نساء عراقيات يستخدمن المقابر للتربح بأعمال السحر

08 يوليو 2015
الساحرات يدفنّ سحرهن بالمقابر إمعانا في الإيذاء باعتقادهن (Getty)
+ الخط -

يتلصصن في الليالي الحالكة على إحدى المقابر القريبة ليضعن ما صنعنه من السحر والشعوذة ويقمن بدفنه بين القبور القديمة، ليثبت السحر ويؤدي عمله بحسب اعتقادهن.

نسوةٌ وجدن من السحر والشعوذة وسيلةً للتربح، في ظل انتشار الفوضى الفكرية في العراق وغياب القانون والأمن وانتشار الأمية، فيما تزداد ظاهرة دفن السحر في المقابر من قبل الساحرات ببعض مناطق شرق بغداد وجنوب العراق.
ويقول العاملون في المقابر إنهم يلاحظون يوميا، دخول نساء إلى المقبرة ليلا فيقومون بمراقبتهن، ليتبين أنهن قمن بدفن أعمال سحرية بين القبور.

وعن هذه الظاهرة، يكشف العاملون في المقابر عن عثورهم كل عدة أيام على أعمال سحرية، تتضمن طلاسم وجماجم وعظام موتى أو عظام بعض الحيوانات كعظام الهدهد وغيرها، لنساء قمن بدفنها ليلا في حلكة الظلام، حتى لا يتسنى معرفة مكان دفن السحر، خشية إفساده وبطلانه بحسب اعتقادهن.

لكن العاملين في تلك المقابر أصبح لديهم خبرة بهذه الألاعيب وكشفها، كما يوضح الدفّان عليوي مصلح (49 عاماً) لـ"العربي الجديد" مبيناً أنَّ "ظاهرة السحر تنتشر يوما بعد آخر في العديد من مناطق بغداد والجنوب، وتعتبر النساء أكثر المقبلين على السحرة، غير أنَّ الساحرات يتمتعن بقدرة على جذب الزبائن والحصول على مبالغ كبيرة، مقابل بعض الأعمال السحرية كالتفريق والمحبة والجاه والرزق وما شابه بحسب اعتقادهن".

ويضيف مصلح "من خلال عملي في المقابر، وجدت الكثير من الأعمال السحرية مدفونة بين القبور. وهؤلاء الساحرات، يستخدمن قبورا قديمة لدفن السحر، لأنه يكون أكثر ضررا وتأثيرا ويصعب إبطاله إلا باكتشاف مكان دفنه"، بحسب قناعته.

ويقوم العاملون في المقابر بإزالة تلك الأعمال السحرية وإبطالها، ويجدون الكثير من الأشياء العجيبة والغريبة بين القبور بعد مراقبتهم للساحرات ليلا.

اقرأ أيضا: في العراق.. تعاويذ وتمائم لتفادي الرصاص

عادل الدفّان يعمل حارساً في إحدى مقابر بغداد، يوضح "ألاحظ غالبا دخول عدة نساء إلى المقبرة ليلا، قد يبلغن خمسا أو ربما عشر نساء، فأراقبهن وأعود إلى أماكنهن في الصباح لأكتشف أنهن قمن بدفن الكثير من الأعمال السحرية بين القبور، خاصةً القديمة منها، والمصيبة أنهن يقمن بنبش بعض القبور القديمة لدفن أعمالهن السحرية دون أي حرمة للموتى".

ويقول عادل لـ"العربي الجديد": "هؤلاء الساحرات خطيرات للغاية ويقمن بعمل السحر مع مختلف المواد القذرة كالدماء والإبر والأشواك والحيوانات كالضفادع، وحتى عظام البشر التي يستخرجنها من بعض القبور، ودفنهن للسحر في المقبرة هو لأجل إلحاق أكبر ضرر بالضحية المعمول ضده السحر" بحسب ما يروجنه.

ويرى الباحث الاجتماعي عبد الودود العبيدي أنَّ "ظاهرة السحر والشعوذة لم تعد حبيسة الأزقة والقرى التي ينتشر فيها الجهل، بل هي الآن ظاهرة منتشرة على قنوات فضائية تخصص للسحرة والمشعوذين برامج لنشر طلاسمهم وسحرهم على الهواء مباشرةً، وهنا تكمن الطامّة الكبرى، وهذا لا يعتبر تخلفا فقط بل إنه انحطاط فكري كبير".

ويتابع العبيدي "المجتمع بطبيعته يبحث عن كل ما هو غريب ومثير، خاصةً عالم الجن والسحر، ومع الجهل الديني وانعدام الوازع القانوني والأخلاقي، يتفشى السحر بشكل مخيف، وهو فعلا يؤدي إلى كوارث مجتمعية لا يمكن الصمت عنها، فالساحرات إضافةً إلى الطلاسم والاستعانة بالجن لإضرار الناس، يستخدمن مواد سامة ليضعنها في أطعمة أو أشربة للشخص المستهدف تؤدي إلى موته أو إتلاف جسده" وفق رأيه.

اقرأ أيضا: 8 آلاف مشعوذ عراقي يمتلكون الثروات

ويتردد السياسيون بكثرة على السحرة والعرافين لشراء كل ما هو جديد في عالم الطلاسم السحرية، ومعرفة مستقبلهم السياسي وشراء الأحجار الكريمة الخاصة بالجاه والقبول والرزق بحسب اعتقادهم.

كما يقول علي الوائلي (31 عاما) موضحاً أنَّ "أحد السحرة الساكن قريبا من منزله في بغداد، يزوره العديد من كبار السياسيين وقادة الأحزاب لشراء طلاسم الرزق و"الحظوة" أو الجاه ومعرفة طالعهم ومستقبلهم السياسي، غير أنَّ الإقبال على السحرة من قبل النساء أكبر بكثير، وحتما يقعن فريسة لاستغلال السحرة الذين لا يقومون بعمل الطلاسم السحرية لهن إلّا بعد استغلالهن جسديا".

ولا يعاقب القانون العراقي على أعمال السحر والتنجيم والعِرافة، فيما يعاقب تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، الذي يسيطر على نصف مساحة البلاد، السحرة والساحرات بقطع رؤوسهم بالسيف.

دلالات