زراعة العراق (العربي الجديد)
18 اغسطس 2020
+ الخط -

رغم الانتعاش الواضح في القطاع الزراعي العراقي، وما حققه أخيرا من معدلات إنتاج مرتفعة حققت اكتفاءً ذاتيا للبلاد بأكثر من 25 منتجا توقف استيرادها من إيران وتركيا والأردن، كالبطاطس والطماطم والخيار، إلا أن لجنة الزراعة في البرلمان كشفت، أخيرا، عن هجرة نصف فلاحي العراق أراضيهم بحثاً عن مهن أخرى لزيادة دخلهم ومواجهة أعباء الحياة.
وقال مقرر لجنة الزراعة في البرلمان العراقي، جمال فاخر، إن العراق فقد نحو 50 بالمائة من فلاحيه في السنوات الأخيرة، إذ دفعتهم الظروف الصعبة إلى اللجوء لمهن أخرى لكسب لقمة العيش. 
وأكد في بيان صحافي، أن إحياء القطاع الزراعي وتوفير كل عوامل الدعم ينبغي أن تكون لها أولوية لدى الحكومة، باعتبار أن تأمين المحاصيل يأتي ضمن مبادى الأمن الغذائي، فضلا عن تأثيره في امتصاص نسبة كبيرة من البطالة في البلاد. 
والشهر الماضي، أعلنت وزارة الزراعة العراقية عن تحقيق طفرة كبيرة في الإنتاج بمحاصيل مختلفة تجاوزت 25 محصولا، قبل أن تصدر بيانا آخر تعلن فيه عن منع استيراد 24 مادة زراعية من دول الجوار لتحقيق الاكتفاء الذاتي. 
وكان وزير الزراعة العراقي، محمد كريم، قد كشف في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، عن قرب توقيع آلاف العقود لمشاريع زراعية مختلفة، وأخرى تتعلق بإنتاج اللحوم الحمراء والبيضاء بهدف تحقيق اكتفاء ذاتي منها، وذلك ضمن خطة تهدف لتعزيز الإنتاج المحلي من المحاصيل الزراعية واللحوم.
لكن مسؤولا عراقيا في بغداد قال، لـ"العربي الجديد"، إن السنوات الماضية تسببت في "رضوض وكسور بالغة في القطاع الزراعي، حيث هجر آلاف الفلاحين مزارعهم واتجهوا للعمل في مهن أخرى". 
وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن الأرقام المتوفرة تتحدث عن هجرة أكثر من ربع مليون فلاح أعمالهم في السنوات الماضية واتجاههم لمهن أخرى، مثل سائقي أجرة أو عمال بناء بالأجر اليومي أو باعة متجولين، وكلها كانت هجرة إلى المدن القريبة. 

وكشف عن أن السلطات الحكومية تعد خطة واسعة ستظهر ملامحها خلال الموسم الشتوي المقبل، تقوم على شراء منتجات الفلاحين بأسعار جيدة مع إعادة نظام الدعم بالأسمدة والبذور وتأمين قروض للفلاحين عبر مصرفي الرشيد والرافدين الحكوميين.

ووصف الأرقام التي أعلنتها لجنة الزراعة في البرلمان العراقي بأنها "مبالغ فيها وغير علمية".
عبد السلام البغدادي، وهو مستثمر زراعي في مقاطعات زراعية جنوبي العاصمة بغداد، ويملك نحو 70 دونما زراعيا، تحدث لـ"العربي الجديد"، عما سماه "تحطيم الفلاحين بالمنتجات الزراعية المستوردة". 
ويؤكد البغدادي أن "شح المياه وارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات فضلا عن رداءة نوعيتها أدت إلى كثرة الآفات الزراعية وعدم السيطرة عليها، وليست هناك مقارنة بين المصاريف التي ينفقها الفلاح على مزرعته والأسعار التي يبيع بها المحصول، وفوق كل ذلك يدخل المستورد ليحطم محاصيله لينتهي المطاف بأطنان منها كعلف للحيوانات". 
ويتابع: "حاليا نحتاج إلى دعم من الحكومة بأسمدة ومبيدات جيدة وحمايتنا من المستورد، هذا ما سينعش الزراعة ويعيدها إلى مكانتها ويجذب المستثمرين والفلاحين إلى الزراعة، وإلا فإن البحث عن عمل آخر أفضل لنا ولأسرنا وفيه توفير للجهد والمال اللذين ننفقهما على الزراعة".
عضو اتحاد الفلاحين والمزارعين العراقيين، أحمد المولى، قال إنه على الرغم من التقدم المتحقق في قطاع الزراعة بالعراق لكن ما زال هناك الكثير لإصلاحه، فالخراب كبير. 
ويضيف المولى لـ"العربي الجديد": "أجبرت جائحة كورونا الحكومة على إغلاق الحدود وتوقف الاستيراد لأيام فوجد الفلاح من يشتري محصوله وعادت القرى تزرع أسرع وأكثر وصار هناك سوق للمنتج المحلي، ولولا الجائحة ما حصل ذلك، لذا على الحكومة تحويل المحنة إلى منحة والتوجه لإعادة من ترك أرضه ومزرعته إليها بدعمه وإنهاء الفساد قبل كل شيء في وزارة الزراعة".
وأكد أن "التوجه الشعبي بالعراق نحو البضائع المحلية وترويج الرأي العام لها لعب دورا مهما لا يمكن إنكاره، والحكومة الآن مطالبة بتضميد جراح الفلاحين عن سنوات إهمال قاسية، بل تكاد ترقى إلى حرب ضد الفلاح". 
كما تحدث عضو البرلمان العراقي عبد الأمير تعيبان، الأسبوع الماضي، عما وصفه بـ"مؤامرة خارجية تستهدف الثروة الحيوانية والزراعية في العراق"، مبينا أن استمرار تسجيل حالات نفوق مئات الأطنان من الثروة السمكية ليس طبيعيا، إنما هناك أيادِ خبيثة تعبث، وهناك خطة مدروسة لتدمير اقتصاد العراق، وأن ما حصل جريمة حقيقية ضد البيئة، وهناك ايادِ تخريبية مدفوعة من بعض دول الجوار لتخريب المنتج الوطني للاعتماد على المستورد.

المساهمون