نفايات غير حميدة

15 نوفمبر 2016
نفايات إلكترونية دفنت في السودان (عصام الحاج/ فرانس برس)
+ الخط -
أزمة التخلص من الفضلات تنبع من إحساسنا المفقود بمكاننا وسط الطبيعة. فكلّ الأنواع الحية تنتج فضلات، وجميع هذه الفضلات من دون استثناء تمرّ بعمليات إعادة تدوير بواسطة أنواع أخرى تعيش في نفس البيئة، ترتبط معها بعلاقات تكافل. وفي حالات عديدة تفصل الطبيعة أو تعزل العناصر ذات السُمِّية الخاصة بين الفضلات لتتيح الفرصة لعمليات بطيئة يجري من خلالها تحويل المواد السامة إلى مواد صالحة للاستخدام وفق قانون التوازن البيئي.

هذا ما حتم الحفاظ على علاقات متوازنة تقوم على تبادل المنفعة المشتركة في ما بين الأنواع الحية. ولأنّنا -نحن البشر- نرى أننا فوق القانون دائماً، فقد بتنا ننتج من الفضلات والنفايات ما يفوق قدراتنا على التخلص منها، وتفوق احتمالات سمّيتها قدرة البيئة الطبيعية على امتصاصها، أو إعادة استخدامها بأيّ معدل.

يصنف الخبراء النفايات تبعاً لخطورتها بين حميدة وخطرة. فالنفايات الحميدة هي مجموعة المواد التي لا يصاحب وجودها مشكلات بيئية خطيرة، ويسهل في الوقت نفسه التخلص منها بطريقة آمنة بيئياً. أما النفايات الخطرة فهي التي تشتمل مكوناتها على مركبات معدنية ثقيلة، أو إشعاعية، أو مركبات فسفورية عضوية، أو مركبات السيانيد العضوية، أو الفينول أو غيرها.

حتى وقت قريب، كانت كلمة "نفايات" تلفت النظر، وتثير حفيظة المسؤولين، وتولّد الشكوك، لكن، بات من المألوف أن تتناول كلّ وسائل الإعلام قضايا النفايات والتخلص منها، وما يصاحب العملية من فساد وإفساد، مثلما يحدث في بعض دول العالم الثالث، ومن بينها السودان.

هناك أثيرت قضية النفايات الإلكترونية، قبل ست سنوات، ومع ذلك لم تحلّ، بل ما زالت تتجدد حتى يومنا هذا. وفجّرت قضية تصدير النفايات الإلكترونية "المسرطنة" إلى السودان أزمة بين البرلمان والهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس.

وكان المجلس التشريعي للولاية الشمالية قد طالب بلجنة خبراء للوقوف على قضية دفن النفايات المشعة في الولاية. وكشف مسؤول سابق في هيئة الطاقة الذرية السودانية عن تخلص الصين من 60 حاوية محملة بمواد "خطرة" في السودان إبان عمليات تشييد سد مروي (شمال البلاد) الذي مولته بكين. وأكد دفن 40 حاوية فيما بقيت 20 حاوية متروكة في العراء.

وقد أقرّ وزير البيئة والغابات والتنمية العمرانية حسن عبد القادر هلال بوجود مشكلة حقيقية للنفايات الإلكترونية مبيناً عدم مواكبة السياسات والتدابير الاحترازية اللازمة التي من شأنها أن تكفل الحفاظ على البيئة من كلّ المخلفات الصلبة والإشعاعية الضارة والمترتبة على تراكم تلك المخلفات، ما يهدد سلامة البيئة في السودان.

(متخصص في شؤون البيئة)

دلالات
المساهمون