نجمات الخليج: موسم الهجرة من الشاشة نحو مواقع التواصل

24 يوليو 2020
أعلنت الفنانة صمود الكندري اعتزالها التمثيل والاتجاه إلى الإنتاج (فيسبوك)
+ الخط -

غيّرت وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من المفاهيم وآليات التعامل واختيار النجوم في الوسط الفني الخليجي، وأدت بكثير من الفنانين إلى الاعتزال المؤقت عن الفن بسبب تدني الأجور مقارنة بما يجنونه من إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي، كما أنها ساهمت بأفول نجم الكثير من الفنانين وسطوع نجم آخرين بسبب عدد متابعيهم. تحول كثير من الفنانين والفنانات إلى "فاشينيستات"، يعرضون المنتجات والسلع الخاصة بالعناية بالبشرة والماكياج، إضافة إلى الترويج للمطاعم والمقاهي ورحلات السفر الجماعية في وسائل التواصل الاجتماعي، بدلاً من كونهم فنانين، وذلك بعدما حصلوا على شهرة كبيرة من خلال هذه الوسائل، إضافة إلى أنهم يحققون دخلاً شهرياً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أكثر بضعفين في بعض الحالات من دخلهم السنوي خلال عملهم في المسلسلات والمسارح. أدى هذا التحول الكبير من قبل الفنانين، واهتمامهم بمصدر دخلهم الأساسي الحالي، وهو الإعلان في وسائل التواصل الاجتماعي، إلى اضطرار الكثير منهم لتسجيل يومياتهم المصورة في تطبيقات إنستغرام وسناب شات، وتحولت الكثير من الممثلات إلى "خبيرات تجميل"، وكثير من الفنانين أصبحوا خبراء في التنمية البشرية والنصائح الدينية والنفسية. اتجه الممثلون والممثلات الخليجيات إلى استعراض سياراتهم الفارهة ورفوف الملابس باهظة الثمن والعطور والمجوهرات التي حصلوا عليها من خلال دخولهم العالية التي تأتي من الدعايات اليومية التي يقومون بها.
كما أهمل الممثلون أعمالهم الفنية والدرامية، حيث فضّل بعضهم التقليل من معدل ظهوره في الأعمال الفنية، فيما اختار آخرون الاتجاه للإنتاج الفني والاكتفاء بالشهرة الكبيرة التي حظوا بها في وسائل التواصل الاجتماعي.

من جهتها، أعلنت الفنانة صمود الكندري اعتزالها التمثيل والاتجاه إلى الإنتاج، مع الاكتفاء بخطوط الأزياء والمكياج التي تبيعها عبر الإنترنت، والتي تحقق لها ثروة كبيرة مع زميلاتها الفنانات.

في المقابل، فضلت الممثلة الصاعدة شوق الهادي الانسحاب بهدوء من الوسط الفني والتركيز على مهنتها كـ"فاشينيستا" وعارضة أزياء في وسائل التواصل الاجتماعي، مبررةً انسحابها، سابقاً، بعدم وجود دور يليق بها في المسلسلات التي تُعرض عليها. لكنّ الهادي أعلنت عبر حسابها على "إنستغرام"، قبل أيام، بدء تصويرها مسلسلاً، مشيرةً إلى تفاؤلها بالشخصية التي تلعبها.

وأطلقت الهادي مع شقيقتها فرح، التي لا تزال تعمل في التمثيل، سلسلة من العطور ومنتجات الماكياج وخط ملابس وأزياء، إضافة إلى تحولها إلى وجه دعائي لمنتجات البشرة العالمية في الشرق الأوسط. وقالت أحلام حسن، وهي فنانة كويتية وأستاذة في المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت، في مقابلة لها مع صحيفة كويتية: "نحو 70 في المئة من الممثلات يجب أن يتركن التمثيل ويعملن في الترويج الإعلاني عبر المواقع الإعلامية". أضافت: "اختيار الممثلة حالياً لم يعد يعتمد على موهبتها وقدرتها الفنية، بل مع الأسف على عدد متابعيها على حسابها في إنستغرام، ويجب على نقابة الفنانين تفعيل قوانينها لينتهي هذا الأمر".

يعمل محمد الكندري كمدير تسويق في إحدى شركات الدعاية والإعلان الكبرى في الكويت، والتي تدير أعمال الكثير من مشاهير التواصل الاجتماعي، ويقول في حديث إلى "العربي الجديد": "أذكر عندما عرضنا أول عقد تعاون مع فنانة متوسطة النجومية في عام 2014، وقلنا لها إن هذا سيكون دخلها الشهري من الدعايات والرعايات، قالت لي إن هذا أكثر مما جنته طوال مسيرتها الفنية التي كان عمرها في ذلك الوقت 10 سنوات. لم تكن تصدق ما عرضناه وكانت تظنه برنامج كاميرا خفية". يضيف الكندري: "لقد نقلت وسائل التواصل الاجتماعي هؤلاء الفنانين من حياة إلى حياة أخرى، كان بعضهم يجني 20 ألف دينار كويتي (ما يعادل 65 ألف دولار أميركي)، من خلال العمل في ثلاث مسلسلات في موسم فني كامل، أما اليوم فإنه يجنيها خلال أقل من شهر، ولا يمكن لأحد أن يلومهم على إهمال عملهم الأساسي الذي هو التمثيل". تدخلت وسائل التواصل الاجتماعي في عمل المخرجين والمنتجين، إذ بات المنتجون يختارون أسماء الممثلين بناء على شهرتهم في إنستغرام وسناب شات، وعدد متابعيهم ومدى ولاء جمهورهم عبر الإنترنت لهم.

سينما ودراما
التحديثات الحية

وقال مهدي الفضلي، الذي عمل كمنتج منفذ في ثلاث شركات فنية كبرى في الكويت، لـ"لعربي الجديد"، إن قواعد اللعبة تغيرت، وإن الفنانين الذين كانوا نجوماً متوسطين وكان يُنظر إليهم نظرة دونية في الوسط الفني، باتوا من ذوي الأجور الأعلى بسبب عدد متابعيهم. وعن مدى علاقة عدد المتابعين للفنان باختيار المنتج له في العمل، يقول الفضلي: "هناك نجوم الصف الأول الذين لا يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تؤثر عليهم، مثل حياة الفهد وسعاد عبد الله وإلهام الفضالة، وهناك الصف الثاني الذي تبدّل تماماً بعد ظهور هذه التطبيقات، فأنا شخصياً أعرف فنانة تتقاضى 10 أضعاف ما كانت تتقاضاه قبل شهرتها في سناب شات، رغم أن أدوارها لم تتغير وحجم وجودها في العمل لم يزد أو ينقص".
لكن التأثير الأكبر لعدد المتابعين يكمن في المسرح، إذ يعمد منتجو المسرحيات في الكويت، التي تعد الدولة الأكثر إنتاجاً للأعمال المسرحية في الخليج سنوياً، إلى اختيار الفنانين بناء على عدد متابعيهم. يقول الفضلي إن المهم في المسرحيات هو التذاكر المباعة، ولو جلب المنتج نجماً في إنستغرام يملك مليون متابع، وحضرت نسبة أقل من 1% من هؤلاء إلى المسرح دعماً لنجمها المفضل، أو رغبة في مشاهدته، فإن هذا يعني ثروة كبيرة للمنتج وربحاً مضموناً له.

المساهمون