر المتوسط بسرعة".