نجوم يغردون بعيداً عن "الكلاسيكو"

28 أكتوبر 2014
+ الخط -

انتهى الأسبوع الكروي الساخن، ولا صوت يعلو فوق صوت "الكلاسيكو"، الذي انتهى بفوز الريال على البرسا بثلاثة أهداف مقابل هدف، ومع التغطية الإعلامية الكبيرة للمباراة وأحداثها، تاهت تفاصيل مهمة ومباريات أخرى في زخم قمة الكرة الإسبانية، لذلك مع كامل الاحترام والتقدير لهذه المواجهة، إلا أن تألق بعض اللاعبين بشكل مفاجئ، وعودة تكتيك صانع اللعب القديم، والمدرب الذي يستحق جائزة خاصة، كلها أمور سنسلط الضوء عليها خلال هذا الطرح.

اللاعب الأفضل
يُعرف عن ألكسندر سونج ذوقه الغريب بعض الشيء في ملابسه التي يرتديها بعد المباريات، حيث يخطف دائماً الأضواء بأزيائه المُلفتة رغم وجود النجوم الكبار بجواره داخل الملعب وخارجه. ورغم أن مشواره مع برشلونة خلال العامين الأخيرين كان ضعيفاً وخافتاً حتى النهاية، إلا أنه تمتع بشعبية كبيرة بين جماهير النادي الكتالوني، نظراً لروحه المتواضعة وقلبه الأقرب إلى عاطفة المشجعين، لذلك عاش سونج وكأنه مشجع لبارسا وليس لاعباً في صفوفها طوال فترة تواجده داخل الكامب نو.

وهذا الموسم، يبدو أن الكاميروني في طريقته لاستعادة شخصيته المفقودة منذ الأيام الجميلة في آرسنال مع المدرب أرسين فينجر، حيث أن سونج كان له دور كبير في انتصارات الفريق اللندني، وكان بمثابة حجر الأساس في توليفة الوسط خصوصاً بعد رحيل الإسباني سيسك فابريجاس، مع ثنائية المحور بين سونج ومايكل أرتيتا، ولعب النجمان دوراً تكتيكياً فعّالاً بتبادل المراكز والمهام وفق ظروف المباراة.

سونج ارتكاز دفاعي صريح، لكنه لا يلعب فقط أمام الدفاع بل يصعد كثيراً للأمام، مستفيداً من قوته البدنية واندفاعه في قلب الهجوم، لأنه بالأساس لاعب يملك لمسة مميزة من اللعب المباشر، أي هو لاعب الوسط الذي يتحرك بشكل طولي أكثر منه بشكل عرضي، وذلك التكتيك جعل أرتيتا يلعب أكثر في الوسط الدفاعي خلفه، أي يتحرك الإسباني بشكل عرضي وينطلق سونج بطريقة طولية معاكسة.

ولكن في برشلونة، جاء سونج لكي يلعب كارتكاز دفاعي صريح لا يتقدم كثيراً، أو لاعب دفاع عند الحاجة، لكنه لا يمتاز أبداً بالصبغة الدفاعية التي يمتاز بها الأرجنتيني ماسكيرانو، ولا يتفوق في التمركز المحوري الذي يتمتع به بوسكيتس، لذلك جلس الكاميروني على الدكة وظل حبيس مقعد البدلاء حتى رحيله نهاية الصيف الماضي إلى ويستهام، النادي الإنجليزي العريق الذي يحارب في مناطق الوسط خلال الأعوام الفائتة.

نجح المدرب سام آلادريس في اكتشاف اللاعب الكاميروني مرّة أخرى، وحاول إعادة نسخة أرسنال الناجحة، لذلك قدم اللاعب أداءً مُبهراً خلال المباريات الأخيرة بالدوري المحلي، واستحق لقب نجم الأسبوع في الدوري الإنجليزي، بعد قيادته الفريق لفوز مهم على نجوم مانشستر سيتي، ولعب سونج كارتكاز دفاعي يصعد للهجوم دائماً، أي أقرب إلى لاعب "البوكس تو بوكس" أي الوسط الذي يدافع ويهاجم في آن واحد، مع توفير لاعب آخر يقوم بالتغطية خلفه، وقام مارك نوبل بهذا الدور طوال اللقاء، والأقرب استمرار تألق النجم الأفريقي خلال بقية الموسم، بعد توافر الخلطة الفنية التي تسمح باستغلال قدراته الهجومية الفذّة.

صانع اللعب القديم
خلال بطولة دوري الأبطال 2006، قدم فياريال أداءً استثنائياً حتى نصف النهائي، ولعبت الغواصات بتاكيناردي وسينا محاور ارتكاز، وسورين يتحرك أكثر إلى الطرف مع ميل فورلان إلى الطرف الآخر، وذلك من أجل توفير المساحة اللازمة لجعل خوان ريكيلمي لاعب حر ينطلق في أي مكان بالملعب. لا تخصص ولا تعقيد، هكذا هي البيئة التي ينجح فيها صانع اللعب الكلاسيكي رقم 10 .

وفاز ليون على مارسيليا في قمة الدوري الفرنسي لهذا الأسبوع بطريقة تكتيكية مقاربة لفكر فياريال القديم، وذلك بسبب تواجد صانع اللعب الكلاسيكي يوهان جوركوف، الذي قدم لقاءً كبيراً واستحق نجومية المباراة بعد هدف رائع جلب لفريقه الثلاث نقاط. حيث بدأ ليون المباراة بخطة 4-3-1-2 وبتواجد ثلاثي صريح بمنطقة الوسط، جونالونز لاعب ارتكاز دفاعي صريح، على يساره توليسو الذي يحمي طرف الارتكاز، بينما يقوم فيري بنفس المهمة على الطرف الأيمن.

أما جوركوف فيلعب بحرية على طريقة زيدان وريكيلمي في بداية الألفية الجديدة، صانع اللعب الكبير أو الـ Big Man الذي يهاجم فقط، يسجل الأهداف ويصنعها، يتحرك بشكل شبه كلي في الثلث الهجومي الأخير، أمام خط الوسط وخلف ثنائي هجومي صريح، وهذا ما فعله المدرب هوبيير فورنيي أمام مارسيلو بيلسا في قمة البطولة المحلية التي انتهت بفوز أصحاب الأرض ليون بهدف دون رد.

لعبت مارسيليا بثلاثي دفاعي صريح، لذلك واجه ليون قوة الجنوب بثنائي هجومي مع جوركوف كصانع لعب، وحقق اللاعب ما أراد بحريته الواضحة طوال المباراة، واختراقه لدفاعات الخصم وتسجيله الهدف القاتل. لذلك رغم أن هذه النوعية من صناع اللعب قد تراجعت كثيراً خلال السنوات الأخيرة، إلا أن توفير الغطاء الدفاعي اللازم لها يجعلها أقرب للتألق خصوصاً في المواجهات المغلقة التي تحتاج إلى لمسة ساحرة.

المدرب المثالي
نجح فريق بروسيا مونشندجلادباخ في إيقاف الإعصار البافاري، وخطف نقطة ثمينة من فم الأسد خلال مباراة الفريقين في قمة الدوري الألماني لهذا الموسم، وحافظ الفريق الشاب على فارق النقاط البسيط الواصل إلى 4 نقاط بينه وبين المتصدر بايرن ميونخ، والفضل يعود إلى خطة المدرب لوسيان فافري الذي أضاف الكثير إلى تكتيك فريقه، وجعله خصم صعب أمام كبار البوندسليجا هذا الموسم.

واجه فافري خطة بيب الهجومية بتوازن دفاعي منضبط، مع خطة لعب 4-4-2 التي تتحول في الحالة الدفاعية إلى 4-5-1 صريحة، بعودة المهاجم الثاني رافائيل إلى منطقة المنتصف، وخلال فترات الشوط الثاني مع زيادة الضغط، أصبحت الخطة 4-4-2-0 أي تمركز الثنائي الهجومي أمام لاعبي الوسط بشكل مباشر، وإغلاق كافة الفراغات أمام نجوم البطل الأقوى في الأراضي الألمانية.

يحتاج فريق بيب دائماً على الفراغ لكي يتحرك خلاله، ولعب مونشنجلادباخ بخطيّن من الدفاع في كل جانب، وأغلق الفريق الثلث الأخير برباعي دفاعي يعاونهم ثنائي الارتكاز، بينما عاد لاعبو الهجوم لمساندة الثنائي الآخر في منطقة المناورات، لذلك وجد نجوم بايرن أنفسهم محاصرين بثنائي من اللاعبين في كل جانب من الملعب.

لم يكتف جلادباخ بالدفاع فقط، بل طبق المرتدات بشكل مثالي وبأكثر من لاعب، بسبب صعود المهاجمين إلى الأمام مع مد حقيقي من جانب الأجنحة على أطراف الملعب، وكان من الممكن مباغتة ضيفهم بهدف قاتل خلال الدقائق الأخيرة من المباراة، لولا سوء التوفيق وتألق دفاعات وحارس بايرن. الأمر الذي جعل بيب جوارديولا يهنئ منافسه فافري بعد المباراة بحسن إدارته للأمور، لأنه ظهر فعلاً على طريقة الأبطال أمام ملوك بافاريا.

المساهمون