نساء يسرقن في شوارع صنعاء

05 ابريل 2016
ما زالت تخرج لوحدها أحياناً (عبدالرحمن عبدالله/فرانس برس)
+ الخط -
ما زالت المشاكل والجرائم الأمنية في تزايد مستمر نتيجة الانفلات الأمني في العاصمة اليمنية صنعاء وغيرها من المدن. هذا الانفلات أدى إلى وقوع جرائم لم تكن لتحدث من قبل، منها سرقة النساء بشكل خاص أثناء سيرهن في الشوارع.
أم خالد الريمي هي إحدى الضحايا. تقول إن رجلين كانا يستقلان درّاجة نارية نجحا في سرقة حقيبة يدها أثناء توجهها إلى بيتها مع ابنها في فبراير/شباط الماضي، وقد فقدت بعض المال والمقتنيات الثمينة. تحكي تفاصيل الحادثة لـ "العربي الجديد". تقول إن رجلين ملثمين كانا على متن دراجة نارية اقتربا منها كثيراً وبهدوء، لينتزع أحدهما حقيبتها من يدها بسرعة كبيرة، ما أدى إلى سقوطها أرضاً في حي الجامعة في صنعاء. وتشير إلى أن رجالاً آخرين متواجدين في المكان حاولوا الإمساك بالدراجة لكنهم فشلوا.

تضيف أنها لم تبلغ أجهزة الشرطة لأنها تعرف أنهم لن يستطيعوا إعادة ما سرق، وخصوصاً أن الرجلين كانا ملثمين ولم تكن الدراجة النارية تحمل رقماً. وتشير إلى أنها كانت تحمل بعض المال والأوراق الثبوتية والهاتف في حقيبتها، لكن كل هذا "يهون أمام المخاطر الأخرى التي غالباً ما تصيب الناس بسبب الحرب والانفلات الأمني الحاصل". تضيف أنها تسمع يومياً عن جرائم قتل وسرقات كثيرة.

بعد هذه الحادثة، فضّلت الريمي عدم الخروج لوحدها خشية التعرّض لحوادث مشابهة. تضيف: "سابقاً، كنت أصطحب ابني من المدرسة يومياً. لكن بات زوجي يتولى هذه المهمة، ولم أعد أخرج وحدي إطلاقاً". وفي حادثة مشابهة، تعرضت سمر الجرباني في يناير/كانون الثاني لسرقة حقيبتها والاعتداء بالضرب من قبل لصوص كانوا على متن دراجة نارية.
وعلى الرغم من أن بعض المارة ساعدوني لإلقاء القبض على أحد الجناة، إلا أن الأجهزة الأمنية في العاصمة الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) أطلقت سراحه بعد ساعات، بحسب الجرباني. وتقول لـ "العربي الجديد": "خرجت من المعهد الذي أدرس فيه، والواقع إلى جوار المركز التجاري الليبي في شارع الجزائر وسط العاصمة، لأفاجأ برجلين يستقلان دراجة نارية. لم يتردد أحدهما بضربي من الخلف محاولاً أخذ الحقيبة، فغبت عن الوعي".

وتؤكّد الجرباني أن أحد المارة اعترض المسلح بسيارته، ما أدى إلى كسر جزء من دراجته النارية. بعدها، تجمع الناس وأمسكوا بأحدهم. وبدلاً من تقديم الشكر لمن أمسك بالجاني، تؤكد أن العاملين في مركز الشرطة احتجزوا صاحب السيارة الذي اعترض اللصوص، وغرموه 50 ألف ريال يمني (نحو 200 دولار أميركي)، علماً أن سيارته تضررت نتيجة اعتراضه للدراجة النارية.

وتتعدّد أساليب سرقة النساء ولا تقتصر على الشارع فقط، في ظل كثرة استخدام الدراجات النارية وسهولة فرار اللصوص وصعوبة مطاردتهم. من جهة أخرى، تضطر نساء إلى استخدام وسائل النقل العامة (الحافلات المتوسطة) في تحركاتهن نظراً لارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وبالتالي ارتفاع أسعار المواصلات الخاصة، ما يعرضهن لمحاولات سرقة. ويعترف مسؤول أمني رفض الكشف عن اسمه بأن الحرب ألقت بظلالها على حياة اليمنيين في ظل ضعف الأمن، مشيراً إلى أن التراجع الأمني يعدّ أمراً طبيعياً بسبب تداخل المهام وضعف التمويل وتراجع مصادر دخل المواطنين وازدياد الفقر.

ويقول المصدر إن الحوثيين تسلموا مهام حفظ الأمن في المحافظات، لكنهم لا يملكون الخبرة الكافية للتعامل مع جرائم مماثلة. ويشير إلى أنه في ظل التزايد المستمر للجرائم التي ترتكب في المحافظات اليمنية، هناك ضعف في الأداء الأمني. وتجدر الإشارة إلى توقف كثير من ضباط الشرطة عن القيام بأعمالهم نتيجة التدخلات المستمرة لمندوبي المليشيات في أعمالهم.
من جهة ثانية، لا يستغرب يمنيون انتشار هذه الجرائم، ويرون أن الأمر نتيجة طبيعية للانفلات الأمني الواسع، وخصوصاً مع استمرار المواجهات المسلحة في مناطق ومحافظات مختلفة.

في السياق، يؤكد تقرير حديث أصدره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن مؤسسات الدولة في اليمن كانت تعاني قبل الحرب، إلا أن "تطبيق القانون تدهور أكثر وبشكل ملحوظ في ظل الصراع الحالي". وتشير البيانات المحلية إلى أن الناس لا يشعرون بالأمان في مواقعهم الجديدة، وهناك مشاكل خطيرة بسبب غياب العدالة وعدم معرفة الناس المتضررين بحقوقهم الأساسية. وقدّرت الأمم المتحدة عدد اليمنيين الذين يحتاجون إلى الحماية بنحو 11.4 مليون شخص (44 في المائة من إجمالي عدد السكان)، بمن في ذلك النازحون واللاجئون الأفارقة، أي الفئات الأكثر تعرضاً للانتهاكات.

المساهمون