نظارات وسماعات وأسنان مجانية في فرنسا

03 فبراير 2020
بدأت الاستفادة من عروض النظارات والأسنان (فريد تانو/فرانس برس)
+ الخط -

ما كان وعداً انتخابياً للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بدأ يتحقق بمرسوم حكومي، منذ بداية عام 2020. هذا الوعد غايته ضمان حصول الفرنسيين، مجاناً، على تجهيزات بصرية وسمعية وأسنان اصطناعية، وما يرتبط بها

ليس سرّاً أنّ الهاجس الأكبر لكثير من المواطنين الفرنسيين هو صحة العين والأذن والأسنان. وقبل المرسوم الحكومي، الصادر أخيراً، الذي بدأ تطبيقه منذ بداية يناير/ كانون الثاني الماضي، مع استكمال مفاعيله بداية العام المقبل، كان المواطن الفرنسي يجد صعوبة في العثور على تأمين صحي يكفل امتيازات في القطاعات الثلاثة. وهو ما تقوله سعدية الغاوي، المتقاعدة السبعينية، إذ إنّ "الضمان الاجتماعي لا يعوض كثيراً، ولهذا لا مفر من العثور على تأمين صحي تكميلي. لكنّ المشكلة تكمن في أنّ هذا التأمين قد يضمن، مثلاً، تعويضات جيدة في ما يخص النظارات الطبية، لكنّه لا يعوض كثيراً في ما يخص الأسنان. وبما أنّ العمر مرّ من هنا، فكلّ شيء في الجسد بات مريضاً ويحتاج إلى دعامات".




الهدف الحكومي من الإصلاح الذي أطلق عليه "صفر عبء مالي" يتلخص في أنّه "يجب ألا يتخلى الفرنسيون عن وضع أسنان اصطناعية، أو جهاز سمع، أو نظارات طبية لأسباب مالية". لكنّ "صفر عبء مالي" يشترط أن يكون المستفيد مشتركاً في تأمين صحي تكميلي، أما من لا يملك تأمينات صحية تكميلية، فيمكن أن يستفيد، فقط، من عروض تخفيضات في الأسعار، بالإضافة إلى تعويض جزئي "هزيل" من قبل التأمين الصحي الشامل. لكنّ "صفر عبء مالي" لا يعني الحرية في اختيار النظارات، بل ستُعرَض على المريض إطارات نظارات مختلفة، ومن بينها نظارات "مجانية". وهو ما يعني أنّ من يريد نظارات أكثر أناقة أو نظارات بإطارات فضية أو ذهبية، سيكون التعويض عنها هزيلاً، وبالتالي عليه أن يدفع الفرق الكبير غالباً من جيبه.

بدأ تطبيق الإصلاح على الأسنان من تلبيس وجسور وأطقم اصطناعية، وعلى النظارات ابتداءً من 2020، قبل أن يطبق، سنة 2021، على سماعات الأذن. وحتى في هذه الأخيرة لا يجب انتظار سنة 2021، في ما يخص بعض التجهيزات التي وُضعَ لها، من الآن، سقف أسعار.

جواد الهاشمي (45 عاماً) يقول إنّه كان يخشى أن ترفضه من يتقدم إليها بطلب الزواج، بسبب فمه الخالي من الأسنان، تقريباً، لكنّه يستطيع، الآن، الإقدامَ على هذا القرار. ويشرح كيف أنّ "التدخين وإدمان المشروبات الكحولية، وربما شيئاً ورثته عن آبائي وأجدادي، سبّب لي ذهاب أسناني، وهو ما يجعلني أخجل من فتح فمي أمام محدّثيّ، وخصوصاً النساء. وإن شاء الله، وُجدَ الحلّ".

وكانت المراكز الطبية للأسنان، قد بادرت، في الأول من شهر إبريل/ نيسان 2019 إلى وضع سقف أسعار، في ما يخص أطقم الأسنان، وهو ما يتيح التقليل من الكلفة التي يجب على المريض دفعها. وقد أصبح لزاماً على كلّ طبيب أسنان أن يقدّم للمريض من بين كلّ العروض المقترحة عرضاً يدفع التأمين الصحي التكميلي 100 في المائة، من كلفته. وهو عرض يضمن أسناناً اصطناعية تيجانها مصنوعة من السيراميك والمعدن، بالنسبة إلى جميع الأسنان المرئية.

ولأنّ الشيطان يختفي في التفاصيل، كما يقال، فإنّ المرضى أحيطوا علماً بأن هذه العروض تخلو من الأبهة والفخامة، فالتأمينات الطبية التكميلية، التي يضطر المريض إلى دفع رسومها، كلّ شهر، إذا أراد أن يكون التعويض كاملاً، تصل إلى 100 يورو في ما يتعلق بإطار النظارات.

وإذا كان كثيرون قد بدأوا يستفيدون من هذه الإجراءات في ما يخص النظارات والأسنان، فإنّ أصحاب السمع الضعيف، يجب أن ينتظروا حتى العام المقبل 2021، حتى يحصلوا على أجهزة يتحمل التأمين الصحي والتأمينات الصحية التكميلية، كلفتها. وفي كلّ الأحوال، لم تنتظر السلطات الفرنسية عام 2021 حتى تقدم تسهيلات للمرضى، إذ كان هؤلاء منذ بداية 2019، أمام تخفيضات في الأسعار وصل سقفها إلى 1300 يورو، وحُدّد، هذا العام، 2020، بـ1100 يورو، ليهبط عام 2021 إلى 950 يورو. وقد حُدّد أقصى ما يمكن أن تدفعه التأمينات التكميلية في ما يتعلق بسمّاعات الأذن بـ1700 يورو، بالنسبة إلى أيّ جهاز، وهو مبلغ تدفعه على مدى أربع سنوات، لا يستفيد المريض خلالها من أيّ جهاز أو خدمة إضافيين.




كثير من كبار السنّ، من المهاجرين، في مركز إيواء بمدينة نانتير، بالضاحية الباريسية، مثلاً، يعانون من مشاكل سمع مزمنة، سُرّوا بالوعد الانتخابي لماكرون الذي تحقق في المرسوم الأخير. يقول عباس الهبطي، وهو مغربي في الرابعة والثمانين: "يلومني كثيرون هنا، في مركز الإيواء، لأنّي أتحدث بصوت مرتفع. صحيح، والسبب أنّي لا أسمع جيداً. ظروفي المالية لا تسمح لي بشراء سماعات. وبينما أضع نظارات طبية منذ 30 سنة، فالنظارات أرخص، كذلك فإنّها ضرورية أكثر من السماعات". يتابع: "سأنتظر العام المقبل، حتى أضع جهاز السمع، لأتمكن بعدها من سماع همسات الأحفاد".
المساهمون