نداء تونس يواصل الانقسام: كتلة جديدة في الأفق

26 يناير 2016
توقعات بخروج كتلة جديدة من رحم حزب نداء تونس(الأناضول)
+ الخط -

تزداد رقعة الشرخ داخل حزب نداء تونس في التوسع، حتى بدا أن السيطرة عليها مهمة عسيرة، وتعمقت أكثر بمجرد انعقاد مؤتمره في  9 و10 يناير/ كانون الثاني.

وإن كان أمر انسحاب محسن مرزوق ومن معه من نواب البرلمان أمراً محسوماً منذ فترة، فإن تفتت المجموعة المتبقية من النداء، الموالية لحافظ قائد السبسي، احتجاجاً على "سوء إدارة الحزب وضبابية مصيره" يعتبر أمراً مثيراً للتساؤل.

ومثّل مؤتمر سوسة نقطة فارقة في مسيرة حزب نداء تونس، فكان بمثابة الزلزال الذي ضرب ما تبقى من الحزب، وبالإضافة إلى إعلان محسن مرزوق ومن معه انسلاخهم رسمياً عن النداء، واعتزامهم تكوين مشروع جديد، بالتزامن مع سير أشغاله، فإن عدداً واسعاً من الغاضبين هدد بالاستقالة، انطلاقاً من القيادات المحلية (في الفروع والجهات)، وصولاً إلى النواب وأعضاء الهيئة السياسية التي اكتسبت "شرعيتها" من المؤتمر.

ومباشرة بعد انتهاء أشغال المؤتمر، والإعلان عن تولي حافظ قائد السبسي الإدارة التنفيذية للحزب، والإعلان عن بقية تركيبة الهيئة السياسية، التي ستديره، تواترت الاستقالات والانشقاقات، بعضها يقوده الشعور بالإحباط حسب المنسحبين، الذين ربطوا قرارهم بأن "المؤتمر لم يكن إلا مناسبة لتجديد شرعية قائد السبسي الابن، ومن معه، وأعطى غطاء قانونياً لتواجد بعض الشخصيات، التي تحوم حولها شبهة فساد مالي". والبعض الآخر "استاء من عدم مكافأته بإحدى المسؤوليات، إثر الخدمات الهامة التي قدمها لهذا التيار".

اقرأ أيضاً: تونس: تقليص ساعات حظر التجول والبرلمان يستمع للصيد الأربعاء

وراجت، منذ مدة، أخبار عن مبادرة للسبسي الأب، تتمثل في إقصاء الابن وتحييده من الحزب إلى غاية عقد مؤتمر انتخابي في الصيف المقبل. غير أن مصادر مقربة من حافظ قائد السبسي كشفت لـ"العربي الجديد"، أن الأخير رافض لمبدئ تحييده وإبعاده عن الحزب، ومتمسك بقيادته إلى غاية المؤتمر الانتخابي. "رغم أن عدداً من المحيطين به حذروه من مغبة أن يواصل تعنته ورفضه".

وأضافت المصادر ذاتها، أن "آخر المساعي لإعادة الغاضبين المستقيلين من النواب، ستعقد اليوم الثلاثاء في جلسة مغلقة بالبرلمان، على أمل إثنائهم، خاصة وأن العدد مرجح للارتفاع".

ويتحدث النواب المستقيلون من كتلة النداء التي تضم رسمياً 64 نائباً، عن "وجود أطراف  غالطتهم وأوهمتهم بإمكانية الإصلاح، وإعادة تصحيح المسار، لكن الوعود لم تتحقق ولا تزال إدارة الحزب تسير بطريقة غير ديمقراطية".

اقرأ أيضاً: انشقاق "نداء تونس" يُعيد تشكيل المشهد البرلماني

وقالت، في ذات الصدد، النائبة المستقيلة، ألفة السكري، لـ"العربي الجديد"، إنها استقالت مع ما عرف بمجموعة الـ32  (التي استقالت في نوفمبر/تشرين الثاني) لكنها أُقنعت بالعودة، "غير أن مجريات مؤتمر سوسة حسمت الأمر نهائياً في اتجاه الاستقالة".

وأبرزت السكري أنها "استقالت إثر مؤتمر سوسة مباشرة، وحافظت على مكانتها في الكتلة، على أمل أن تقدم معارفها وكفاءتها لخدمتها، لكن نفس التجاذبات والمشاكل السابقة ألقت بظلالها على عمل الكتلة، التي تسير لا ديمقراطياً، دفعتها هذه المرة للاستقالة بشكل نهائي".

ورجحت السكري، في حديثها مع "العربي الجديد"، أن عدد المستقيلين من الكتلة سيرتفع إلى حدود 15 نائباً، وقد أودع صباح اليوم كلٌّ من ليلى الحمروني، وزهرة إدريس، ومحمد الطرودي، وصابرين قوبنطيني، بالإضافة إلى حسونة الناصفي، وبشرى بالحاج حميدة، استقالاتهم رسمياً لدى الهياكل المعنية في البرلمان. كما استقال كلٌّ من النائب إبراهيم الناصفي، ورجل الأعمال والنائب، المنصف السلامي، من الحزب، ولم يعلن بعد عن استقالته من الكتلة النيابية للنداء.

وكشفت السكري، لـ"العربي الجديد"، أن النواب المستقيلين حديثاً لن يتجهوا نحو "الكتلة الحرة" مباشرة، وإنما أمامهم عدة خيارات، من بينها تكوين كتلة جديدة خاصة بهم أو البقاء كمستقلين في المجلس.
 

أما الكتلة الحرة فإنها تريد رسم خط تمايزها عن الكتلة الأم، التي أخذت في التصدع، وذلك بتدارك الأخطاء التي ولدت الانشقاقات، حيث قال النائب، سهيل العلويني، لـ"العربي الجديد"، إن "الكتلة انكبت على إعداد ميثاق شرف، سيكون قاعدة للتعامل مستقبلاً بين النواب فيما بينهم، وأساساً للعلاقة مع الكتل الأخرى والحكومة ووسائل الإعلام، وهو ميثاق شارك النواب في إعداده في إطار عمل جماعي".

وأضاف العلويني أنه جرت انتخابات لرئيس الكتلة ونائبيه (الذين سبق اختيارهم) في إطار فرض شرعية الانتخاب. كما قامت بانتخاب لجان داخل الكتلة، تعتني كل منها بملف (الاتصال مع الحكومة، الشؤون الخارجية، التشريع...)

وأكد النائب عن الكتلة الحرة، لـ"العربي الجديد"،  أنه من بين المسائل التي طرحت في إطار الإعداد للمشروع السياسي، الذي سيعلن عنه في 2 مارس/آذار المقبل، استقطاب شخصيات وطنية حتى يكون المشروع جامعاً، ومن بين الأسماء التي تم الاتصال بها منذر الزنايدي(أحد وزراء نظام بن علي وأحد قادة حزب التجمع المنحل، ترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2014 ونال نسبة تصويت ضعيفة).

اقرأ أيضاً: انشقاقات الأحزاب التونسية منذ الثورة: تحالفات من ورق