نجوم الكرة بين عشق الرياضة وسطوة السياسة

19 اغسطس 2014
نجوم في السياسة والرياضة
+ الخط -

يعشق الكثير من رجال السياسة كرة القدم ونجومها، ويُعبّرون عن حبهم لها وشغفهم بها، بمناسبة أو من دونها. وتشهد بطولات كأس العالم وكأس الأمم العلاقة المباشرة بين السياسة وكرة القدم، في ظل حضور أغلب رؤساء الدول وتحولهم إلى مشجعين طوال التسعين دقيقة، عمر المباراة. وخلال كأس العالم الأخيرة في البرازيل، حدثت مصادمات كبيرة بين الجماهير والحكومة المحلية، بسبب المبالغ الطائلة، التي تم دفعها من أجل تنظيم البطولة العالمية.

وكان مشهد الختام تاريخيا بحق، ألمانيا تكتسح أصحاب الأرض بالسبعة، في طريقها نحو النهائي، وتُنهي آمال الأرجنتين بهدف جوتزه، لتحتفل المستشارة أنجيلا ميركل، في المدرجات، التي تتحول إلى مشجعة كروية أصيلة للمنتخب الألماني.

وعلى صعيد اللعب أيضاً، يشتهر الرئيس التركي الجديد، رجب طيب إردوغان بولعه بالكرة وممارسته لها في أوقات الفراغ، كذلك شجّع الرئيس أوباما منتخب بلاده في كأس العالم الأخير، وقطع كافة اجتماعاته في سبيل مشاهدة مباراة ثمن النهائي أمام بلجيكا، مع فريق العمل السياسي الخاص به، لتكون علاقة السياسة بالرياضة منتشرة بشدة، لكن ليس فقط من اتجاه واحد، بل من الاتجاهين.

هناك نجوم لعبوا كرة القدم، وأبدوا ميولا واضحة نحو العمل في السياسة، بل حاول بعضهم فعلاً أن يصل إلى مفاتيحها، وعمل فيها، وتحول من مَلاعب كرة القدم إلى قاعات الاجتماعات وأماكن البرلمانات. ويبدو أن الأمر قد اختفى قليلاً هذه الأيام، لكن الماضي القريب والتاريخ البعيد يشهدان على محاولات مشروعة من قبل لاعبي كرة القدم، نحو الدخول في عالم السياسة وأسرارها المريبة.

فخر أفريقيا
لعب الليبيري، جورج وايا، في مختلف الأندية الأوروبية الكبيرة، وصنع مجدا غير عادي لنفسه ولمنتخب بلاده، وهو اللاعب الأفريقي، الذي قدم قارته السمراء بأسلوب رياضي راقٍ وسط ملاعب القارة العجوز. وبعيداً عن أدائه الكروي، عُرف عن وايا أنه كان يدفع كافة مصاريف منتخب بلاده، وتذاكر الطيران، وأماكن الإقامة، بالإضافة إلى مكافآت اللاعبين، لذلك أحبّه الجميع ووثقوا فيه، وجعلوه الأب الروحي لهم، ليس فقط داخل الملعب، بل خارجه أيضاً.

وقد تم تعيين جورج وايا سفيراً للنوايا الحسنة لمنظمة يونسيف عام 1997، بالإضافة إلى أعمال خيرية دائمة في بلاده، ليبيريا. كذلك قام بمحاربة أمراض عديدة كالإيدز، ودعا إلى التسامح والتقارب بين فئات الشعب، ليتخذ بعد ذلك خطوة أخرى أكثر جرأة، حينما قام بالترشح لرئاسة ليبيريا عام 2005.

ودخل وايا قلوب الناس من باب كرة القدم، الفتى الصغير الذي لم يجد أية وسيلة متعة أخرى غير لعب الكرة في الشوارع حافياً، والدخول شيئاً فشيئاً إلى عالم الاحتراف، ليمثل بلاده في أكبر الفرق في العالم، ويصبح النموذج والقدوة والمثل الأعلى لكل الأطفال في البلد الأفريقي، ورغم خسارته الانتخابات أمام ألين جونسون سارلييف، إلا أنه ظل "فخر أفريقيا"، كما لقّبه الأسطورة الراحل، نيلسون مانديلا.

الجدير بالذكر أن حكومة ليبيريا اعتمدت مبلغا قياسيا، حوالى ربع مليون دولار، لإزالة ملصقات وضعها أنصار جورج وايا في شوارع العاصمة منروفيا، خلال دعايته الانتخابية، عندما ترشح لرئاسة ليبيريا، مما يدل على العشق الكبير والحب غير المحدود، الذي يتمتع به الأسطورة الكروية وسط جماهير ليبريا، البلد التي تربى فيها، وما زال يعمل من أجلها حتى اليوم.

الدب الروسي
لعب المهاجم الروسي، رومان بافليوتشينكو، مع أندية روسية عملاقة، بالإضافة إلى فريق توتنهام الإنجليزي، وله صولات وجولات مع منتخب بلاده في كل ملاعب أوروبا، ويعتبر أحد أعضاء الجيل الذهبي لفريق روسيا 2008، تحت قيادة الهولندي الخبير، جوس هيدنيك، حينما وصل الدب العملاق إلى نصف نهائي بطولة أوروبا 2008، قبل أن يخرج أمام بطل المسابقة، منتخب إسبانيا، بعد الهزيمة بثلاثة أهداف دون رد.

وعلى الرغم من شهرته كلاعب كرة قدم، إلا أن دخول رومان السياسة كان له أثر كبير في مشوار اللاعب. فبعد انضمامه إلى حزب الرئيس، فلاديمير بوتين، أصبح اللاعب مسؤولاً عن بعض الأمور السياسية داخل بلدته، ستافروبول، وخدم سكان المدينة كثيراً من خلال عمله الدائم ومجهوداته الواضحة، إلى درجة أنه تخلى عن بعض تدريبات فريق توتنهام عام 2008، من أجل حضور فعاليات سياسية وحزبية في بلاده.

وقد دخل بافليوتشينكو هذا المجال في إطار مساعي الدولة الروسية للحصول على دعم كافة الرياضيين، داخل الأراضي المحلية، ومع رفض البعض منهم خوض هذا التحدي، قرر رومان قبول التحدي ومحاولة خدمة بلاده في مجالي الرياضة والسياسة.

الولد الذهبي
ويعتبر جياني ريفيرا، ولد إيطاليا الذهبي، الذي لعب في أربع كؤوس عالم كاملة، 1962، 1966، 1970، 1974، فاز في ستين مباراة مع منتخب بلاده، بالإضافة إلى حصوله، مع نادي ميلان، على بطولات عديدة، وأكثر من 500 مباراة. في بداية مسيرة ريفيرا، قال له خوان شيافينو، أحد نجوم ميلان الكبار نصيحة مهمة، بأن أي لاعب كامل يجب أن يجمع صفات الهداف، صانع الألعاب ومساعدة الدفاع. وعلى مدى تاريخه الكبير، اتبع ريفيرا تعليمات شيافينو بحذافيرها، وحمل الفريق على كتفيه عندما كان في حاجة إليه، معتمداً على فنياته العالية، عندما كانت المباراة تتطلب ذلك.

عمل ريفيرا لفترة في الإدارة الرياضية، ووصل إلى منصب نائب رئيس ميلان، قبل أن يرحل بعد قدوم بيرلسكوني، ويتجه إلى السياسة، معّللاً ذلك بتصريحه الأشهر"بات واضحاً وبسرعة بأنه لم يعد في إمكاني البقاء في مهامي وأنا أملك رؤية مختلفة عنه". وقد نجح الذهبي في السياسة، حيث اختير نائباً في البرلمان الإيطالي، وكانت له صولات وجولات داخل الكيان السياسي الكبير. ثم تم تعيينه سكرتيراً للدولة في وزارة الدفاع، ثم نائباً في البرلمان الأوروبي، ليصل إلى القمة لاعباً وسياسياً. وفي عام 2010، وبطلب من رئيس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم، تم تعيين ريفيرا "مسؤولاً عن قطاع الشباب، وطلاب المدارس، من أجل الاستفادة من خبراته، ليجمع المجد من طرفيه، ويصل إلى أعلى درجات النجاح في ملاعب كرة القدم وساحات السياسة.

روماريو وبيبيتو
بدأ اللاعبان مسيرة المجد سويّاً في عالم كرة القدم، بعد أن حققا للمنتخب البرازيلي بطولة كأس العالم، عام 1994 في الولايات المتحدة، واختار القدر أن يدخلا عالم السياسة معاً، بعد الفوز في الانتخابات البرلمانية نفسها في عام 2010.

وساعدت شعبية روماريو في حصوله على عدد كبير من الأصوات وقتها، ليحتل المركز السادس، من حيث عدد الناخبين، بواقع 150 ألف صوت ليدخل البرلمان، عن الحزب الاشتراكي البرازيلي، بينما لحق بيبيتو بآخر عربات قطار البرلمان، بواقع 30 ألفاً فقط.

المساهمون