نظام يلاعب نفسه

04 يوليو 2015
+ الخط -
حيث ماتت السياسة من المنبع، ولا متفرجين، إلا بأجر أو لمكيدة، ولا تذاكر تُباع في الأكشاك، ولا حكّام، ولا رافع راية حتى من مدغشقر، ولا حتى كرة، ولا حكم من الخارج أو من الداخل، بل رئيس فقط جاء على ظهر دبابة، مع بعض مستشاري الليل الضالعين في الأرشيف، والملعب محاط من الخارج والداخل بالدبابات والعربات المصفحة والأسلحة من كل نوع، والجمهور المشتري أناس بعيدون بالريموت كونترول في حالة جلوس واسترخاء أمام الشاشات، في انتظار صفارة القاضي كي يقول للجميع: (عودوا إلى أماكنكم). الخصم على الدكك "اعتقالاً وقتلاً"، والنظام في الملعب وحده يلاعب نفسه عبر الشاشات والمحاكم العسكرية في مخافر وأكاديميات الشرطة، بقوانين تصنع كل يوم على عين الرئيس، ومن أجل سلامته وسلامة ميزانية أسلحة جنوده ومصانعة من المعكرونة والبيادات حتى الإسمنت. تصدر الأحكام، حتى ليلاً، وأيام الجُمع والعطلات، وفي المساء، يثني المعلقون على عدالة الأحكام ويدينون أيضاً بجاحة الخصم وفجوره ولا إنسانيته، وخروجه أيضاً عن الملّة وإجماع المسلمين والناس. وعلى الرغم من ذلك، فمصر فوق الجميع، ثم تنطلق الأغاني.
هذا ما نعيشه طوال سنتين، وصدى أصوات من داخل الملعب كل آن تعلن عن الوضع في شكل صيحات، كي تشاغل الجمهور، غير الموجود أصلاً، في شكل عبارات، مثل "الحكم بالسجن على أحمد موسى بسنتين". واضح أن الحكم "لزوم الضحك"، قد صدر من محكمة "أبو النمرس الابتدائية". أو "براءة إسلام البحيري مما نسب إليه". أو "توجه فاطمة ناعوت إلى محكمة شرق القاهرة، بناء على توجيهات النائب العام". أو "توسط مكرم محمد أحمد للصلح بين الغزالي حرب وأحمد موسى"، حيث كل الطرق مسدودة، وقد يتطلب الأمر تدخل الرئاسة "كما فعلت ما بين مرتضى وشوبير"، وقد يدخل "الشيخ ميزو"، على الخط مع فاطمة ناعوت بفتوى منسية للإمام مالك تجيز الجمع بين مزمارين في الموالد، فيرد عليه الشيخ علي جمعة بأن مالكاً أحلها في أزمنة النكد التي عرفتنا بمثل ميدو وميزو وثالثة الأثافي. عندئذ قد تؤجل محاكمة عكاشة إلى 16 من يناير/كانون ثاني لسنة 2019 إلى حين وصول ما يثبت صحة الأدلة من أن عكاشة كان في نيته السب أو التشكيك في وطنية صاحب الجنحة. وفي الليل، تظهر فاطمة ناعوت بوشاح، معلنة أنها تعرف أن تتحجب أمام الكاميرا مثلهن تماماً، كما تستطيع أن تلبس الزي العسكري والبيادة أيضاً، والكعب العالي، وبجوارها المصحف تستشهد بالآيات. حينئذٍ، قد يظهر الخبر على الشاشة واضحاً عن المصالحة بين حسين سالم والحكومة، بعد قانون الرئيس الجديد، وقد يغطي الخبر على صدى صوت اللاعبين في الملعب، حينئذ يظهر النائب علاء عبد المنعم قائلاً: لا مصالحة مع الخونة، إلا بعد كسرهم ودحرهم وإذلالهم. حينئذ ترى سما المصري وقد أعدت ملابس السجن، وهي في الأستديو تصور آخر أغنية من كليبها الجديد، قبل أن تتصالح مع مرتضى منصور في مسرح الهوسابير قبل عرض باليه 'كسّارة البندق" بدقائق، وبالمصادفة البحتة.
ثم تتوالى الأخبار أن حسين سالم يعيش في أوروبا معزولاً بفضل مساعدات الأصدقاء. حينئذٍ، قد تفكر نجوى فؤاد، هي الأخرى، في نشر مذكراتها التي كتبتها بعرق بنانها، وخصوصاً بعد نشر مذكرات حسني مبارك، وهو في سجنه الحصين في أحد كهوف المعادي، وعدم قدرة وصول أحمد موسى إلى كهفه، إلا بعد أن تخفى في ملابس أحد عمال المناجم. ولكن، فجأة تأتي الأوامر إلى نجوى فؤاد بتأخير النشر، فتعلن نجوى في "العاشرة مساء"، مع وائل الأبراشي أنها أغلقت موضوع نشر مذكراتها تماماً، حرصاً على استقرار الوطن.


دلالات