نساء دارفور يُعِلنَ أزواجهن.. حتى يلعبوا "ورق الشدّة"

05 اغسطس 2014
الثقافة الذكورية في دارفور جندت المرأة لخدمة الرجل(العربي الجديد)
+ الخط -
حَكَم المجتمع الذكوري على المرأة الدارفورية بالأشغال الشاقة الأبدية. في هذا الإقليم، حسم الرجل قراره باستغلالها، فيما قررت هي الرضوخ لإرادته. فإضافة إلى مهامها المنزلية ورعاية الأطفال، تجد نفسها مضطرة للعمل خارج المنزل بالنيابة عن الرجل لتأمين لقمة العيش. يعمل بعضهن في مجال الزراعة، والرعي، وغيرها من الأعمال الشاقة. أما الزوج، فيمضي يومه مسترخياً في المنزل، يلعب "الضمنه والسيجا"، وهي لعبة شعبية محلية. ولا يتردّد في أخذ ما تجنيه زوجته بعد انقضاء اليوم.

قساوة الحياة

اعتادت فاطمة العمل في الزراعة قبل أن تجبرها الحرب على النزوح إلى أحد المعسكرات. تقول لـ"العربي الجديد": "كنتُ أخرجُ من بيتي بعد صلاة الفجر لحراثة الأرض بالمعدات المحلية، ثم زراعتها وريّها". وتوضح أنها "كانت تضطر أحياناً إلى اصطحاب أطفالها إلى العمل، وحتى المبيت بين الحقول. كان زوجي يزورنا بين الحين والآخر للاطمئنان على سير العمل من دون أن يفكر في مساعدتي"، لافتة إلى أنه "مسؤول فقط عن بيع المحصول. ولأنه يحتفظ بالمال، تضطر أيضاً إلى بيع الخضار في السوق لتوفير المال اللازم لتربية الأطفال".
في السياق، يشرح رئيس مجلس شورى القبائل العربية إبراهيم عبدالله إسماعيل لـ"العربي الجديد " أن "الرجل في الريف الدرافوري عادة ما يعتمد على المرأة لجني المال. فيما يقضي وقته في البيت، يلعب ورق الشدة مع أصدقائه. وفي آخر النهار، يستولي على عرق وجهد زوجته". ويشير إلى أن "هذه الظاهرة مرتبطة بثقافة المنطقة"، لافتاً إلى أن "المرأة تخشى، في حال رفضت العمل، الطلاق وتشريد الأسرة".


الخوف من المجهول


تعيشُ المرأة الراعية في درافور حياةً قاسية. وغالباً ما تضطر إلى مواجهة المجهول لوحدها، إذ تسرح يومياً قطيعها لمسافات بعيدة بحثاً عن الطعام، وتكتفي بحمل عصا لتحريكه. وأحياناً، يضطر بعضهن إلى اصطحاب أطفالهن الرضع في جولاتهن. فيربطنهم إلى ظهورهن بواسطة قطعة من القماش، ليواجهوا معاً حرارة الشمس. وبعد يوم شاق، يعدن إلى منازلهن لإعداد الطعام لأزواجهن. 
يقول المسؤول في إحدى القبائل، إسماعيل، إن "المرأة الراعية تتعرض لمخاطر عدة. كثيراً ما أجد نساء وقد فارقن الحياة في الصحراء لأسباب مختلفة، منها ضربة شمس أو لدغة ثعبان، وغير ذلك". ويضيف أنها "عادة ما تكون عرضة للاغتصاب، إذ تذهب إلى مناطق بعيدة عن قريتها وخالية من الناس"، مستذكراً "حادثة وقعت عام 2004، حين اغتصب أحد أبناء قبيلة الحوتية امرأة تنتمي إلى قبيلة الرزيقات أثناء رعيها الأغنام، ما أدى إلى اندلاع حرب بين القبيلتين ومقتل العشرات، وتهجير الحوتيين من المنطقة". ويؤكد أن "الحرب التي اشتعلت في الإقليم أدت إلى تخلي عدد كبير من النساء عن الزراعة، والانتقال إلى مهن أخرى كبيع الشاي، وضرب الطوب، وتنظيف المنازل، وحتى البيع في المتاجر".
ويرى إسماعيل أن "حقوق المرأة في دارفور مهدورة بسبب افتقارها للتوعية في خضم الانتهاكات التي تتعرض لها، ما أدى إلى انتحار بعضهن". ويُحمّل المنظمات المحلية والإقليمية والعالمية "مسؤولية عدم الاهتمام بالمرأة الدرافورية، وانتشالها من المعاناة التي تعيشها".

ذكوريّة

في السياق، يقول أستاذ الثقافة السودانية بجامعة الخرطوم محمد المهدي بشرى إن "هذه الظاهرة مرتبطة بالثقافة الذكورية بإقليم دارفور، حيث يعتمد الرجل على المرأة لكسب المال"، لافتاً إلى أنها "مسؤولة أيضاً عن الأعمال المنزلية". ورغم أن الإنتاج يفترض أن يعزّز دور المرأة ويجعلها مستقلة، إلا أن بشرى يشير إلى أن "العكس يحدث في دارفور، وخصوصاً أن الرجل يقضي يومه في لعب الضمنة وغيرها. لكنه في الوقت نفسه صاحب القرار". ويتابع أن "التخطيط للزارعة وبيع المحصول هما من مسؤوليات الرجل. أما المرأة، فتتولى كل شيء آخر".
ويرى بشرى أن "المرأة راضية تماماً. حتى إن بعض النساء يزدن إنتاجهن لحث الرجل على الزواج بأخرى لتساعد في دورة الإنتاج". ويلفت إلى أن "القضية ترتبط بالوعي. فالمرأة الدارفورية تعتبر أن دورها يقتصر على إرضاء الرجل. علماً أنه يفترض بالمرأة المنتجة أن تكون قوية. لكن يحدث العكس في دارفور".