نساء البحرين ينتظرن إقرار الأحكام "الجعفريّة" بعد الانتخابات

13 نوفمبر 2014
الشق الجعفري سيُسهم في حماية أسر بحرينية (فرانس برس)
+ الخط -
مرّت ستة أعوام على بدء تطبيق القسم الأوّل من أحكام الأسرة، الذي يتضمّن 147 مادة تخصّ شؤون الأسرة في المحكمة السنيّة، في وقت ما زال القسم الثاني الخاص بالمحكمة الجعفرية عالقاً، على خلفية رفض المشروع الموحّد للمذهبين من قبل خمسة نواب (كتلة الوفاق المعارضة) في اللجنة التشريعية والقانونية في البرلمان عام 2008، بالإضافة إلى أحد نواب كتلة الأصالة (موالية).
في ذلك الوقت، قال المجلس الإسلامي العلمائي المنحل، الذي تتبعه جمعية "الوفاق"، إن "رفض أحكام الأسرة متعلق بمطالبتهم بضمانات دستورية، لعدم تغيير القانون بعد إقراره". انتهت دورة المجلس وانعقدت أخرى، ولم يجرِ إقراره، وأُحيل إلى مجلس النواب في نهاية العام 2012، من دون أن يتم تمريره بالرغم من انسحاب أعضاء "الوفاق" من البرلمان في الدورة الأخيرة، ليُحال مجدداً إلى الفصل التشريعي في الدورة الجديدة "بغرض الدراسة"، علماً أنه ستجري انتخاباتها في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
وفي ظل مقاطعة "الوفاق" ومؤيّديها للانتخابات النيابية، تكثرُ احتمالات تمرير الشق الجعفري، وخصوصاً أن الحكومة تتحدّت عن ضرورة تطبيقه من خلال المجلس الأعلى للمرأة ووسائل الإعلام. وفي الفترة الأخيرة، نشرت الصحف البحرينية تقارير للمؤسسة العربية لحقوق الإنسان والمركز الخليجي الأوروبي لحقوق الإنسان، تشير إلى أن "الشق الجعفري سيُسهم في حماية الكثير من الأسر البحرينية".

قانون موحّد
وبالرغم من رغبة الاتحاد النسائي ومساعيه الحثيثه لإصدار الشق الجعفري من أحكام الأسرة، إلا أنه ما زال يأمل بقانون موحّد للمذهبين، وتطبيق توصيات لجنة اتفاقية "السيداو" في هذا الإطار.
القضايا المعلّقة في المحاكم الجعفرية كثيرة، منها قضية أمل. تخشى المرأة الأربعينية على مستقبل أطفالها الثلاثة. تقول إن "زوجها تغيّر فجأة بعد عشر سنوات من زواجهما. صار كثير الغضب، ثم أخبرني أنه تزوج بأخرى". تُضيف بحزن: "قبل سبع سنوات تحديداً، ازدادت المشاكل بيننا. ربما أدى كل ذلك إلى لجوئه إلى الزواج بأخرى. والمشكلة الأكبر تمثلت في أنه أصرّ على أن تسكن معنا في البيت. بعدها لم يعد يأتي إلى المنزل، أو ينفق على أطفاله".
تصف أمل اليوم الذي تقدّم زوجها بدعوى الطلاق في المحكمة الجعفرية الصغرى بـ"الأسود"، بخاصة أنها لم تلزمه بنفقة بعد إصدار حكم الطلاق، باستثناء بدل السكن (70 ديناراً)، علماً أن بدل إيجار أية شقة في البلاد لا يقل عن 150 ديناراً. المعاناة لم تتوقّف هنا. طلب منها طليقها الخروج من المنزل، بموجب إخطار من مركز الشرطة بـ"إخلاء السكن". هكذا ببساطة، وجدت نفسها وأبناءها الثلاثة في الشارع. تُضيف: "رافقتني ابنتي إلى منزل والدتي، فيما لجأ البقية إلى منزل الجيران، لأن بيت أمي الآيل للسقوط، لم يكن ليسعنا جميعاً".
وكرّت السبحة. كانت الأيام تمرّ بسرعة. كان عليها تأمين الزي المدرسي لأطفالها، إضافة إلى جوازات السفر (بناءً على طلب المدرسة). إلا أن كلّ هذه الأغراض كانت في المنزل الذي مُنعت من دخوله، ما اضطرها إلى شراء ثياب جديدة. وتجدر الإشارة إلى أنها تقطن اليوم في شقة بدل إيجارها 200 دينار شهرياً.
ليست أمل الوحيدة التي وجدت نفسها أمام سيل من المشاكل، بسبب المحاكم الشرعية. فبحسب إحصاء لمركز "بتلكو" لرعاية حالات العنف الأسري، جرى إصداره العام الماضي، توجد نحو 11 ألف قضية معلقة في المحاكم منذ أكثر من 10 سنوات.

معاناة
من جهتها، بدت فتحية أكثر قوة. بالرغم من ذلك، كانت حزينة، إلا أن معاناتها الطويلة علّمتها الصبر. تقول: "تزوجت حين كنت في الخامسة عشرة من عمري. كان زوجي يكبرني بأحد عشر عاماً". هكذا قررت بدء حديثها، كأنها تشير بذلك إلى سبب الخلافات التي نشبت بينهما في وقت لاحق.
تقول: "بعد الزواج، أسكنني في منزل والده. سعيت للانتقال إلى منزل آخر. ولأن إمكانياتنا كانت محدودة، لم نستطع إلا السكن في منزل آيل للسقوط. بعد فترة، تم هدم المنزل المجاور لبيتنا، فتصدع بيتنا. طرقت باب الكثير من المؤسسات الخيرية من دون جدوى".
تُتابع فتحية: "سعيت أيضاً لتغيير عمل زوجي. حصل ذلك فعلاً. لكنه ظل غير مبالٍ بالأسرة. لم يكن يشعر بأية مسؤولية حيالي". وتشير إلى "وجود اختلاف كبير بين عائلتي وعائلته، لناحية الثقافة والاهتمامات وأشياء كثيرة أخرى. كلّ ذلك ساهم في تغذية الخلافات بيننا". وتلفت إلى أن مأساتها الحقيقية بدأت "حين لجأت إلى رجل دين في المنطقة التي أسكن فيها، عرفت لاحقاً أن زوجي قد قصده قبلي، وأخبره أنني أهجره وأخذت منه المنزل. ولأنه استمع إليه وصدّقه، وقف إلى جانبه، ورفض الاستماع إليّ". تضيف: "عمد زوجي إلى التشهير بسمعتي على مواقع التواصل الاجتماعي".
ما زالت فتحية تعاني بسبب مماطلة المحاكم الشرعية في بت الكثير من الأمور، بخاصة بعد مطالبتها زوجها بـ"بدل سكن"، و"نفقة"، علماً أنها كانت قد تقدمت بدعوى طلاق قبل سنوات. تشير إلى "تأخّر انعقاد الجلسات في المحاكم، بالإضافة إلى قلقها من حكم القاضي".
وكانت عضو كتلة البحرين، سوسن تقوي، قد أعلنت في وقت سابق أن "القضاء الجعفري الذي يعتمد حالياً على الاجتهاد الفقهي، نظر في 691 قضية عام 2011، من ضمنها 210 قضايا طلاق، و170 قضية نفقة، و89 منازعة زوجية، و19 قضية صداق، و105 قضايا حضانة".

عدالة
اشترطت المرجعيات الدينية الشيعية ضمانات لقبول القانون، منها عدم تغييره إلا بموافقتها. وحين أعيد طرحه في مجلس النواب، مع إجراء تعديلات عليه، وصفوا أيضاً إقراره من دون ضمانات بـ "الاضطهاد الطائفي". في المقابل، يرى المؤيدون للقانون بشقه الجعفري، أن إقراره سيحقق العدالة للمرأة البحرينية، من خلال تسهيل الإجراءات الخاصة بالنفقة والحضانة، وسيساهم في نيلها حقوقها. وإذ يرى البعض أن تطبيقه قد يؤدي إلى زيادة نسبة الطلاق، يرد آخرون بأن هذه النسبة لم ترتفع لدى تطبيق القانون بشقة السني.
المساهمون