نجوم العرب و"الإنسانية"

21 مارس 2018
مبابي يحتضن طفلاً (Getty)
+ الخط -

أتساءل مثل غيري من المتابعين لنجوم كرة القدم العربية، سواء في القارة الأوروبية ممن يتألقون مع أنديتهم أو أولئك الذين ذاع صيتهم في الوطن العربي؛ أين هم من المبادرات الإنسانية قولا وفعلا.

ننظر لوطن عربي مزقته الصراعات والفقر وكل أنواع القهر والألم من الشرق إلى الغرب، فالبلد الذي عافاه الله من الحروب والقتل والتشريد تجده يعاني من صرخات الفقر والمآسي، أما الأول فتتحدث عنه بلغة يعصرها الألم.

إذن، فإن أوجه الخير لا حصر لها وتنتظر يدا بيضاء، والحالات لا تحتاج لشرح أو توجيه، وتبدو واضحة أمام الجميع من دون بحث مطول لمعرفة من يعاني أكثر من الآخر في مختلف بلاد العرب. في عالم الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص تكون اللفتات الخيرية الإنسانية أشد وقعا و"رطوبة" في القلب إن حدثت.

لو ألقينا نظرة على ما ينشر في صحف الغرب أو أوروبا تحديدا باعتبارها أكثر قارة تحظى بمتابعة نجوم كرة القدم؛ لوجدنا عشرات اللفتات الإنسانية والخيرية. لا خلاف أن الفارق شاسع بيننا وبينهم، إذ إن الألم أحيانا لا يفرق بين إنسان وآخر، فكلٌ لديه ما يكفي من الآهات ودموع القهر بسبب الحزن والظروف المأساوية.

رونالدو وميسي ونجوم آخرون كثر يعرفهم الصغير قبل الكبير يحظون بثروات طائلة، لكن الفارق هنا ما تشعر به حينما تسمع بأن ميسي لديه مؤسسات خيرية أو قدم تبرعا سخيا لمسقط رأسه على أقل تقدير، ورونالدو لا يقل شأنا عنه.

حينما يقوم لاعب منتخب البرتغال وأفضل لاعب في العالم خمس مرات بنشر فيديو يتضامن فيه مع أطفال "الغوطة" بدمشق تعقيبا على ما يتعرضون له، وتذوّقهم طعم الموت الذي لا يفرق بين أحد يوميا، فذلك يشعرك بدفعة معنوية بسيطة جدا لتضامن نجم مع شهداء يموتون، يجمعنا معهم دين وعرق ولغة ضاد؛ وتشعر بالخجل حين تسأل نفسك وتقول أين نجوم الكرة العرب من هذا؟!

وغير بعيد، نجد أبرز أساطير ولاعبي الكرة الأفريقية، على غرار الإيفواري ديديه دروغبا والكاميروني صامويل إيتو والقائمة تطول، يبذلون كثيرا من اللفتات الإنسانية والخيرية تجاه بلدانهم، بل وبلدان مجاورة في القارة السمراء، تماما مثلما حدث مع إيتو وكشف عنه مؤخرا مع الشاب الفقير في كوت ديفوار قبل نحو 10 سنوات حين قلب حياته رأسا على عقب بمساعدة بسيطة جدا، وبمبلغ زهيد بالنسبة لنجوميته وشهرته.

لماذا يغيب اللاعبون العرب عن تلك المشاهد، رغم أنهم يتقاضون أموالاً بأضعاف مضاعفة مما يحصده أي شخص يمتهن أفضل عمل في البلاد العربية؟

النجم العربي سفير ومطالب بأن يساهم بالكثير، وألا يتجاهل ما يحدث حوله ولو "بتغريدة" على صفحات التواصل الاجتماعي، فهو "بديهيا" قدوة للشبان وصاحب شهرة ونجومية، ويستحق منه الجمهور أن يرى ويسمع الكثير من الأعمال الخيرية وألا تكون "طي الكتمان" فالأمر هنا مختلف تماما.

لا ننكر أيضا أن للسياسة دورا في تحريك هذا النجم أو ذاك، لكن في جوانب عدة سيجد مجالا لأن يضرب فيه سهما للخير لمجتمعه ولأبناء وطنه العربي الذي ملّ من الأنين، ونشجع عليها ونشد من أزر صاحبها حتى يكون قدوة لغيره، ومن يدري فربما يظهر أحدهم ليكشف جزءا من الأعمال الخيرية التي يقوم بها هذا اللاعب أو ذاك؟

عمل الخير معروف ومعلوم في كل الكرة الأرضية لا ينكره أي إنسان، ولتكن تلك الكلمات رسالة للنجوم العرب أينما حلوا وارتحلوا، لأن يكونوا قدوة قولا وفعلا لكل الجماهير وعشاقهم من صغار السن والشبان بمختلف توجهاتهم وفئاتهم.
دلالات
المساهمون