السيّدة التي تدرّب اليوغا لم تكن قد تبرّجت. بدا وجهها خالياً تماماً من أي إضافات. تدخل النسمات وتخرج من مسامات بشرتها بانسيابية مطلقة. لا يهم إن كانت جميلة أم لا. ملامحها مُرتاحة، كأنها استيقظت لتوّها من النوم. تمرّ الساعات ولا يتغير شيء. ملامحها نضرة، فيها حياة قائمة بذاتها.
أيّ شاعر لن يكتب عن عينين واسعتين رسماً مجدداً بالكحل الأسود، أو ثغرٍ زهري بدا لامعاً هذه المرة. ربما يقول قصيدة عن وجهٍ أشبه بمرآة. داخل هذه المرأة صفاء انعكس على وجهها. حتى أن أدوات التجميل لن تزيده إشراقاً أو جاذبية، بل ربما تفقده رونقه. في داخلنا أرواح عدة متشابكة. والبشرة روح، تحيا إذا كان المخفي منّا حياً.
هذه هي، ولا يمكن أن يكنّ هنّ. أدوات التجميل بالنسبة لكثيرات إضافة صباحية يومية، صارت مع الوقت جزءاً من الوجه. في الأعياد، تضع الصغيرات أحمر الشفاه. وفي عمر المراهقة، تزداد الألوان. هذه الأدوات ليست أكثر من تلوينٍ للوجه، كأننا نخرجه من العتمة إلى الضوء. وهذه لا ترسم ملامح جديدة، إلا إذا كان الأمر مقصوداً، بقدر ما تبرزها.
بين المرأة والرجل سرّ. كلاهما يعرفانه. مع ذلك يبقى سراً. النساء يتسابقن إلى نيل رضى المرآة. وإن كانت لا تتكلّم إلا في قصص ديزني، إلا أن المرأة تشعر بما تريد أن تقوله لها. هذا حال الرجال، أيضاً، وإن اختلفت الوسائل.
هو يظن أنه قادر، لمجرّد كونه رجلاً، على جذب أي فتاة تروق له. إلا أن الإضافات التي لطالما أحاطت بالمرأة، جعلتها جزءاً منها. لطالما تردّد على مسامعها أن الرجال يحبون المرأة بالكعب العالي والأثواب الضيقة. كما أن قليلاً من التبرّج سيجعلها تبدو أكثر جاذبية. امرأة بالألوان. والألوان غالباً ما تقتل الملامح البائسة أو الحزينة أو المتعبة أو القلقة. تغطي الهموم بقماشة ملونة، قد يجعل صاحبها ينسى بعض الوقت، أنه مليء بكل هذه المشاكل.
وهي تستجدي ثقة ظنت أنها لن تحصل عليها إلا من خلال آخرين، فتختار التبرّج لتأكيد الجمال، حتى لا يعود هناك مجالٌ للشك. ولو كان الجمال نسبياً، ستجد "نسبتها" بين بعضهم.
قلّة هن الأمهات اللواتي أخبرن فتياتهن إنهن جميلات كما هن، ولو بدت ملامحهن باهتة. قلة، أيضاً، سعين لإدخال الألوان إلى دواخلهن. قبل الطيبة، هناك الراحة. والأخيرة تجعلنا نبدو أكثر إشراقاً وأكثر طيبة.
يشبّه عالم الاجتماع، إرفنغ غوفمان، التبرّج بالتحضيرات التي تجري وراء الكواليس في المسرح قبل الصعود على الخشبة. وهذه التحضيرات ترضي عيون أصحاب العلاقة وتجعلهم يشعرون بالثقة. نريد الجمال، أيضاً، لنخرج إلى المسرح الكبير. هناك، نؤدي أدواراً أكثر صعوبة. ولا بأس في أن نكون مناضلات جميلات.
اقرأ أيضاً: بشرٌ من العالم