نظمية محمد أول بائعة فلافل في غزة

25 يناير 2016
أمام بسطة نظمية محمد للفلافل (محمد أبو يوسف)
+ الخط -
تقف نظمية محمد إلى جانب بسطة (عربة) لبيع الفلافل، تعد للزبائن المحتشدين حولها من الشباب والأطفال ساندويشات (شطائر)، وهي عبارة عن قرصين من الفلافل وملعقتين من سلطة الخضار. الازدحام حول محلها الصغير كثيف جداً، فالمواطنون يفضلون تناول ما تعده هذه السيدة، ويمدحون جودة شطائرها وكذلك السعر الزهيد.
تقول نظمية لـ "العربي الجديد": "بدأت العمل في هذا المحل الصغير، ولكنني لم أستطع تأمين كل مستلزمات أولادي، ولذا فكرت بإقامة هذه العربة أمام المحل، حيث يعاونني ولدي جهاد في العمل".

بنظرة رضا ممزوجة بتعب العمر تضيف: "الحمد لله، تمكنت من تأمين المصاريف الخاصة بابنتي التي تدرس في الجامعة، بالإضافة إلى تأمين المصاريف اليومية لنا كعائلة".
قبل 20 عاماً تزوجت نظمية، سافرت إلى الأردن، وأنجبت طفليها، ثم عادت إلى قطاع غزة، بدأت مشوارها العملي في أعمال التجارة حيث تستورد بعض السلع من مصر عن طريق معبر رفح، وتبيعها في القطاع، ثم اشترت ماكينة للخياطة، وبدأت أول مشروع لها.
تشير أم جهاد (51 عاماً)، إلى أنها عملت كخياطة، تصلح ثياب النساء في القطاع، إلا أنه في عدوان 2014 على غزة، هدم طيران العدو الإسرائيلي بيتها، وتدمرت ماكينة الحياكة، وساء وضعها المادي. إلا أن ذلك لم يقف في طريقها، بحثت نظمية عن العمل من دون كلل، لكي تؤمن مدخول أسرتها. تقول: "نصحتني صديقة كنت أزورها، وأشكو لها وضعي المتردي، بأن أفكر في وضع عربة متخصصة لبيع الفلافل، حتى أتمكن من تأمين المستلزمات المعيشية".
ينادي طفل "خالتي بدي بـ 2 شيكل فلافل"، تضع نظمية له الكمية التي طلبها في ورق ناعم الملمس ثم في كيس من النايلون، تناوله إياها ثم تقول: "بالصحة والعافية"، فيما يستمر ابنها جهاد في تقليب الفلافل في الزيت.
المحل القديم كان لوالد نظمية، إلا أنها بعد وفاته قامت بتأهيل المحل ببعض الحاجيات التي تبيعها للصغار في حارتها التي تقع في الشارع العام، وأصبحت مشهورة في حيها في بني سهيلا شرق خان يونس جنوب قطاع غزة. المحل القديم بحاجة إلى ترميم، هي لا تقوى أمام مصروفاتها الكبيرة على القيام بهذه المهمة، إلا أنه كما تقول: "يسترها في الوقت الحالي وأبناءها، حتى يستطيعوا تأمين مستقبلهم".

تبتسم نظمية في وجوه الزبائن، بعيون أم تعد الطعام لأولادها، مرتدية كنزتها الصوفية، ووشاحها الأسود على رأسها، في برد المساء الشديد في غزة، وتشرح لـ"العربي الجديد": "تعلمت صنع عجينة الفلافل، المكونة من الحمص والفول والبقدونس والكزبرة و(....) من وصفة صديقتي، وفي صغري كانت لوالدي بسطة في المحل ذاته استعنت بما كنت أراه في صغري لصنعها". تضيف: "يتحول البيت كل صباح إلى خلية نحل، لكل من أبنائي مهمة في إعداد الفلافل". وتشتكي من أنها تستخدم ماكينة قديمة لفرم عجينة الفلافل، فليس بمقدورها أن تشتري ماكينة حديثة، وقد تورمت يداها.
قلما نجد امرأة تعمل في بسطة للفلافل في غزة، وإن كانت النساء في غزة يساعدن أزواجهن في إعداد الخلطة الخاصة بها، إلا أنهن لا يظهرن بحكم العادات والتقاليد في مراحل القلي والبيع ومواجهة الزبائن. وتنتشر محلات بيع الفلافل والفول في كافة أحياء قطاع غزة، وتزداد في الأحياء الشعبية، فهي أكلة شعبية ورخيصة الثمن، وبها قيمة غذائية.
تقول نظمية: "في الحي الذي أسكنه، توجد عدة بسطات لبيع الفلافل، على بُعد أقل من كيلومتر مني، ما اضطرني إلى تخفيض سعر الساندويش وزيادة عدد الأقراص للشيكل الواحد، حتى أحافظ على زبائني، في ظل المنافسة الكبيرة".
تقول أم صبري، وهي جارة تسكن بالقرب من بسطة أم جهاد: "يومياً نرتاد محل الفلافل، فهي وجبة جاهزة ويحبها أطفالي، كما أن سعرها رخيص بأقل من دولار، يمكن أن يتناول أطفالي الخمسة وجبة العشاء، وقد تزيد الكمية عن حاجتهم".
تطمح نظمية إلى أن توسع بسطة الفلافل، وترمم محلها الصغير، وتملأه بالبضائع ليصبح مشروعاً مستقبلياً لابنها الشاب، والذي لم يجد في التعليم كشقيقته سبيلاً، علّها تعتمد عليها حين تميل عليها الحياة في كبرها، كما تقول.
المساهمون